"المتحول جنسيا" تلك الكلمة التي تشعر كل من يقرأها بالاشمئزاز والنفور، وربما تدفع قارئها لعدم قراءة السطور القادمة، لكن لم يفكر أحد في المعاناة التي يعيشها هذا الشخص الذي يولد بعيب خلقي، وتحمله نظرة المجتمع بصراع مع النفس للاختيار بين مواجهة مجتمع لن يرحمه وبين التعايش فى جسد شخص لا يشبهه. يقول الطبيب طارق أنس المتخصص فى أمراض الذكورة إن المريض يلجأ للتحول الجنسى بعد وصوله مرحلة البلوغ، فتظهر عليه علامات بلوغ الجنس الآخر وليس علامات جنسه، لا يجد الشخص أمامه سوى مواجهة المجتمع وإجراء عملية تحوله إلى الجنس الآخر. يرتبط بدء رحلة التحول بحكم يصدر من المحكمة يتعلق فيه أمل الشخص في حياة سوية يشعر فيها بالتصالح مع ذاته، فإما أن يصدر الحكم بأنه سوىّ ولا يحتاج إلى تحول، أو يعلن الحكم عن بدء رحلة التحول لأنه يعاني من عيب خلقي، ويقدر الدكتور طارق مدة الرحلة بأربع سنوات، يقوم خلالها المريض بممارسة حياته كأنه ذلك الشخص الذي تمناه، فيتحدث بصيغة الجنس الآخر ويرتدى ملابسه بالتوالي مع جلسات الطب النفسي التى تؤهله لذلك، ثم أخيرا مرحلة إجراء عملية تحويل العضو التناسلي. أما النوع الثاني فيعطيه القدر فرصة الاختيار، يعاني الشخص من مشكلة فى هرمونات عقله التي تكون غير متوافقة مع نوع جسده، فيشعر الرجل أنه يريد أن يتعامل كامرأة والعكس بالعكس. يقرر الشخص أن يختار بين مواجهة المجتمع ومواجهة ذلك الصراع داخل نفسه ويتعايش معه. في كل الأحوال يدخل الشخص العملية وهو متأكد من نجاحها، ومضحٍ بفكرة الإنجاب. وبدأ بالفعل المتحولون فى المجتمع المصري في كسر حاجز الخوف من مواجهة الأهل والخجل من نظرات المجتمع، فقرروا الإفصاح عن نفسهم وإشهار مرضهم فى شجاعة تحسب لهم، وأشهرهم: سيد تحول إلى سالي السن:2 المكان: محافظة القاهرة أخذت المبادرة وقررت مواجهة مجتمع لم يسمع عن تلك الحالات من قبل عندما قرر سيد أو سالي أن تفصح عن هويتها التي أخفتها طويلا لتعرف المجتمع المصري على نوع جديد من الجرأة والثورة المجتمعية معلنة أن لديها عيبا خلقيا يستدعي تحولها إلي فتاة. وقررت أن تقوم بأكثر الأعمال أنوثة وهى الرقص لتثبت للعالم كله أنها فتاة وليست جنس ثالث كما زعم الأزهر وقتها. سالي فتاة عشقت منذ صغرها اللعب بالعرائس وتمنت أن ترى نفسها في مظهر الفتاة التي ترتدى فستانا وتتباهى بشعرها الطويل، لكن لم يشفع لها سوى علامات الأنوثة التي فضحت ميولها وأجبرت أهلها للخضوع لقضاء الله. هبة تحولت إلى أحمد السن:15 عاما. المكان: محافظة المنصورة. ترك دراسته وهو فى الصف الخامس الابتدائى لأنه ببساطة لا يستطع التأقلم مع مظهره الخارجى الذي يوحي لكل من حوله أنه فتاة، ذلك المظهر الذي يفرض عليه التعامل برقة، وحب لعب البنات، ولبس ملابس معينة لم تشعره بتلك الراحة. أصابه التعليم بضيق فقرر الهروب إلى مجال العمل حتى لا يشعر بذلك الاختلاف في التعامل بين ولد وبنت، عمل فى مصنع للبسكويت والكعك مستسلما لذلك المجتمع الذي أجبره على كتمان سره بداخله والتعامل مع الصيغة المؤنثة وكأنها أساس لحياة طفل حرم من اللعب بالكرة، وبدأ التعامل كرجل نضج سريعا وتحمل المسئولية ودخل مجال العمل وكسب المال. كانت علامات البلوغ التى لم تظهر عليه طوق النجاة من كابوس كلمة "هبة" التي طاردته في كل مكان، وصل إلى عمر الخامسة عشر الذي يؤهله للزواج تبعا لعرف قرية بلقاس، لكن لم تظهر عليه علامات الأنوثة فقرر والده الذهاب به إلى طبيب، ليكتشف المفاجأه أن بنته هبة لا تنتمي إلي عالم البنات والأنوثة، وتحول الموقف بدلا من البحث لها عن عريس إلي البحث عن عروسة. قررت هبة أن تواجه ذلك المجتمع الذي يوجه إليها أصابع الاتهام بقوة وشجاعة "لأن مفيش راجل بيتكسف". إسلام تحول إلى نور السن:22 المكان: محافظة أسيوط قررت نور أن تحقق رغبتها فى أن تعيش كفتاة تتمتع بأنوثتها وتعرف نفسها بصيغة المؤنث، فسافرت من الإسكندرية إلى أسيوط لتجري عملية التحويل. لم تلبث أن نجحت عمليتها حتى انقضت الشرطة على المستشفى لتكتشف أن الطبيب قد أجرى العملية دون ترخيص بذلك من نقابة الأطباء، ما يعرضه للمساءلة القانونية. شغل الحادث الصحافة فى 2010، كما أثار قلق نور بشأن معاملة الطبيب لها بعد أن تعرض بسببها للمساءلة القانونية، فطلبت نقلها من تلك المستشفى، بخاصة وأنها تلقت رعاية صحية سيئة أدت إلى تدهور حالتها الصحية. إيمان تحولت إلى أيمن السن:في مرحلة المراهقة المكان: محافظة الشرقية شهدت محافظة الشرقية مؤخرا تحول الطفل إيمان إلي أيمن، لكن اختلف رد فعل أهله الذين فرحوا كثيرا بتلك العملية متباهين بتحول ابنتهم إلى ابن "يحمل اسم العيلة" بدلا من فتاة تتزوج وتنتهي علاقتها بأهلها فلا تحمل سوى اسم زوجها وليس اسم أبيها. تلك العصبية العائلية هى التى شفعت لتلك الطفلة وشجعت هذا المجتمع على تقبلها ففرحت القرية، وتفاخر أبوها بنجاح العملية.