أيها الشعب المصرى العظيم، يا من سطرت عبر التاريخ آيات العز والفخار، نوجه لك هذا البيان، نحن شباب جماعة «الإخوان المسلمون»، عشنا ما عاشه كل المصريين من قهر وفقر واستبداد، تصورنا بانتمائنا للجماعة أننا نستطيع العمل بشكل جماعى، على تمكين قيم ديننا الحنيف من نفوس كل المصريين، بما يصنع المواطن الصالح كريم الأخلاق، الجاد فى عمله من أجل وطنه، اعتقدنا اعتقاداً راسخاً أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فحاولنا أن نستقيم على منهج الله خلقاً واعتقاداً وسلوكاً، ارتبطنا بتلك الجماعة ظناً منا أنها تعمل لله وللوطن، حتى صدمنا هذا المصير البائس بعد عام من حكم الإخوان لمصر، عدنا بالذاكرة لنتأمل مسيرة تلك الجماعة عبر ثمانية عقود ونصف من عمرها ويا لعجب ما اكتشفنا. تلك الجماعة التى ذاع صيتها، لم تكن يوماً جماعة إحياء إسلامى حقيقى، أو منارة تهدى السالكين كما اعتقدنا سوى لعشر سنوات فقط من عمرها، فى الفترة من 1928 وحتى العام 1938 حيث فى هذا العام تسلطت الشياطين على نفس المؤسس، وسولت له ارتكاب الخطأ الفادح الأول، وهو الانتقال من ميدان الجهاد الأكبر إصلاح النفوس والأفئدة ثم دفعها إلى ميادين الحياة والاستخلاف حيث الدعوة والتربية، إلى ميدان الصراع الضارى المفتوح، الذى هلكت فى ساحاته عبر التاريخ الطويل، أعز وأخس النفوس، ميدان السياسة ومؤامراتها ومناوراتها وكيدها الفاجر، أعلن الرجل عن خطته للوصول للحكم بعدما ظن أنه قد امتلك العدد والعدة، ليرتكب الخطأ الثانى وينشئ تنظيماً مسلحاً سماه النظام الخاص، بالطبع برر الرجل إنشاءه بمواجهة عصابات اليهود فى فلسطين والإنجليز فى القنال، ولم يثبت تاريخياً أن هذا التنظيم قد حقق شيئاً يذكر فى هذه الميادين، حيث انشغل بالحرب مع مواطنيه فى الداخل أفراداً وحكومات، وسطر التاريخ جرائمه النكراء، التى دفعت الشيخ حسن البنا نفسه لوصف من فعلها بقوله ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين». مع جرائم النظام الخاص انكشفت لدى المصريين أغراض الجماعة، فتراجع التأييد الشعبى لها، وبموت حسن البنا سيطر النظام الخاص للجماعة على مسيرتها، وصبغ حركتها بمكنون أفكاره السوداء الصدامية التى تجسدت فى علاقة ثورة يوليو مع الإخوان، ودفعها دوماً إلى مساحة الصدام، وظل رجال النظام الخاص ينطلقون فى كل حركتهم من تناقض الجماعة مع المجتمع، ووسمه بالجاهلية وتأكيد العزلة الشعورية والوجدانية بينهم وبينه، حتى أصبحنا نحن الشباب بفعل برامج التربية التى تحقق ذلك نحيا فى عوالم من صنع خيالنا، ونحلم بعيداً عن أحلام أبناء وطننا، وعندما انفصلت مشاعرنا وآلت إلينا أمور حكم هذا الوطن العزيز، تعززت القطيعة بيننا وبين الشعب، لنتحول بالفعل إلى طائفة دينية ترى ما لا يراه الناس، وتحلم بوطن آخر، وعندما توقفنا للحظات مع مشهد الدماء التى سالت لمصريين من الجانبين، أدركنا أن تلك الدعوة التى تحض على سفك الدماء وتهدد استمرار الوطن، ليست منا ولسنا منها، آن الأوان لنخلع بيعتنا لهذه الجماعة، ونعود لنبايع الوطن على أن نكون جنوداً فى معركة البناء، آملين أن تتسع لنا أحضانه، كما اتسعت دوماً عبر تاريخه، كانت السطور السابقة لبيان تمنيت أن يكتبه شباب الجماعة قبل فوات الأوان، فهل تتحقق الأمنية.