من الصعب أن أتوقف أمام الخطاب الأخير -يعنى اللى مفيش خطابات تانية بعده- للدكتور «مرسى» من زاوية المضمون، فالخطاب فى المطلق عبّر عن رجل يعيش فى غيبوبة، أصابه العمى أو التعامى عن المخاطر المحيطة به، والتى توشك أن تأخذ به وجماعته لتعيدهم من حيث أتوا، لكننى لا أستطيع أن أفلت من التوقف أمام الخطاب من حيث الشكل الذى حكم أداء «مرسى»، والذى انطوى على مفارقة لطيفة للغاية، ملخصها أن الرئيس الذى بدا شديد النقد للإعلام، ظهر متأثراً أشد التأثر بأداء بعض الشخصيات الإعلامية من الماضى والحاضر، من النساء والرجال، من الإعلاميين الإخوان وغير الإخوان. وأقول لك كيف؟!. ربما يذكر أبناء جيلى شخصية «خالتى بنبة»، وهى إحدى الشخصيات الشهيرة فى البرنامج الإذاعى الرائد: «إلى ربات البيوت»، وكانت تقوم بدور «بنبة» القديرة الراحلة «ملك الجمل»، لتعبر بها عن شخصية سيدة «لتاتة وعجانة»، كثيراً ما تخطئ فى إدارة المواقف وفى حق من حولها، وتحاول باستمرار أن تبرئ نفسها من الخطأ برواية الحكاية للمستمعين بطريقة تظهرها وكأنها ملاك طاهر، حتى يكتشف المستمع أنها ليست كذلك، عندما يستمع إلى كلام زوجها «أبوسيد» -الراحل رأفت فهيم صاحب شخصية عم شكشك- الذى يكشف لنا بعض ما أخفته «خالتى بنبة» فى روايتها، لتنتهى الحلقة بالكشف عن المصيبة التى فعلتها، وصرختها وهى تقول: «طول عمر الناس ظالمانى.. يا عينى عليّا»!. كذلك لست أدرى لماذا شعرت وأنا أشاهد خطاب «مرسى» أننى أستمع إلى المذيع الإخوانى «نورالدين عبدالحافظ» -الشهير ب«خميس»- على قناة «مصر 25» المعبرة عن جماعة الإخوان وحزبها ورئيسها، الأخ «خميس» يقدم برنامجاً قد تمل أو لا تكترث بالاستماع إلى ما يحمله من مضمون، لكنه لا يخلو من فائدة مهمة على مستوى «الزغزغة» التى تؤدى إلى الإضحاك، خصوصاً عندما تتابع حركاته الكاريكاتورية، أمام الكاميرا: حركة العين والحاجب، واليدين، وهز الأكتاف وغير ذلك من حركات، من الواضح أن الدكتور «مرسى» متأثر بها أشد التأثر. أما الشخصية الإعلامية الثالثة، فهى شخصية محمود عزب، صاحب برنامج «عزب شو»، وهو يقلد المونولوجست حمادة سلطان، عندما يقول: «النكتة اللى حقولها دى جديدة»، ليحكى لنا نفس النكتة القديمة: «مرة واحد راح عند واحد بتاع حلاوة وسأله: فى حلاوة.. قال له: لأ أنا ببيع جبنة»!، نفس النكتة السخيفة التى تتكرر كل مرة، رغم وعده لنا بأنه سيقول لنا واحدة جديدة، وهو مشهد لا يختلف كثيراً عن حديث «مرسى»، خلال «خطاب النهاية» عن الحوار الوطنى «اللى من بكرة» والمصالحة الوطنية، وتشكيل لجنة لإعادة النظر فى المواد الخلافية فى الدستور، وغير ذلك من «رغى بنباوى»، يجمع بين «تلامة خميس» و«غتاتة سلطان». وهى مواهب ترشح «مرسى» لتقديم برنامج بعنوان «مرسى شو».. فرصة يعوض بها خروجه من «الاتحادية»!.