بنداري: بدء فرز الأصوات بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مباحثات لدعم الاستثمار البيئى فى شرم الشيخ    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    وزير الخارجية يتوجه للبنان للتأكيد على موقف مصر الداعم لتعزيز الاستقرار والتنمية    ‫ ليبيا... العودة إلى نقطة الصفر    تعرف على نظام قرعة كأس العالم 2026    تشكيل أبطال أوروبا – جارناتشو يقود هجوم تشيلسي.. وإريك لاعب وسط مع برشلونة    رسميا .. تأهل فلسطين وسوريا إلى نهائيات كأس العرب 2025    ضبط كميات من المخدرات قبل ترويجها في الأسواق بالإسكندرية    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    وزير الداخلية يستقبل نظيره الجزائري لبحث علاقات التعاون    يسرا تتسلم درع تكريمها بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    مراسل إكسترا نيوز: ما رأيناه باللجان عكس حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجنة العامة للانتخابات في السنبلاوين    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. انتعاش حركة التصويت قبل بدء استراحة القضاة بلجان القصر العيني ووسط البلد    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    توافد الناخبين بالأزبكية للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس النواب    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد العوامي يكتب: تكسير الإرادة لا تكسير العظام.. وإيران ترد ب قبضة مرتعش

تتسارع الأحداث ب وتيرة أشبه ب كابوس سياسي وعسكري يخيّم على منطقة الشرق الأوسط كلها .. ورغم أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي الإيرانية لم تكن مفاجأة في مضمونها .. لكنها كانت مفاجئة في توقيتها وحجمها ونوعيتها .. غارات تحمل رسالة مدروسة هدفها توجية " ضربة موجعة .. دون إشعال حرب شاملة " .. وفي المقابل كانت العين على طهران تترقب الرد الذي جاء على هيئة طلعات مسيّرة وصواريخ دقيقة .. بنفس المنطق " عض الأصابع .. دون كسرها " .
.. و .. و أحسب هنا أن المعادلة باتت واضحة وضوح الشمس .. إسرائيل لا تريد إسقاط النظام الإيراني .. ولا تريد الدفع ب حرب شاملة تخرج عن السيطرة .. وإنما تريد ضربة نوعية موجعة تشلّ أعصاب المؤسسة العسكرية الإيرانية .. ثم .. ثم توجّه إنذاراً صارخاً ل قيادات بعينها.. خاصة أولئك الذين لهم علاقة مباشرة ببرامج التسليح والصواريخ والطاقة النووية .
لذا وفي تقديري المتواضع نحن لسنا أمام حرب لكننا في الوقت ذاته لسنا أمام سلام .. إننا أمام " ضربة عقابية محسوبة " .. ومحاولة ل فرملة سريعة لأي مسار إيراني يتجه نحو خطوط حمراء تخشاها إسرائيل والولايات المتحدة معاً .
ولعل الراصد ل الردود الإيرانية اليوم والأمس .. نجدها دائماً لا تخرج عن نفس القاموس .. طهران تعرف جيداً أن الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل أو مع الولايات المتحدة .. هو نوع من الانتحار الاستراتيجي لأن الحقيقة العسكرية لا ترحم .. ف الجيش الإيراني رغم التسويق الإعلامي حوله .. إلا انه يعاني من ضعف هيكلي عميق ومتراكم جراء سنوات طويلة من العزلة الدولية .. والحصار التسليحي الذي يمتد منذ أكثر من 45 عاماً .. نعم إيران تملك جيشاً عقائدياً وتحالفات إقليمية قوية .. لكنها لا تملك سلاحاً جوياً متطوراً .. ولا أنظمة دفاع فعالة تواكب العصر .
وهذا لا يعني أن إيران " صفر اليدين " .. إذ أنها تركز كل أوراقها في سلة واحدة وهي " سلاح الصواريخ الباليستية " .. ورغم أنه سلاح واحد لكنه سلاح فعّال وطويل المدى .. يصل مداه ل أكثر من 2000 كيلومتر .. ما يعني أنه قادر على الوصول إلى أعماق إسرائيل وقواعدها الحيوية .. بل وضرب كل نقطة نفط في الخليج العربي .. و .. و "هذا هو بيت القصيد".
وبحسابات بسيطة فإن أي مواجهة شاملة مع إيران .. حتى ولو قُدر لها أن تنتهي ب إسقاط النظام أو تدمير البنية العسكرية .. ف إنها ستتم على ركام اقتصادي عالمي .. إيران في لحظة السقوط قادرة على إشعال الخليج .. وتدمير المنشآت النفطية من طهران إلى أبوظبي .. ومن البصرة إلى الظهران .. ما سيؤدي إلى شلل في إمدادات الطاقة العالمية .. ثم .. ثم إرتفاع جنوني في أسعار النفط .. ويدخل بعدها الاقتصاد العالمي في نوبة اختناق قد تكون مدمرة أكثر من الحروب ذاتها .
