خلال الشهور الأولى من حكم الرئيس محمد مرسى، تأكد الجميع أن مرسى وجماعته لا يملكون مشروعاً قومياً لإنقاذ الوطن من الإفلاس والفقر والفوضى، وأصبح منتهى أمل المواطنين أن تبقى الحالة الاقتصادية لمصر كما هى دون تقدم أو تراجع، حتى ينزاح هذا الكابوس الخانق ويغادر الإخوان وميليشياتهم التكفيرية المشهد السياسى كله. ولكن هذا الأمل أصبح هو الآخر، فى حكم المستحيل بسبب «مشروع التمكين» الإخوانى الذى يلهث مكتب الإرشاد لتنفيذه فى كل الهيئات والمؤسسات والوزارات دون أدنى اعتبار للكفاءات أو الخبرات التى أزاحها التمكين لصالح أناس لا يملكون من كل خبرات العمل أو الإدارة غير جهامة الوجه وغلظة القلب وانعدام الضمير الإنسانى تجاه الآخرين. خذ مثلاً مؤسسة الأهرام العريقة، التى كانت ،وما زالت، بيت خبرة إقليمياً، ساهم أبناؤه بدور عظيم فى إنشاء وتطوير عشرات الصحف والمؤسسات الإعلامية فى الوطن العربى كله.. هذه المؤسسة ومعها مؤسسات أخرى، مثل: الأخبار ودار التحرير ودار الهلال وروزاليوسف تتعرض الآن لعملية تجريف منظمة يقودها مجلس الشورى الإخوانى وتابعه المجلس الأعلى للصحافة اللذان أصدرا تعليمات شفهية لكل رؤساء مجالس الإدارات بعدم التجديد لأى صحفى بعد سن الستين.. وخلال الشهور الثلاثة الماضية شهدت «الأهرام» بمفردها خروج العشرات من أكفأ الصحفيين إلى البطالة الإجبارية، وهم فى قمة عطائهم، كما تم الاستغناء عن كتاب كبار ظل مجرد وجودهم فى الأهرام قيمة معنوية هائلة انعكست لعقود عديدة على توزيع الجريدة وعلى دخلها من الإعلانات. ولم يعد خافياً على أحد أن «الأهرام» تعرضت للانهيار المهنى والمادى فى توقيت متزامن لهذا التجريف المتعمد والجائر لأكفأ وأفضل صحفييها وكتابها، وفى الوقت الذى يجتهد فيه رئيس مجلس الإدارة، الأستاذ ممدوح الولى، فى ضغط النفقات وإغلاق العديد من المطبوعات المهمة، مثل الطبعة الدولية والطبعة العربية من الأهرام.. ويجرى التنسيق للاستغناء عن النسخ الورقية من معظم مجلات المؤسسة، إذا بنا نفاجأ بإعلان داخلى تم تعليقه قبل أسبوع فى كل طوابق المبانى الثلاثة يطلب من المحررين الذين يجيدون اللغتين الفارسية والتركية التقدم بطلبات للالتحاق بموقع إلكترونى جديد باللغة الفارسية، وموقع آخر باللغة التركية ستقوم المؤسسة بإطلاقهما قريباً. لماذا التركية والفارسية تحديداً؟ الإجابة ببساطة، لأن مؤسسة الأهرام بكاملها لا يوجد فيها أحد يجيد التركية أو الفارسية والحال كذلك ستلجأ الإدارة الإخوانية إلى استقدام جحافل الإخوان من أجندة خيرت الشاطر، لاقتحام «الأهرام» من جبهتين جديدتين، كل جبهة منهما تستوعب 50 «جحفلاً» على الأقل وما هى إلا شهور قليلة حتى يتسرب هؤلاء جميعاً بقرارات نقل داخلية إلى كل أقسام ومطبوعات المؤسسة العريقة. أى اجتراء هذا الذى يسول للإخوان هذا التخريب المتعمد لكل مؤسسات الدولة؟.. وكيف يقتلع الإخوان كل الكفاءات المهنية العظيمة من أماكنها بحجة ترشيد الإنفاق.. ثم يفتحون جبهات جديدة لجحافلهم الجهولة للسيطرة على مؤسسة مثل الأهرام، سيكون انهيارها كارثة اقتصادية واجتماعية وثقافية مخيفة؟ إننى أدعو نقابة الصحفيين وكل أعضاء الجمعية العمومية للنقابة وكل صحفيى الأهرام إلى التصدى العاجل لهذا التخريب قبل أن يتحول وجود الميليشيات المتأسلمة داخل المؤسسات الصحفية إلى أمر واقع يستحيل علاجه إلا ببيع هذه المؤسسات لرأس المال الإخوانى الجاهز والمستعد فوراً للشراء!