عندما علمت بالخبر المشئوم لم تبكِ طويلا، كتمت حزنها فى قلبها وقررت أن تدوس على مشاعرها وعواطفها وأن تتصرف بحكمة وعقل. ذهبت «سيدة» إلى زوجها وصارحته: «أنا عرفت النهارده إنى ما بخلفش». صدمة الخبر كانت أكثر وقعا على زوجها الذى صمت طويلا ولم يتحدث إلا عندما أكدت له زوجته أنها لن تمانع فى زواجه مرة ثانية، بل ستبدأ من الغد فى البحث عن العروس بنفسها. لم تستمع «سيدة» لأحاديث جيرانها ولا للأمثال الشعبية التى تقول: «الضرة ما تجيب لضرتها غير مضرتها وقطع جرتها»، وقالت فى نفسها: «الراجل هيضيع منى». أيام قليلة وكان الزوج فى حضن العروس الجديدة التى اختارتها «سيدة» بعناية من وسط قريباتها، وهى «كوثر»، الفتاة التى رضيت بأن تكون امرأة ثانية فى حياة الزوج ومطيعة لزوجته الأولى. «أبلة سيدة».. نداء اختارت كوثر أن تنادى به ضرتها الأكبر منها سنا، حتى تفتح معها صفحة بيضاء لا خلاف فيها ولا «نقار»، ما دامت كوثر لم تتعد حدودها مع سيدة. البيت الذى ظل 10 سنوات هادئا أصبح صاخبا بسبب أولاد كوثر الخمسة الذين يجرون هنا وهناك وسط فرحة سيدة، أمهم الثانية التى ينادونها ب«ماما». مثلما تشاركتا فى تربية الأولاد الخمسة، لم تتغير العلاقة بين سيدة وكوثر بعد وفاة الزوج؛ حيث تشاركتا مرة ثانية فى مشروع لتنفقا على الأسرة الكبيرة التى تركها الزوج ورحل بلا معاش ولا إرث. «سيدة»، العقل المدبر للأسرة، قررت أن تؤسس مشروعا فى المنزل لصناعة المخبوزات (فطير مشلتت وخبز بلدى وقراقيش وحلويات وغيرها)، على أن يساعدهما الابن الأكبر، أحمد، فى التوزيع، خاصة أنه يجلس فى المنزل بلا عمل بعد حصوله على دبلوم تجارة. «سيدة» بعد خبرتها الطويلة تنصح كل زوجة لم تنجب بأن تسمح لزوجها بالزواج عليها «إذا كان العيب منها» حتى لا تخالف شرع الله: «لكن لو جوزك عاوز يتجوز من غير سبب تبقى جنازته ولا جوازته؛ لأن جوز الاتنين حاجة من اتنين: يا قادر يا فاجر».