لكل فعل رد فعل.. فلم يرغب الأردن في نشر صواريخ «باتريوت» على الحدود مع سوريا من فراغ بل هناك أسباب عديدة دفعته لهذا حتى ولو كانت غير معلنه فإنها موجودة ولا يمكن إنكارها. ولعل السبب الحالي الذي دفع الأردن للمطالبة بنشر صواريخ «باتريوت» ، هو سيطرة كتائب ثوار سوريا على المخفر 28 في منطقة ثعيلة بريف درعا على الحدود السورية الأردنية بعد انسحاب عناصر جيش الأسد منه إلى المخفر 29 بعد ضربه بدبابة T55 ومضاد الطيران 23 ورشاش 14,5. وكانت كتائب الثوار قد تمكنت مساء الثلاثاء من السيطرة على المخفر 27 على الحدود السورية الأردنية وتحريره بشكل كامل من قوات الأسد بعد اشتباكات عنيفة وقعت بين الثوار وقوات الأسد. نشر«باتريوت» ونتيجة لذلك كشف رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور عن رغبة الأردن بنشر صواريخ «باتريوت» على الشريط الحدود مع سوريا. وعلى الرغم من عدم وجود طلب رسمي أردني بطلب نشر «باتريوت» ، أودرت قناة «الجزيرة» القطرية نقلا عن مصادر سياسية مطلعة في العاصمة الأردنية أن الملك عبد الله الثاني طلب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما نشر بطاريات باتريوت على الحدود الشمالية التي تربط الأردن بسوريا، لحمايته من تمدد النزاع المتفاقم في جارته الشمالية إليه. وقالت المصادر - التي اشترطت عدم ذكر اسمها- إن الطلب الأردني جاء خلال لقاء القمة الذي جمع ملك الأردن والرئيس الأمريكي باراك أوباما نهاية الشهر الماضي. ولفتت إلى أن أوباما رد على الطلب الأردني بعدم الممانعة، لكنه أشار إلى عدم وجود بطاريات باتريوت أميركية في منطقة الشرق الأوسط، وتعهد لعبد الله الثاني بأن ترسل بلاده بطاريات باتريوت -في حال احتاج الأردن إليه- من كوريا الجنوبية خلال ثلاثة أيام من طلبها. وقال النسور في لقاء خاص مع شبكة ال«سي إن إن» العربية: "إن هناك حاجة للمملكة للباتريوت حتى في الظروف العادية، بدون الإشارة إلى التقدم بطلب رسمي لذلك من أي جهة كانت"، وأضاف "نحن بحاجة للأسلحة الدفاعية.. ونرحب بالباتريوت لحماية أجوائنا من أي هجوم من أي جهة". وأكد النسور أن المملكة على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تداعيات قد تحصل على الأراضي السورية في حال حدوث تدخل خارجي، مشددا في الوقت ذاته على أن الأردن لن يشارك في أي عمل ضد سورية. على الجانب الأخر نفى وزير الخارجية وشئون المغتربين ناصر جودة وجود اتفاق مع الولاياتالمتحدة الأميركية لنشر بطاريات صواريخ «باتريوت» على الحدود الشمالية للمملكة، مشيرا إلى إمكانية اللجوء إلى هذا الخيار في حال حصول أي تهديد. وشدد جودة خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الأمريكي جون كيري في عمان أمس، على أن الأردن يريد حلا سياسيا يضم جميع مكونات وأطياف الشعب السوري. وقال إن وجود مقاتلين أجانب ومتطرفين في سورية يشكل "مصدر قلق" لجميع دول الجوار، مشددا على انه رغم أن الأردن لا يتدخل بالشأن السوري، إلا انه يتأثر بنتائج هذه الأزمة. أسباب وأهداف ويكمن السبب الثاني وراء طلب الأردن لنشر صوارويخ على حدودها مع سوريا، حسبما يرى محللون هو الدبلوماسية الأردنية التي تخطط لأفضل استثمار ممكن للأزمة مع سوريا ليس فقط لحماية المصالح الحيوية والحدود الأردنية ولكن أيضا للبقاء في مربع التأثير في القضايا الإقليمية. هذا بالإضافة إلى الهدف الذي صرح رئيس الوزراء عبد الله النسور من محطات باتريوت هو توفير الحماية للاجئين السوريين التي أقفلت مراكز جذبهم مؤقتاً خلال تنظيم واستضافة لقاء أصدقاء سوريا. ويرى مراقبون أن مؤسسة صناعة القرار الأردنية لا زالت تبحث عن أفضل وسائل حماية ممكنة أو