قامت القوات الإسرائيلية في مثل هذا اليوم، 18 إبريل عام 1996، بقصف مقر الكتيبة التابعة لقوة الأممالمتحدة في لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه هربًا من عملية "عناقيد الغضب" التي شنتها إسرائيل على لبنان، مما أسفر عن استشهاد 106 من المدنيين وإصابة الكثير بجروح، وأطلق على هذه الحادثة "مجزرة قانا الأولى. البداية خرقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اتفاق مايو 1993، والذي كان ينص على أن أي اعتداء على المدنيين لأي طرف، يسمح للطرف الآخر بالرد فوراً، وبالوسائل التي يراها مناسبة، وبدأت عملية "عناقيد الغضب" لضرب ضرب المقاومة اللبنانية و محاولة القضاء عليها. عملية "عناقيد الغضب" وفي أبريل1996، قامت إسرائيل بغارات جوية على أهداف تضمنت قاذفات الكاتيوشا وتجهيزات لحزب الله، ومواقع للجيش السوري، وحاصرت موانئ بيروت و صيدا وصور، وهاجمت محطة الطاقة الكهربائيةَ في منطقة الجمهور، و کان تركيز القصف على الجنوب معقل المقاومة، مما اضطر بعض أهالي القرى إلى الهروب شمالاً، في حين هرب البعض الآخر إلى مراكز هيئة الأممالمتحدة العاملة في الجوار طلباً للمأوى والحماية. رد المقاومة ووفقاً لما نصته اتفاقية مايو 1993، ومع استمرار القصف الإسرائيلي، أعلن الأمين العام لحزب الله أن المقاومة سترد بقوة على هذا الاعتداء، وقامت المقاومة بقصف المستوطنات الشمالية الإسرائيلية. وعلى إثرها بدأت إسرائيل بقصف المدنيين العزل واستهدافهم، وكذلك البنى التحتية، واقترف المجازر بحق اللبنانيين عامة والجنوبيين خاصة، حيث نفذت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 1100 غارة جوية على لبنان، وأطلقت أكثر من 25 ألف قذيفة. الهروب إلى "قانا" وأسفر القصف المتبادل بين القوات الإسرائيلية، وحزب الله اللبناني، إلى إجبار مجموعة من أهالي كلاً من قانا، جبال البطم، صديقين، رشكنانيه، حاريص، والقليلة اللجوء الى معسكر للأمم المتحدة في بلدة قانا، وهي إحدى أكبر البلدات الجنوبية في صور، للاحتماء فيها باعتبار أن القوات الإسرائيلية لا تقصف مراكز قوات الطوارئ الدولية، وأنن هذا الموقع سيكون بعيداً عن قصف إسرائيل، احتراماً لعلم الاممالمتحدة. أحداث المجزرة وعلى عكس كل توقعات ما يزيد عن 800 مدني لبناني، أطلقت المدفية الإسرائيلية المتمركزة على الحدود بين البلدين، في الساعة الثانية بعد ظهر 18 إبريل 1996، 17 قذيفة على القاعدة المترامية الأطراف لقوة حفظ السلام الدولية في قانا الكبيرة، وانفجرت بعض القذائف قبل ارتطامه بالأرض وعلى ارتفاع حوالى سبعة أمتار منها، في الجو فوق الهدف، في حين انفجر الباقي مع ارتطامه بالأرض. وأسفرت تلك القذائف عن تناثر أشلاء ما يقرب من 250 قتيلاً وجريحاً، حمل 18 منهم لقب مجهول يوم دفنه، كما أصيب بعض الناجين بجروح فظيعة، ووصلوا إلى المستشفيات المحلية باجساد مشوهة ومحروقة ومصابة بشظايا. إسرائيل تتهرب وعقب انتهاء تلك المجزرة، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز، الهروب من المسؤولية، حيث قال إن الجيش الإسرائيلي لم يكن يعلم بوجود مدنيين في مقر الاممالمتحدة، إلا أن الجنرال موشيه إيلون رئيس الاستخبارات العسكرية، قال إن ضباط الجيش الإسرائيلي علموا بوجود لاجئين مدنيين في مركز الاممالمتحدة. رد الأممالمتحدة وعلى إثر تلك المجرو، فتح الجنرال المستشار العسكري الهولندي في الاممالمتحدة، تحقيقاً رسميا في موقع المجزرة، ورفع تقريره بتاريخ 1 مايو 1996، إلى الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، مشيراً إلى احتمال أن يكون مسؤولون الجيش الاسرائيلي ممن هم في مركز من مستويات القيادة متورطين بإصدار الأوامر بقصف القاعدة التي كانوا يعلمون أنها تأوي المئات من المدنيين العزل. منظمات حقوقية تُكذب إسرائيل ومن جانبها، أجرت عدة منظمات عالمية مهتمة بحقوق الإنسان تحقيقات حول المجزرة، مؤكدةً أن القصف کان متعمداً وعلي معرفة وعلم بوجود المدنيين في مقر اليونيفيل وليس نتيجة الخطأ التقني الذي ادعته اسرائيل. إسرائيل ترفض تقرير الأممالمتحدة ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية تقرير الأممالمتحدة وتقارير المنظمات الدولية الأخرى حول اتهامها بارتكاب المجزرة عن قصد، وزعمت كذباً وحملت حزب الله المسؤولية عن المجزرة، وعبرت أن هذا التقرير غير الدقيق والمنحاز هو تقرير مضلل. في حين عبّر الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عن دعمه لإسرائيل، واعتبر أن هذه المجزرة کانت خطأ من نوع الأخطاء التي تحدث في الحروب، قائلاً :" إن للإسرائيليين الحق في الدفاع عن أنفسهم". الأممالمتحدة تصفع "كيلنتون" ووجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 إبريل 1996، صفعة قوية للرئيس كلينتون، وأقرت بأن إسرائيل انتهکت القوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال الحرب. اعتراف إسرائيل وأثناء هذا الجدل الدولي المسار بين أطراف النزاع، اعترف "بيريز" بمسؤولية الجيش وضباطه عن المجزرة، وتحمل علناً المسؤولية عنها، كما شن هجوماً على الأممالمتحدة لنشرها التقرير الذي أظهر بان إسرائيل استهدفت المدنيين بشكل متعمد. الولاياتالمتحدة تجهض قرار إدانة إسرائيل وعلى إثر هذا الاعتراف، اجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين "إسرائيل"، ولكن الولاياتالمتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض الفيتو، وکان موقف الإدارة الأميركية منحاز تماماً لسياسة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها إسرائيل تجاه العرب .