يتساءل الكثيرون عن سيناريوهات يوم 30 يونيو، ويهتمون أكثر بما سيحدث بعد هذا اليوم. فهم قلقون على مستقبل البلاد، وما سوف تشهده من أحداث خلال الأيام القليلة القادمة، خاصة أن جماعة الإخوان وحلفاءها ينظمون حملة مضادة أساسها تخويف المواطن العادى لكى لا يشارك فى المسيرات والتجمعات الجماهيرية التى سيشهدها يوم 30 يونيو بالمبالغة فى الحديث عن العنف القادم والدماء التى ستسيل والشقق المستأجرة بميدان التحرير وبالقرب من قصر الاتحادية والتى ستمتلئ بالأسلحة والذخائر، والمبالغة فى الحديث عن المتسللين من الحدود من حماس وغيرها لنصرة الإسلام والدفاع عن شرعية الرئيس وحقه فى استكمال رئاسته للمدة التى قررها الدستور وهى أربع سنوات، وكان من المفترض أن تنتهى ولاية الرئيس بصدور الدستور الجديد عام 2012 ولكن لجنة إعداد الدستور، وغالبيتها العظمى من الإخوان والسلفيين، وضعت مادة انتقالية فى الدستور لعدم تنفيذ هذه القاعدة الدستورية وأن يكمل الرئيس مدته المقررة، كما فعلت ذلك بالنسبة لمجلس الشورى الذى كان من الواجب إجراء انتخابات لمجلسى النواب والشورى بعد صدور الدستور الجديد. لا تكتفى جماعة الإخوان وحلفاؤها بالمبالغة فى الحديث عن العنف لتخويف المواطن العادى ودفعه إلى عدم المشاركة فى 30 يونيو لكنها نظمت مسيرات وتجمعات جماهيرية استعراضية يوم 21 يونيو تحت شعار نبذ العنف لكى تؤكد على هذه المسألة لأنهم يعتبرونها طوق النجاة لهم عندما يخشى المواطنون من المشاركة فيقل عدد المتظاهرين يوم 30 يونيو. هكذا يكون السيناريو الأول المحتمل بعدم خروج المواطن بأعداد كبيرة ويمر اليوم بمظاهرات عادية ليست بالحجم الكافى للضغط على الرئيس للاستجابة للمطلب الشعبى بالانتخابات المبكرة، أما السيناريو الثانى فهو الذى يمكن أن تتخلل بعض أحداث العنف هذا اليوم وسيكون السبب الأساسى لذلك هو جماعات دربت خصيصاً لإفساد هذا المهرجان الشعبى، والاحتمال الثالث وهو الاحتمال الأرجح أن يكون يوم 30 يونيو من أيام مصر المشهودة يعيد إلى الذاكرة أحداث 25 يناير إلى 11 فبراير حيث أجبر حسنى مبارك على التنحى عن رئاسة الجمهورية، ويعيد أيضاً إلى الذاكرة تلك المظاهرة المليونية الفريدة من نوعها فى تاريخ مصر فى نوفمبر 1951 عندما ألغى مصطفى النحاس باشا معاهدة 1936 فخرج الشعب المصرى وكل أحزاب المعارضة فى مظاهرة غير مسبوقة للتعبير عن الوحدة الوطنية فى مواجهة الاحتلال البريطانى. وعندما يخرج المصريون بالملايين فى ميدان التحرير وأمام الاتحادية وفى كل ميادين مصر الكبرى يوم 30 يونيو فإن ذلك سيكون إعلاناً أن شعب مصر يريد العودة إلى صندوق الانتخاب مرة أخرى ليقرر مصير الرئيس، وأن الخمسة عشر مليون توقيع هى توقيعات حقيقية وليست مجرد أرقام كما يصورها أنصار الرئيس، وأن الذين وقعوا يشاركون بالفعل قى المسيرات إدراكاً منهم أن مصير بلادهم يتوقف على السير قدماً على طريق الديمقراطية وإقرار مبدأ العودة للشعب لاتخاذ قراره، أما ما يحدث بعد 30 يونيو، فإنه سيتقرر على ضوء حجم الحشد وفعاليته فى هذا اليوم وقدرته على الاستمرار فى الضغط من أجل الاستجابة لمطلبه. وقد أعد الشباب الذى نظم الفعاليات التى سبقت هذا اليوم تصوراً لما بعد 30 يونيو أن يستجيب الدكتور محمد مرسى لمطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة ويتولى السلطة رئيس مؤقت، وتشكل حكومة انتقالية يرأسها شخصية وطنية مستقلة موضع احترام الجميع لفترة انتقالية لا تزيد عن ستة شهور، يتم خلالها تنفيذ عدة مهام أساسية فى مقدمتها الانتخابات الرئاسية وتشكيل لجنة قانونية تعدل الدستور ليكون توافقياً أو العودة إلى دستور 1971 بتعديلاته التى تم الاستفتاء عليها فى مارس 2011 على أن تشكل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد ديمقراطى يليق بالشعب المصرى فى القرن الحادى والعشرين، وتصدر عدة قرارات لتحسين معيشة الفئات الأكثر تعرضاً للاستغلال فى هذا البلد ويصدر قانون الحريات النقابية وغيره من القوانين الضرورية. وإذا لم تتم الاستجابة للمطلب فإن المتظاهرين سوف يعتصمون إلى أن تُجاب مطالبهم، ولما كان العالم كله يتابع ما يجرى فى مصر الآن، فإن الجميع سيكون مضطراً إلى التجاوب مع مطلب هذه الجموع الحاشدة كما حدث فى 25 يناير. وإذا طال الوقت دون نتيجة، فإن هذا الحدث الكبير سيكون بمثابة جولة من جولات الصراع المحتدم حول مستقبل البلاد بين قوى الاستبداد والديمقراطية، وسيستمر التوتر والمواجهة استعداداً لجولة جديدة فى الصراع يستفيد فيها الشعب المصرى من دروس الممارسة إلى أن ينجح فى بناء نظام ديمقراطى تكون الإرادة العليا فيه للشعب ويسقط الاستبداد إلى الأبد.. لقد خلع الشعب المصرى رداء الخوف وعرف طريقه إلى المستقبل وسيدفع ثمن التحول الديمقراطى كاملاً من أرواحه ودماء أبنائه. لقد آن للشعب المصرى أن يدخل من جديد التاريخ من أوسع الأبواب.