محتملة لأي انفلات متوقع في المشهد السوري ولو من باب الاحتياط لكل السيناريوهات. هذا يعني بوضوح بأن الدولة الأردنية ورغم كل الضمانات التي تحاول تقديمها للنظام السوري لوجستيا ومهنيا وعسكريا وسياسيا على الحدود والأرض لا زالت «غير مطمئنة» لما يمكن حصوله لاحقا خصوصا وان المشهد السوري منفلت وتتسارع فيه المستجدات على مدار اللحظة. لكن المخاوف الأردنية في الواقع تتعدى ذلك بدليل أن التركيز على نصب منصات باتريوت كما حصل في تركيا بات طلبا ملحا للدبلوماسية الأردنية يتفاعل معه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ولا تتحمس له وزارة الدفاع البنتاغون ولا حتى إسرائيل. ثمة دليل آخر على عدم كفاية الضمانات حسبما ذكرت «القدس العربي» وهو إقفال تكتيكي للحدود في وجه اللاجئين أثناء انعقاد لقاء أصدقاء سوريا الأربعاء وتحضيرات القمة الإقتصادية العالمية الأحد في البحر الميت حيث يتطلب الحرص الأمني عدم المجازفة بدخول خلايا بشار الأسد كما توصف في عمان بين صفوف اللاجئين. سر خفي وعلى جانب أخر استضافت الأردن مؤتمر أصدقاء سوريا أمس في عمان، تحت عنوان «اجتماع عمان الوزاري بشأن سوريا تمهيد لمؤتمر جنيف »، المتوقع عقده في أوائل يونيو المقبل، بمشاركة وزراء خارجية المجموعة الأساسية ضمن أصدقاء سوريا، التي تضم 11 دولة عربية وغربية، ، إضافة إلى ممثلين عن المعارضة السورية من أعضاء الائتلاف الوطني السوري. وحذر محللون سياسيون من أن فشل مؤتمر «جنيف 2» من شأنه أن يعجل ب«انهيار الدولة السورية»، وتأجيج العنف والقتل، مؤكدا أن هذا المؤتمر هو أفضل خيار ولا بديل عنه. ويصر مراقبون على وجود «سطر مخفي» بين عمان وواشنطن وتل أبيب له علاقة باحتمالات أو سيناريوهات المشهد السوري فإخفاق «المواصفة الأمريكية» تحديدا في ترتيبات جنيف 2 ومؤتمر الحوار الدولي المرتب بخصوص سوريا يعني الانتقال لمستويات مختلفة من المواجهة. وحسبما حللت صحيفة « القدس العربي» المشهد، ستعلق إسرائيل في منتصف حالة انتصار ميدانية وعسكرية للرئيس بشار الأسد ولاحقا انتصار دولي ودبلوماسي بسبب الدعم الروسي مع بصمات مباشرة لنظام بشار على أي تسوية يمكن التوصل إليها؛ لذلك نصح الوزير كيري في عمان الرئيس الأسد بعدم المبالغة في الشعور بالانتصار ميدانيا. منظمة دفاعية وصواريخ «الباتريوت» هي منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض - جو تستعمل من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدد من حلفائها، يصنع النظام من قبل شركة رايثيون الأمريكية. حل الباترويت محل كل من نظام (نايك-هرقل) للدفاع العالي والمتوسط ونظام إم آي إم-23 هوك التكتيكي للدفاع المتوسط فضلا عن دوره كنظام مضاد للصواريخ الباليستية (TBM) وهي مهمته الرئيسية في الوقت لحاضر. ويستعمل الباترويت أنظمة متقدمة للصواريخ الجوية الاعتراضية وأنظمة رادار ذات كفاءة عالية حيث تم تطويره في رد-ستون الباما والتي قامت مؤخرا بتطوير نظام(Safeguard) سيف-جارد (TBM) وبضمنه صاروخي سبارتان (Spartan) وسبرنت (Sprint)، إن كلمة باترويت "Patriot" هي مختصر ل Phased Array Tracking Radar Intercept Of Target. وأنظمة الباترويت تم بيعها لكل من تايوان ومصر وألمانيا واليونان وإسرائيل واليابان والكويت وهولندا والمملكة العربية السعودية واسبانيا والإمارات العربية المتحدة ، أما كوريا الجنوبية الآن فهي بصدد شراء عدد من أنظمة الباترويت المستخدمة بعدما قامت كوريا الشمالية باجراء تجارب إطلاق صواريخ باليستية باتجاه بحر اليابان. في أغسطس 2008 وقعت الولاياتالمتحدة وبولندا اتفاقية لإنشاء مركز للباترويت في بولندا لردع الصواريخ الباليستية.