مصرنا مشهدها السياسى أصبح عنوانه الفوضى، فالنخب لدينا لا تجيد إلا تصدير البلاهة إلى الشعب، ودائما يتفننون فى إرباك الناس، وهنا أقصد النخب بكافة أطيافها، بل والمدهش فى الأمر أن بعض النخب لا تدرك معنى وأهداف التيار الذى تنتمى إليه، فهذا ليبرالى عندما تشاهده يتحدث تكتشف أنه ينتمى إلى اليسار، وآخر يسار عندما يتحدث تجده يتكلم باسم اليمين وآخر رجل دين تكتشف أن كل ميوله ليبرالية ما كل هذا العك؟ فى الواقع إن مصر الآن تمر بأزمة نخبة تبدع فى مجال واحد فقط تصدير الأزمات للعامة وإرباكهم، وتتجسد قمة مظاهر العك فى موجة اللا مبالاة والبلادة التى أصبحت إحدى ظواهر المجتمع، حتى إن العامة أصبحت تحن لأيام العبودية وزمن مبارك بسبب هؤلاء، فالشارع لا يهمه إلا الأمن وتحسين مستوى المعيشة، وهذه البضاعة دائما يبحث عنها عند نخبته السياسية، فإن لم يجدها يكفر بهم جميعا، وهذا ما حدث لدرجة أن الشعب يريد الآن رجم الحرية التى نادت بها ثورة يناير، لن نقول إن هذه النتيجة تحسب لصالح المخلوع، لا بل هى شهادة إدانة لكل من يلعب ويتصدر المشهد السياسى، وفى الحقيقة هم أحد أركان نظام مبارك، وكان يجب أن يرحلوا معه، مصر الآن مريضة وتحتاج إلى سواعد جديدة تنقذها كما فعل من قبل أحمس، فقد ظهر ومصر فى أزمة كبيرة تهدد بطمس هويتها العريقة، فالهكسوس تجرأوا على مصر واحتلوها واستمر احتلالهم لمصر قرنا من الزمان، فيه حاول الهكسوس قتل الهوية المصرية وإذلال المصريين وإهانتهم ولكن كان ظهور أحمس، ذلك الشاب الذى خاض معارك تحرير مصر ضد الهكسوس وهو فى التاسعة عشرة من عمره، بدافع إيمانه التام بعظمة وقوة مصر، هو الوصفة السحرية لعودة الحياة لمصر، فلم يكتف بطرد الهكسوس بل عمل على إعادة بناء شخصية مصر من جديد، فاهتم بالنشاط الاقتصادى والاجتماعى حتى أصبحت مصر القوة العالمية الأولى فى عهده، وكل الدول تقدم فروض الولاء والطاعة لها، وهنا أجد نفسى أمام عبقرية وعزيمة شاب مصرى خرج من رحم المعاناة ولكنه خاض المواجهة ليخلد مصر، فإذا بها هى التى تخلد إنجازاته، فمصر لا تنسى أبطالها، ومن هذا المضمون أؤكد أن مصر فى وقتنا الحاضر مريضة وتدفع الآن ثمن عدم ضخ دماء جديدة للمشهد السياسى فى أعقاب ثورة يناير، وعلينا علاج هذا الأمر وإلا فالكارثة قادمة، وقد تصل بنا إلى حد انهيار دولة فى حجم مصر، يا هؤلاء نحن نحتاج الآن إلى ثورة جديدة، يكون عنوانها إعادة الحياة لمصر، بإعادة ضخ الدماء الجديدة فى أوصالها، وعلى الفاشلين أن يرحلوا سويا، فقد كفرت بأفعالكم مصر، والآن تتجه آمالها صوب شبابها، فهم مفتاح سر حياتها وخلودها.