لطالما جذب الجميع بحديثه الآسر، ودبلوماسيته الواضحة التى تشهد بأنه رجل دولة من الطراز الأول، ولكن تصريحاته مع الأزمة التركية الحالية أثارت علامات تعجب، فكيف لرئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، الذى كان دوما يتغنى بالديمقراطية، يرتكب نفس الأخطاء التى وقع فيها رؤساء دول الربيع العربى، وأسهمت بشكل أو بآخر فى انهيار عروشهم. لغة الخطاب التى اتسمت بالتناقض أبرز أخطاء «أردوغان» فى إدارة الأزمة التركية، هذا ما رصده د.عماد عبداللطيف، مدرس البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة، فأى سلطة تواجه الاحتجاجات بعدة تكتيكات ومناورات أهمها لغة الخطاب، وخطاب «أردوغان» اتسم بثنائية التناقض، ففى أحد خطاباته اعتذر فى البداية عن أخطاء الشرطة فى استخدام الغاز المسيل للدموع وفى نهاية الخطاب أشاد بدورها وقال إنها تعمل فى ظروف غاية فى الصعوبة: «أردوغان لا يستطيع اتخاذ موقف صريح تجاه أى طرف فى تركيا خوفا على مستقبله السياسى، ولذلك أدان استخدام الشرطة للعنف وفى نفس الوقت لم يستطع تجاهلها لأنها تمثل له عصا النظام». الحديث عن وجود مؤامرة داخلية وخارجية تستهدف البلاد.. كلمات جاءت على لسان حكام الربيع العربى، ولم تغب عن لسان «أردوغان» وهو ما رصده «عبداللطيف» فى خطاباته مؤكدا أن الحكام عادة ما يلجأون إلى الصيغة الأشهر وهى وجود مؤامرات خارجية لإلقاء اللوم من على كاهلهم. أردوغان الذى اتخذ موقفا داعما للاحتجاجات فى مصر وسوريا منذ اللحظة الأولى، هاجم مثل الحكام العرب هذه الاحتجاجات وسخر فى حديثه من فكرة «الربيع التركى» بقوله: «نحن فى فصل الربيع بالفعل، ولكن البعض يريدون أن يحولوه إلى شتاء»، مؤكدا أن أردوغان يريد توصيل رسالة مفادها أنه قوى بما فيه الكفاية ولن يهتز بما يقال. «أدار الأزمة كعضو ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، ويعتبر أن ما يحدث مؤامرة تستهدف نظامه».. هذا رأى د.عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ف«أردوغان» رد على مطالب البعض له بالاستقالة: «إذا كان هذا حراكا اجتماعيا يجمعون فيه 20 ألف شخص فإننى سأقوم وأجمع 200 ألف»، وقال «جاد» إن أردوغان لم يتحدث عن الأزمة بشكل منطقى بل تحدث مباشرة عن صناديق الانتخابات التى أتت به إلى الحكم: «أردوغان يشعر بالغرور والغطرسة بسبب تمكنه من السيطرة على كافة مفاصل الدولة التركية».