لم يكد يمر أسبوعان على شراء محمد فتحى لهاتفه ال«HTC»، حتى كان يوم 8 مايو الماضى، تاريخ انتهاء علاقته بذلك الهاتف الجديد، فقد سُرق منه، فى حلقة جديدة من حلقات «التثبيت» فى الشوارع لسرقة الهواتف. كان محمد، خريج كلية الإعلام والعامل بمجال الصحافة، يسير متحدّثاً فى الهاتف، حيث كانت الساعة تشير إلى ال11 مساءً، من أمام فندق «ماريوت» ناحية نادى الجزيرة واتحاد الكرة والنادى الأهلى، مشواره المعتاد الذى يقضى على الملل اليومى فيه بالحديث من خلال الهاتف الذى لم يعد فى يديه بعد ذلك اليوم، حيث فجأة خرج عليه اثنان، ركضا ناحيته، الأول وقف ليسد الشارع، والثانى جاء وأمسك بتلابيبه، ووضع مطواة فى جنبه، وجاء الآخر ليضع مطواة ثانية فى رقبته. وجد «فتحى» نفسه فى مواجهة مسلحة، لم يهتدِ تفكيره إلى أى شىء سوى الخلاص من الموقف، طلبا منه هاتفه. سلمهما الهاتف فوراً «اللى زى دول ماينفعش الواحد يتكلم معاهم، مش بيكونوا فى وعيهم».. هكذا يرى «محمد» الذى ما إن أخذ أحدهم هاتفه، حتى ركض ناحية سيارة تقف على بعد حوالى 200 متر، وقفز فى «شنطة» السيارة، وما إن اقتربت السيارة حتى أزال الشخص الآخر «مطوته» وقفز هو الآخر فى السيارة السوداء، التى مرت مسرعة دون أن يلمح أى تفاصيل لسائقها أو أرقامها. يصف «محمد» ما حدث له بأنه أشبه بالكمين، لكنه ليس من ضباط شرطة يطمئنون على الأمن، بل من لصوص يطمئنون على ألا يسير أحد بهاتفه. عقب سرقة الهاتف وقف «محمد» حائراً لدقائق، فكر أن قسم شرطة الجزيرة على بُعد دقائق منه، لكنه لم يقدم على تحرير محضر، ظناً منه أن ذلك لن يُقدم جديداً فى مشكلته. «اللى خلى مساعد وزير الداخلية اتثبت، أنا مش حتثبت؟». يرى «محمد» أن هناك تقاعساً أمنياً كبيراً فى تأمين الشوارع، سواء فى النهار أو الليل، فالسرقات باتت تحدث على مرأى ومسمع من الجميع، وفى وجهة نظر «فتحى» أن قوات الأمن تعرف المسجلين خطر، لكنها حالة الفوضى الأمنية التى استشرت فى البلاد ولم تتوقف رغم تعاقُب أكثر من وزير للداخلية «حالياً دلوقتى أى حد بيعمل أى حاجة». ويضيف الشاب، ذو ال26 عاماً: «الناس العاديين الآن لا يتدخلون، يكتفون بدور المتفرج الذى قد يشاهد لصاً يسرق بالإكراه وبالسلاح الأبيض، لكنه يخشى التدخُّل، خوفاً على نفسه». لا يعتبر «فتحى» المسروق منه هاتفه، أن حوادث التثبيت فردية، بل يُدرجها تحت بند الحوادث المنظّمة بتشكيلات عصابية منظمة، وقد يُقدم على خطوة تحرير محضر بقسم الشرطة ليحفظ حقه، ويفعل ما عليه، مؤكداً أن أكثر من صديق له فقد هاتفه بنفس الطريقة: اثنان بأسلحة بيضاء، وهروب فى سيارة سوداء تنتظرهما.