غرفة لا تتعدى أبعادها ثلاثة أمتار، سرير فى أحد جوانب الغرفة الصغيرة استخدمته سلمى على عكاشة، الحاصلة على المركز الثانى على مستوى الجمهورية أدبى، لتنال قسطاً من الراحة لا يتعدى الساعتين يوميا، أصبح هذا السرير متحفاً لعرض شهادات التقدير التى حصلت عليها «سلمى» على مدار سنوات تعليمها، إلى جانب أكثر من 150 قلم جاف استهلكتها «سلمى» خلال العام الدراسى السابق، وبعض النقود التى كتب عليها إهداءات لها من قبل معلميها. «سلمى»: خلصت 150 قلم جاف السنة اللى فاتت وفخورة بنجاحى.. ووالدتها: كانت مخططة لنفسها صح وحرمت نفسها من الخروج خرجت «سلمى» من هذه الغرفة الصغيرة الواقعة داخل شقة متواضعة فى الدور الخامس فى إحدى عمارات شارع المطرية بمنطقة الزيتون، إلى عالم أكثر اتساعاً وأكثر ترحيباً بها وبجميع المتفوقين أمثالها، بعد رحلة صبر وجلد وإصرار، كللت بنجاح منقطع النظير، جعلت منها محط اهتمام وسائل الإعلام، رحلة تعلمتها «سلمى» من والدها على عكاشة، صاحب معرض الأثاث فى محافظة القليوبية. فى أحد أركان البيت، جلس والد سلمى، يستريح من تعب يوم طويل من العمل فى غرفته وغافله النوم إلى أن استيقظ على رنة هاتفه الخاص بمكالمة من وزير التعليم يسأله: «انت والد سلمى؟ آه أنا باباها، ألف مبروك سلمى نجحت وجابت الثانية على الجمهورية»، لم يصدق ما سمع وكأنه فى حلم جميل لا يريد الاستيقاظ منه، لينادى بأعلى صوته: «سلمى إنتى نجحتى، الوزير عايز يكلمك»، لتأتى «سلمى» وتسمع البشرى من والدها، ثم تتحدث إلى الوزير، يقول أبوها: «أنا حاسس إنى بحلم والله، مش قادر أصدق». بعد أقل من ساعة اجتمعت الأسرة بأكملها تهنئ «سلمى» التى لم يروها منذ عام كامل، بعدما عكفت على الدراسة فى منزلها وحرمت نفسها من مشاركة أهلها أياً من المناسبات التى حدثت خلال ذلك العام. تتحدث «سلمى» عن أيام الثانوية العامة، فتقول: «كنت بذاكر كل يوم 12 ساعة، أصلى الفجر، وأفضل أذاكر لغاية الساعة 8، وبعدها أنزل أروح الدروس وأرجع تانى أذاكر، وقبل الامتحانات مكنتش بكمل ساعتين نوم». دخلت «سلمى» نظام الامتحانات الجديد «البوكليت»، وهى على أمل كبير أن تستمر فى مسيرة النجاح التى حققتها منذ دخولها المدرسة: «من وأنا فى سنة أولى بطلع الأولى، والحقيقة كنت داخلة الامتحان وخايفة، لكن لما لقيت نظام البوكليت ده كويس ومفيش غش والوزارة موفرة لنا الأمان مخفتش خالص واطمنت، والحمد لله ربنا وفقنى وكنت من الأوائل، أنا بشكر كل المدرسين وكل اللى وقفوا جنبى، وطبعاً بشكر الوزير اللى قدر يقضى على الغشاشين». تخطط «سلمى» لمستقبلها قائلة: «إن شاء الله هدخل إعلام إنجليزى وهكون دكتورة فى الجامعة وهعمل برنامج فى التليفزيون، وهوصل لكل اللى أنا عايزاه، بلدنا حلوة ومليانه خير واللى عايز يوصل لحاجة بيوصل لها». تقرأ «سلمى» روايات كثيرة، ولديها كاتبها المفضل بحسب قولها، وهو الكاتب أحمد مراد، وكتابات أحمد يونس «المرعبة» على حد وصفها، ولديها خطة لقراءة كل روايات نجيب محفوظ بعد أن قرأت له رواية واحدة «بداية ونهاية». تشعر رباب، والدة سلمى التى تعمل مدرسة لغة عربية بالفخر نحو صغيرتها التى رفعت رأسها على حد قولها: «سلمى كانت عارفة طريقها ومخططة له صح.. وأتمنى أن كل أم تدى مساحة لبنتها أو ابنها أنه يخطط لنفسه علشان يشوفوا نتيجة ده قدام عينيهم».