في ظل درجات الحرارة المرتفعة، وأجواء العطش والجزع في الشهر الكريم، ونيران الفرن الملتهبة، يعمل الجميع من أجل تقديم الخبز للصائم، فهو الوجبة الرئيسسة في حياة المصريين في الإفطار والسحور في الشهر الكريم. وفي فرن "أرض اللواء" كان العمل الجماعي هو الميزة التي تجمعهم، وابتسامة الرضا لا تفارقهم، فالخباز يصب الماء على الدقيق، ثم يمر به على مرحلة التخمير، لتأتي مراحل أخرى في خبز العجين وإعداده قبل الدخول للفرن، والخروج في شكل خبز طيب ينتظره الصائمون على طعام الإفطار والسحور. شباب في أعمار الزهور، وعجائز بلغوا من الكبر عتيا، إلا أنهم ما زالوا يعملون من أجل الرزق، وأمام حرارة الفرن، هناك من تقوى عزيمته ويظل صائما، وهناك من لا يستطع فيفطر من أجل الصائمين. العمل يبدأ من الفجر، ويتواصل طوال النهار والليل، فقبل الإفطار يكون هناك الإقبال الكثيف على الخبز، وكذلك في فترة السحور، وسط عمل مرهق وشاق، بين الخبز والعجن، ونار الفرن تتصبب كميات من العرق، لا يتحملها الفرد غير المعتاد على هذا العمل لدقائق، فما بالك فمن يصمدون أمام النار لساعات طويلة. ويقول أحد الشباب في حديثه، "العمل في الفرن صعب، حرارة ونار ومخاطر كثيرة، ولكن أكل العيش"، أما الفران الكبير في السن، فيقول "مش بقدر أصوم في رمضان لأني كبرت ومبتحملش النار، لكن ربنا بيجزينا خير، ومعانا رخصة لأننا بنخدم الناس".