"العليا للانتخابات" تهدد 24 مليون مواطن بالغرامة.. وقانونيون: إجراء روتيني

"المعاش مش مكفينا أكل وسكن، كمان يخصموا منه غرامات انتخابات"، تعليق "قليل الحيلة" من جانب عم أمين، الرجل السبعيني الذي قضى سنوات عمره، في العمل بالسكك الحديدية ومترو الأنفاق، على ما تردد عن قرب تطبيق الغرامة الانتخابية المقررة على من قاطع الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حيث فضل الرجل الامتناع عن التصويت في انتخابات مجلس الشورى، كما هو حال كل جيرانه وأصدقائه في إمبابة، كما أنه قاطع جولة إعادة انتخابات الرئاسة، لأنها "مش جايبة همها" حسب قوله، بعد أن صوت لصالح عمرو موسى فى الجولة الأولى للانتخابات.
800 جنيه شهريا، لا تكفى عم أمين، وزوجته التي تعاني المراض لظروف تقدم السن، وخوفا من خصم الغرامة من المعاش، اضطر عم أمين للمشاركة فى الجولة الأولى لكل الانتخابات، لكنه قاطعها فيما بعد، بعد أن اعتقد في عدم جدية التهديد الحكومي، بعدما لاحظ عدم تغريم أى من جيرانه الذين "كسّلوا".
أم سماح، مسؤولة النظافة في إحدى دور حضانة الأطفال، قاطعت الانتخابات أيضا، مضطرة، فبالرغم من إعلان الحكومة عن إجازة لمدة يومين، للتسهيل على الناخبين الانتقال إلى مقارهم الانتخابية، إلا أن أم سامح رأت أن سفرها إلى المنوفية مسألة مكلفة جدا، خصوصا وأنها ملتزمة بتنظيف "سلالم العمارات" في شبرا، ومساعدة السيدات في "شغل البيت"، و"هي أولى بكل يوم"، لتتمكن من الإنفاق على أبنائها الثلاثة وتعليمهم. بفزع شديد استقبلت أم سماح، نبأ تطبيق الغرامة الانتخابية، "وأنا اللي قلت أشم نفسي بعد ما خلصت من الدروس الخصوصية وأجيب مصاريف جهاز بنتي الكبيرة".
إبراهيم الخطيب، شاب عشريني، وأحد شباب ميدان التحرير، أحبط لعدم وصول مرشحه الرئاسي حمدين صباحي إلى جولة الإعادة، فقرر مقاطعتها، حتى مع تهديد الحكومة بتطبيق الغرامة، فهدد هو الآخر برفع دعوى قضائية ضد ذلك القرار.
كانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، قد قررت أمس، إرسال كشوف بأسماء 24 مليون ناخب تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية التي جرت يومي 16 و17 يونيو الحالي إلى النيابة العامة، وتطبيق غرامة مائة جنيه على كل منهم.
وأوضح الدكتور رأفت فودة أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، أن الغرامة جاءت بتعديل على مرسوم قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذي وضع منذ 50 عاما، وكانت الغرامة 100 جنيه، رفعها مرسوم القانون إلى 500 جنيه، وهو بند لم يطبق منذ إقرار القانون.
وأشار فودة إلى أن الإجراءات تطبق بتحويل المخالفة إلى النيابة العامة، التي تنظر بدورها الأمر و تقرر بعدها إما اتخاذ القرار بالتحصيل، وهنا يصبح من حق المواطن التظلم أو الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا، وإما أن تحفظ النيابة البلاغ الذي تقدمت به اللجنة العليا.
ووصف فودة الأمر بأنه إجراء روتيني تقوم به اللجنة لإتمام مهمتها للنهاية، مستبعدا إمكانية تطبيق القرار وتحصيل أي غرامة، خصوصا وأن نسبة غياب الناخبين بلغت نحو 50 بالمئة.
ونبه فودة إلى أن الانتخاب حق دستوري كفله القانون لكل مواطن ويفضل ألا يجبر أي مواطن على ممارسته، مشيرا إلى وجود أربع دول تفرض غرامات على الممتنعين عن التصويت، منها بلجيكا التيى تعاني من الأقليات العرقية وهو ما يفرض عليها إقرار الغرامة لتجنب التشتت والعمل على توحيد الدولة.
كما أوضح الدكتور محمد يونس أستاذ القانون الدولي بجامعة حلوان، أن مسألة تحصيل الغرامة مجرد إجراء الهدف منه تحفيز المواطن للمشاركة في العملية الانتخابية، مؤكدا أن قرار اللجنة قابل للتقاضي والطعن عليه، لافتا إلى أن المحكمة تضع في الاعتبار أي أعذار يقدمها الشخص المفروض عليه الغرامة.