بعد أن تهدمت منازلهم وفقدوا متاعهم وذويهم، لجأ سكان قرية قانا جنوبلبنان لمركز قيادة فيجي التابع للأمم المتحدة، في ليلة 18 أبريل 1996، للاحتماء فيه من نيران وصواريخ عملية "عناقيد الغضب" التي شنتها إسرائيل على لبنان، قبل عدة أيام من ذلك التاريخ في هذا الوقت، إلا أنهم فور استقرارهم بالمقر الذي ظنوا أنهم سيجدوا فيه الأمن والأمان، إنهال عليهم قصف القوات الإسرائيلية الغادر ليروح ضحيته 106 شهداء من المدنيين فيما أصيب آخرين بجروح، ويسجل ذلك اليوم في التاريخ بدمائهم ب"مجزرة قانا"، التي واحدة من أكبر المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي وهزت العالم أجمع. في بداية أبريل 1996، خرقت إسرائيل اتفاق "مايو 1993"، وبدأت عملية "عناقيد الغضب" لضرب المقاومة اللبنانية ومحاولة القضاء عليها، في حين كان ينص الاتفاق على أن أي اعتداء على المدنيين لدى أي طرف، يسمح للطرف الآخر بالرد فورا وبالوسائل التي يراها مناسبة، ومن ثم شنت تل أبيب عدوانا عسكريا ضاريا على لبنان، في الفترة ما بين 11 أبريل و27 أبريل 1996، راح ضحيته العديدون وتهدمت العديد من البلدات بينها العاصمة بيروت. وعقب الكثير من العملياتن الدموية الضارية وكثافة القصف، فرّ مئات المدنين من ذلك إلى مركز تابع لقوات الأممالمتحدة بقرية قانا ظنا منهم أنها ستحميهم، لكونه مركز أممي محمي بموجب القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، إلا أنه في ظهر ذلك اليوم وجعت تل أبيب صواريخها إلى المقر ليستشهد 106 مدني، ويصاب نحو 150 شخصا بجروح وعاهات وإصابات بدنية ونفسية متفاوتة الخطورة. قرية قانا الواقعة في جنوبلبنان، تضم أحياء كثيرة منها "حارة الفوقا، حارة التحتا، حي السيدة صالحة، حي البركة، حي المحافر، حي الجامع الشرقي، حارة مار يوسف، حي الحافور، حي الوارداني، حي الخشنة، حي الماصية، حي الحمارة، الخريبة"، ويوجد فيها مقر لقوات الطوارئ الدولية الأممية "يونيفيل". وعلى الفور فتحت الأممالمتحدة تحقيقا رسميا في موقع المجزرة، وتم رفعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، ونص على "استحالة ان يكون قصف القاعدة التابعة لليونيفيل في قانا نتيجة خطأ تقني او اجرائي فادح كما ادعى ذلك مسؤولون في الجيش الإسرائيلي، وأنه يوجد ادلة مهمة على انفجار قذائف مدفعية، مزودة بصواعق تفجير فعند الاقتراب من الهدف، فوق المجمع مباشرة، وتغطيتها لجزء كبير من مساحته، وعلى رغم أن عدد القذائف لا يمكن أن يحدد بالضبط، فإن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن ثماني قذائف من هذا النوع انفجرت فوق المجمع ولم تنفجر سوى قذيفة واحدة خارجه". كما أجرت عدة منظمات عالمية مهتمة بحقوق الانسان تحقيقات حول المجزرة، وكانت النتائج ان القصف كان متعمدا و علي معرفة وعلم بوجود المدنيين في مقر اليونيفيل وليس نتيجة الخطأ التقني الذي ادعته إسرائيل، ولكن وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضت تلك التقارير، وساندتها أمريكا برئاسة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، واعتبروا أن هذه المجزرة كانت خطأ من نوع الأخطاء التي تحدث في الحروب. وفي 25 أبريل 1996، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن إسرائيل انتهكت القوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال الحرب، واجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل ولكن الولاياتالمتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض "الفيتو". لم تسلم "قانا" من ضبات موجعة أخرى، حيث تعرضت في 30 يوليو 2006 لمحزرة أخرى من الجيش الإسرائيلي، خلفت 57 قتيلا على الأقل أكثرهم من الأطفال، في مذبحة عرفت ب"مجزرة قانا الثانية".