يرى محللون وخبراء أن الأردنيين مرتابون من نشر الولاياتالمتحدة جنودا وأسلحة في المملكة، حتى وإن كان هدف واشنطن حماية هذه الدولة الحليفة من امتداد النزاع إليها عبر سوريا. وأبقت الولاياتالمتحدة على مجموعة من مقاتلات "إف 16" وصواريخ "باتريوت" في الأردن، الذي يأوي 550 ألف لاجئ سوري، مع انتهاء مناورات "الأسد المتأهب" العسكرية في 20 يونيو. وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية صرح في 22 يونيو أن واشنطن عززت تواجد جنودها في المملكة ليصل عددهم إلى 1000 جندي. ويقول عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية، إن "الرأي العام الأردني لا يرتاح للحضور الأمريكي على أرض المملكة". وأضاف أن "ذلك يرتبط دائما بمشاريع ومؤامرات تتصل بدول جوار المملكة وتنعكس بعواقب على الأردن نفسه". ورأى الرنتاوي ان "الأردن هو الحليف الوحيد للولايات المتحدة في المنطقة الذي لا زال يحتفظ بأمنه واستقراره، وواشنطن تعتبر أن حفظ أمنه واستقراره أمر بالغ الأهمية وفي صلب إستراتيجيتها في الشرق الأوسط". لكنه أضاف أن "الأردنيين لا يرحبون بوجود عسكري أمريكي على الأرض الأردنية، حتى وإن كان المبرر هو حماية أمن الأردن واستقراره". وكان الأردن أكد غير مرة أنه يسعى إلى حل سياسي للأزمة في سوريا، ويعارض أي تدخل أو عمل عسكري ضد دمشق. ونفى رئيس الوزراء عبدالله النسور، الأسبوع الماضي، تقارير صحفية أمريكية تحدثت عن تدريب وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" والقوات الخاصة الأمريكية مقاتلين من المعارضة السورية فوق أراضي المملكة. وقال النسور للصحفيين "لاتوجد أي تدريبات لقوات من المعارضة السورية في بلدنا"، مضيفا "نحن لا نتعامل مع السوريين الموجودين على أراضينا إلا كلاجئين". من جانبه، قال نائب رئيس مجلس النواب الأردني خليل عطية، إن النواب يرفضون تواجد قوات أجنبية على ارض المملكة. وأضاف "نحن كنواب وكشعب نرفض تواجد قوات أجنبية سواء أمريكية أو غيرها على أراضي المملكة، ولا نعتقد أن هناك أي تهديدات من سوريا". لكنه رأى أن "طبيعة العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والأردن تحتم على واشنطن الحفاظ على مصالحها أولا وطمأنة حلفائها بالمنطقة ثانيا". واعتبر الرنتاوي أن "التهديد الأكبر للأردن من الشمال ليس من النظام السوري ولا من حزب الله بل هو تهديد إرهابي من جماعات أصولية مثل القاعدة والنصرة وغيرها". وأضاف أن "السيناريو الاسوأ بالنسبة للأردن هو أن تنزلق سوريا إلى الخراب والتقسيم، وأن تسقط أسلحة النظام في يد غير مرغوب بها، وبالتالي يمكن أن تشكل تهديدا لدول الجوار بما فيها الأردن". أما الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي، فقال إن "الأردنيين لا يريدون تواجدا أمريكيا على أراضي المملكة لأنهم يخشون رد فعل انتقامي من سوريا". ويضيف "تواجد القوات الأمريكية يفرض تخوفات أردنية من عمليات انتقامية كالتخريب أو حتى صواريخ سورية ردا على سياسات تراها دمشق عدوانية". وكان الملك عبد الله الثاني أكد في خطاب ألقاه منتصف الشهر الحالي أن المملكة "قادرة على اتخاذ الإجراءات التي تحمي بلدنا ومصالح شعبنا" إذا لم يساعدها العالم في التعامل مع الأزمة السورية. وعلى الرغم من حماس الحركة الإسلامية في الأردن لمساندة "الثورة" السورية إلا أنها ترفض التواجد العسكري الأمريكي في المملكة. ويقول زكي بني أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، إن "القوات الأمريكية كما عهدناها في جميع أماكن الصراع هي قوات غازية تسعى لتحقيق مصالحها ولو على أشلاء العالم العربي والإسلامي". وأضاف أن "حالة القلق هي المسيطرة على الشعور العام في الأردن من هذا التواجد الأمريكي، وفي ظني أن الشارع الأردني والأحزاب والقوى الوطنية الأخرى ترفض هذا التواجد كما نرفضه". وأشارت بعض التقارير الإعلامية الأمريكية إلى استعداد واشنطن لاستخدام الأسلحة لدعم منطقة حظر جوي فوق سوريا انطلاقا من الأردن، لكن البيت الأبيض نفى ذلك معتبرا أنه أمر صعب وخطير ومكلف وغير مناسب. ويرى الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان أن "موقف الأردن معقد ومركب، وهو مرتبط بمصالحه وأمنه أولا، وثانيا بحلفائه الغربيين والإقليميين وليس بالضرورة أن تتوافق قراءته مع قراءة الحلفاء". وأضاف أن "الأردن مضطر في وقت معين للتجاوب مع الأجندة الدولية والإقليمية تجاه سوريا لعدم قدرته على الوقوف أمام الضغوط". ورأى أبو رمان أن الأردن "حاول استغلال هذه الفرصة من الضغوط الأمريكية والغربية للحصول على صواريخ باتريوت المتقدمة لتعزيز منظومته الدفاعية وتعزيز قدرات القوات المسلحة". أما جوردن بيري، كبير المحللين في مجموعة، "مابلكروفت" لتحليل المخاطر فرأى أن واشنطن أرادت التأكيد لعمان أنها "لا تزال ملتزمة بتعزيز أمن حدود المملكة فيما يهدد الصراع الدائر في سوريا بالانتشار أكثر حتى خارج الحدود". وأضاف أن "سعي الأردن للحصول على صواريخ باتريوت يعكس قلق المملكة المتزايد بشأن ارتفاع مستوى العنف بين الجيش السوري والمتمردين في المناطق الحدودية واحتمالية امتداد العنف إلى الأراضي الأردنية".