مسئولية رئيس الجمهورية وحكومته اليوم هى إخبار الرأى العام بشفافية وواقعية كاملتين عن النتائج المحتملة لبناء السد النهضة الإثيوبى على حصة وتدفقات مصر من مياه النيل، مسئولية الرئيس والحكومة هى تقديم كشف حساب علنى عن إدارة ملف السد بالأدوات الدبلوماسية والتفاوضية والسياسية المختلفة خلال الأشهر العشرة الماضية وحدود النجاح أو الفشل فى حماية الحقوق والمصالح المصرية، مسئولية الرئيس والحكومة هى مصارحة المصريات والمصريين، وبما لا يضر بمقتضيات الأمن القومى، بأسلوب إدارة العلاقات مع إثيوبيا فى الفترة المقبلة بعد أن بدأت عملية تنفيذ سد النهضة وبطبيعة الخطوات التى ستتخذها مصر إزاء السد إن ثبتت نتائجه السلبية، مسئولية الرئيس والحكومة هى التأكيد، ودون مواربة، على أن تحجيم النتائج السلبية للسد إن ثبتت لن يتأتى إلا بالأدوات التفاوضية والدبلوماسية وبتهيئة موقف دولى وإقليمى مواتٍ عبر توضيح حقوق ومصالح مصر المشروعة فى مياه النيل وعدم اعتراضنا على الحقوق والمصالح المائية والتنموية الإثيوبية التى تدفع إلى بناء السدود وجهود أخرى، بل على الإضرار بالمصالح المصرية ومخالفة المواثيق الدولية والإقليمية التى تلزم دول حوض النيل بإدارة صراعاتها بالتفاوض والتوافق، ولكى نفهم، غياب التوافق بين دول حوض النيل هو الذى رتب رفض البنك الدولى تمويل سد النهضة ورتب أيضاً تراجع الصين عن تقديم قرض لتمويله. مسئولية المعارضة والشخصيات المؤثرة فى الشأن العام المصرى هى الابتعاد عن المزايدة بإطلاق الاتهامات باتجاه الرئاسة والحكومة، فالأجدر هو مطالبة الجهتين بالشفافية والواقعية وتوجيه ملاحظات نقدية بناءة بشأن توظيف أدوات الدولة التفاوضية والدبلوماسية لحماية حقوقنا ومصالحنا المشروعة، مسئولية المعارضة والشخصيات العامة هى التفكير البناء مع الحكومة وكافة مؤسسات الدولة المصرية فى السبل الأفضل لإدارة قضية سد النهضة وحماية الحقوق والمصالح المصرية فى مياه النيل، جيد أن تدعو المعارضة إلى تفعيل جهود الدبلوماسية الشعبية وإلى تسيير الوفود إلى إثيوبيا للحوار حول حقوق ومصالح الدولتين وضرورة الحلول التفاوضية للتنازع وللصراع، وجيد أيضاً أن تنسق المعارضة هنا مع الرئيس والحكومة. مسئولية المعارضة والشخصيات العامة هى الإسهام الفعال فى شرح الحقائق للرأى العام المحلى والابتعاد عن إنتاج خطاب الاستعلاء المصرى الذى لا يرى إلا حقوقنا ومصالحنا، مسئولية المعارضة هى العمل على تهيئة موقف دولى وإقليمى مواتٍ لنا، فالحديث بلغة واحدة وواضحة ضرورة قصوى لكى يدرك الجميع أن مياه النيل والأمن المائى أولوية مصرية لا ينشب بشأنها خلاف بين الحكم والمعارضة. مسئولية المجتمع المدنى والمؤسسات الدينية والعلمية والوسائط الإعلامية المختلفة هى التوعية والتواصل والبحث عن حلول، توعية الرأى العام المحلى بأن تعاملنا مع المياه لا بد أن يرشد لوقف الإهدار وبأن النتائج السلبية لسد النهضة إن ثبتت، ينبغى أن تدفعنا إلى التغيير الإيجابى. التواصل مع مجتمعات دول حوض النيل لبناء تفاهمات خارج السياسة وبعيداً عن التنازع والصراع حول الحقوق والمصالح المشروعة لدول المنبع ودول المصب والقواسم المشتركة بينها، وللكنيسة المصرية هنا دور شديد الأهمية، البحث عن حلول فعلية للنتائج السلبية للسد الإثيوبى، مرة أخرى إن ثبتت، عبر الابتكار العلمى والتكنولوجى، فالموارد المائية فى العالم ككل تنضب ومعدلات التصحر تتصاعد، والأمل فى العلم الحديث قبل أى شىء آخر.