تابع الملايين خطاب أول رئيس "مدني" منتخب ألقاه من قلب ميدان التحرير، في مشهد له دلالاته الرمزية والثورية المفضية لتداعياته. فجاء ووقوف د.مرسي على منصة تزخر بشعارات الرفض للإعلان الدستوري المكمل ومشاركته المتظاهرين بالهتاف وتأكيده عدم التفريط في صلاحياته التي يستمدها من إرادة الشعب ليحمل دلالات أنه د.مرسي يمتلك "ظهيراً شعبياً" يتلمس اصطفافاً وطنياً "مدنيا" في مقابل المجلس العسكر. وفي محاولة منه لإظهار نفسه كرئيس لكل المصريين لا يسعى لتصفية أي حسابات أرسل مرسي رسائل طمأنة– في خطابي التحرير وجامعة القاهرة - لقطاعات من المجتمع كانت قد أعلنت أكثر من مرة تخوفها من وصوله للرئاسة (كالفنانين، والعاملين بقطاع السياحة، ومن صوت للفريق شفيق)، وهو نفس المعنى الذي أكد عليه خلال اجتماعه بقيادات وزارة الداخلية، فمثل هذه الرسائل تعد عاملاً مهما في هذه المرحلة وحافزاً للمصالحة والاستقرار. ومن ناحية أخرى سعى مرسي للخروج من مأزق "أداء اليمين الدستورية" عن طريق أداءه اليمين ثلاث،"الأولى" في ميدان التحرير، و"الثانية" في المحكمة الدستورية أمام هيئتها العامة كإجراء قانوني شكلي لاستيفاء متطلبات الإعلان الدستوري المكمل،أما "الثالثة" فكانت أمام نواب مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى وأعضاء الجمعية التأسيسية للدستور بالإضافة إلى رموز وطنية وسياسية وثورية وأهالي الشهداء بجامعة القاهرة وذلك في مشهد يسرد كل ملامح المصالحة الوطنية التي دعت لها كل القوى المصرية خلال الأسبوعين الأخيرين. وفي أول خطاب رسمي بعد أداءه اليمين، وجه مرسي رسائل مركزة في كلماته التي ألقاها تحت قبة جامعة القاهرة. فعلى الصعيد الداخلي،أكد على تقديره للقوات المسلحة ورجالات الشرطة والقضاء، كما شدد على وجوب عودة القوات المسلحة لمهامها الأساسية لحماية أمن الوطن وحدوده وضرورة عودة المؤسسات المنتخبة الأمر الذي قد يشير لاتفاق ضمني حول عودة مجلس الشعب بثلثيه، وهو ما يستوجب أن تكون عودته وفق إجراءات قانونية سليمة إعلاءً لقيمة القانون وأحكام القضاء. أما على الصعيد الخارجي، فقد أرسل الرئيس محمد مرسي رسائل شديدة الوضوح للنظم العربية المحافظة تحديدا "دول الخليج العربي" أنه لا نية لتصدير الثورة وأن مصر لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى وفي المقابل يجب على الدول الأخرى ألا تتدخل في شؤون مصر الداخلية، كما بعث برسالة أخرى للولايات المتحدة وإسرائيل يؤكد فيها على احترامه للاتفاقات الدولية وتعزيز السلام على ألا يعوق ذلك دعمه لحقوق الفلسطينيين وللشعب السوري في ثورته.