تشهد الكويت يوم السبت المقبل انتخابات برلمانية هي الثانية خلال عام واحد والثالثة خلال عامين، بعد أن تم إبطال مجلس ديسمبر 2012 بحكم المحكمة الدستورية في 16 يونيو الماضي؛ لوجود خلل يشوب النظام الانتخابي، كما تجرى الانتخابات للمرة الثانية وفق مرسوم نظام الصوت الواحد، الذي أصدره أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في أكتوبر 2012، ونص على تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم من أربعة في القانون السابق إلى مرشح واحد فقط. بلغ عدد المرشحين للانتخابات النيابية الكويتية 321 مرشحًا بينهم 8 مرشحات، لانتخاب 50 منهم كممثلين للشعب في المجلس الرابع عشر على مستوى البلاد، فيما بلغ عدد الناخبين المسجلين ما يقارب نصف المليون، أكثر من نصفهم من النساء، حيث بلغ عدد الناخبين 400 ألف و296 ناخبا وناخبة، منهم 184 ألفا و996 ناخبا، و215 ألفا و300 ناخبة. ويخوض الكويتيون السبت المقبل تجربة ديمقراطية غير مسبوقة تتمثل بتزامن انتخابات مجلس الأمة 2013 مع حلول شهر رمضان المبارك؛ للمرة الأولى من نوعها في البلاد، منذ انطلاقة الحياة البرلمانية عام 1962، كما تتزامن مع دخول فصل الصيف والسفر والإجازات، ولذلك تتميز هذه التجربة الانتخابية بأبعاد مختلفة الاتجاهات والتساؤلات المرتبطة بشكل ومدى الإقبال المرتقب عليها سواء كان اقتراعا أو مشاركة في الندوات الانتخابية، خصوصا لجهة تنظيم الوقت والجهد للناخبين وللمرشحين في شهر يتميز بتفرغ الجميع خلاله إلى العبادات أو ما يرتبط به من عادات اجتماعية. وتباينت آراء الأكاديميين المتخصصين بين مؤيد لفكرة أن تغييرًا ما سيطرأ في هذه التجربة لناحية مدى حماسة وإقبال الناخبين، وبين من يرى خلاف ذلك وبأنها ستكون كما سابقاتها من تجارب انتخابية، بينما تريث ثالث في حكمه معتمدا في ذلك على انتظار تطبيق التجربة عمليًا. وقال أستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون "من الطبيعي أن يكون هناك من يؤيد المشاركة في الانتخابات في ظل أجواء شهر رمضان المبارك ومن يعارض ذلك"، معتبرا أن تزامنها مع الشهر الفضيل سيكون في مصلحة المرشحين ولن يتعارض ذلك أبدا مع العملية الانتخابية. من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور خالد الشلال إنه لم يمض على الانتخابات الماضية فترة طويلة أي منذ ستة أو سبعة أشهر، وهي فترة ليست كافية لاستقطاب الناخبين بشكل كبير خصوصا في شهر رمضان المبارك. وأضاف الشلال أن كثيرًا من الناخبين ربما يحتفظون في أذهانهم بأسماء معينة، كما لا يزال أثر الحملات الانتخابية السابقة حاضرًا لديهم والفترة المذكورة قصيرة جدا، ولا تحتاج إلى عمل تجمعات أو فطور ودواوين وندوات وغيرها من الأمور. بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الغانم، إن قضية الانتخابات في شهر رمضان المبارك تجربة جديدة وتعطي الناخبين والمرشحين خبرة في التعامل مع أي ظرف جديد وكيفية استحداث آليات جديدة لاستقطاب الناخبين، خصوصًا أن الشهر الكريم يشهد انشغال الكثيرين بأداء العبادات وأمور أخرى اجتماعية وحياتية قد تلهيهم عن المشاركة الانتخابية، وستظهر مدى قدرة المرشحين وكوادرهم وقواعدهم الانتخابية على استحداث آليات جديدة للاستقطاب في ظرف ربما لا يكون مشجعًا على حضور الانتخابات. وتتميز الانتخابات الكويتية بتعدد وسائل الاتصال مع الناخبين بين الخيام الانتخابية والجولات في الدواوين المختلفة واستعمال وسائل الاتصال الاجتماعي التى تأخذ حيزًا كبيرًا من اهتمام المرشحين؛ نظرًا لانتشارها بين الشباب، وأصبح (تويتر) سوقا رائجة في (بورصة) انتخابات مجلس الأمة المقبلة، ما دفع بعض أصحاب الحسابات في هذه المواقع إلى الاستفادة من الإقبال الكثيف عليها، وجعلها مهنة يتكسبون من ورائها، وباتت انتخابات مجلس الأمة تمثل طريقا سريعا للربح لدى كثير من المغردين، خصوصا المشهورين والمعروفين منهم، حتى لجأ بعض المرشحين إلى التعاقد مع هؤلاء المغردين لعمل دعاية لهم عبر تغريدات يومية مؤيدة لهم تستمر حتى يوم الاقتراع مقابل مبالغ مادية تتراوح بين 30 و35 ألف دينار للمغرد الواحد. وأطلق الكاتب الكويتى طارق إدريس حملة (لا تقاطع) وهى حملة وطنية لدعوة الشعب إلى التصويت يوم السبت المقبل؛ لأن المقاطعة التي تتبناها المعارضة منذ انتخابات المجلس السابق، تعد تخريبا للنظام الدستوري والديمقراطي الذي وضع أساسه منذ العام 1962. بينما يرى بعض المراقبين أن المشاركة في انتخابات يوليو ستكون الأوسع والأكبر، خاصة بعد تحصين مرسوم الصوت الواحد، وانتفاء حجج المعارضة في المقاطعة، والتي استندت إليها في الانتخابات الماضية، وأن المرسوم الأميري باطل وعدم دستوري، وسيكون الصراع واضحًا ما بين أعضاء المجلس المبطل الأخير، وما يحملونه من إنجازات تشريعية واضحة، وبين العائدين وفق حكم المحكمة الدستورية، وعددهم ليس قليلا ، والعناصر الجديدة التي تأمل في حجز مقعد هنا أو هناك، ويبقى الصندوق هو الحاسم في النهاية. وتتركز برامج المرشحين على رفع عدد أعضاء المجلس في الدورات المقبلة والدعوة للتحول للملكية الدستورية وتعدد الأحزاب وتفعيل التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية، كما تهتم بعدد من المطالب المتكررة على مدى المجالس السابقة ومنها زيادة الرواتب والحد من ارتفاع الأسعار ودعم الرعاية الصحية وحل أزمة البطالة ومحاربة الفساد الإداري. ويتألف مجلس الأمة من خمسين عضوا موزعي في خمسة دوائر انتخابية، ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا لقانون الانتخاب، ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم ولا يزيد عدد الوزراء جميعًا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة ، ومدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة. والكويت حاليا مقسمة إلى 5 دوائر يتم انتخاب 10 نواب عن كل دائرة وكان لكل ناخب الحق بالتصويت لمرشح واحد طبقا للمرسوم الأميري الصادر في أكتوبر 2012 ، ويحق للمواطن متى ما أتم عمره 21 سنة أن ينتخب، ولا يحق للعسكريين أن ينتخبوا باستثناء أفراد الحرس الوطني. ويحق لأمير الكويت أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد، ولا يجوز حل المجلس في فترة إعلان الأحكام العرفية. وتعيش الكويت أجواء الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة خلال عامين، لتثبت حالة من الثراء الفكرى والاجتماعي، واحترام للقانون وأحكام المحكمة الدستورية، فمهما بلغت الخلافات السياسية وتباينت الآراء في الكويت فالقانون هو الحكم والفيصل وصاحب الكلمة الأخيرة، ليعود الشعب بأكمله إلى المسار الديمقراطي الذي انتهجه طوال نصف قرن.