من هنا .. يستطيع أي متابع ذكي لتطورات الاحداث إدراك حقيقة ما يجري خلف الكواليس .. فالولايات المتحدة رغم شراكتها الاستراتيجية العميقة مع إسرائيل .. لا تريد ولا تحتمل حرباً شاملة مع إيران .. وهذا ليس من باب العاطفة أو الخوف .. بل من منطلق " براجماتي " اقتصادي بحت .. لأن سقوط إيران يعني سقوط نصف إمدادات الطاقة .. وخروج عشرات الملايين من براميل النفط من السوق .. فضلًا عن احتمال انفجار العراق وسوريا ولبنان واليمن دفعة واحدة .
لذا ف الواقع يقول إن هناك اتفاقاً ضمنياً بين واشنطن وطهران .. سواء جرى التصريح به أم لا .. إتفاق يقوم على قاعدة دقيقة وهي أن " إيران باقية " .. ولكنها تحت السيطرة أي أنها ممنوعة من التمدد العسكري النووي .. وممنوعة في الوقت نفسه من السقوط الكامل .. وهذا التوازن الرهيب هو ما يفسر محدودية الضربات .. وضبط النفس في الرد .. واحتفاظ كل الأطراف ب " خط للرجعة " .
أما إسرائيل ف غرضها ليس ب خافياً علي أحد .. تل أبيب تريد رسم خارطة جديدة للمنطقة .. تضعها في مركز القيادة السياسية والعسكرية والاقتصادية .. والهدف عندها ليس فقط مجرد الردع .. بل الهدف فرض الهيبة .. وإرغام كل اللاعبين على التسليم ب قيادتها .. وهذه ليست مجرد طموحات سياسية .. بل جزء من مشروع أوسع .. طالما يتغنّى به المتطرفون في الفكر الصهيوني .. ألا وهو حلم " إسرائيل الكبرى " .. الممتدة من النيل إلى الفرات .
لكن يبقي السؤال الذي يطرح نفسه دائماً .. ما الذي يمنع إسرائيل من تنفيذ هذا الحلم حتى النهاية ؟ .. و الجواب ببساطة هو : " مصر .. أم الدنيا .. الصخرة التي تتحطم عليها دائماً أطماع الغزاة " .
ففي ظل هذا التصعيد الخانق .. تقف القاهرة كجدار صد استراتيجي .. لا ب صواريخ ولا ب طائرات فقط .. بل ب ثقل سياسي وجيش عقائدي وطني .. وتاريخ طويل يقول كلمته عند كل مفترق في الطرق .. فمهما علا صوت التطبيع .. ومهما حاولت إسرائيل أن تخلط الأوراق .. تبقى مصر هي الدولة الوحيدة القادرة على فرملة هذا المشروع الصهيوني .. وموازنة الكفة الإقليمية في وجه التفوق الإسرائيلي العسكري المؤقت .
ولعل ما يدعم هذا الطرح هو موقف مصر الثابت من فكرة تفجير الإقليم .. وموقفها الوطني العروبي من حماية أمن الخليج .. ووقوفها حجر عثرة ل منع انزلاق إيران نحو مشروعها الثوري داخل الجغرافيا العربية .. لكن في الوقت نفسه تعرف مصر أن ضرب إيران حتى الفناء لن يكون نصراً للعرب .. بل بداية ل انهيار اقتصادي إقليمي غير مسبوق .
وعلى جانب آخر .. هناك وجه آخر للصورة لا يمكن تجاهله .. وهو دور الحلفاء الدوليين .. "روسيا والصين" .. إذ نري موسكو غارقة في حربها الطويلة ضد أوكرانيا .. لكنها لن تسمح ب انهيار إيران لأنها أحد أبرز محاورها في مواجهة الغرب .. أما الصين المرتبطة ب اتفاقات استراتيجية مع طهران تري أن استقرار إيران هو جزء من استقرار طريق الحرير .. ومصالحها التجارية في آسيا والشرق الأوسط .
كل هذه التوازنات تضع المنطقة على صفيح ساخن .. ف كل ضربة عسكرية محسوبة .. وكل طلعة جوية مدروسة .. وكل رد فعل مؤجل ب حساب دقيق للثمن والتكلفة .. والخطر الحقيقي هنا لا يكمن في الصواريخ .. بل في حسابات الخطأ في ظل هذا التوتر المتصاعد .. فقد تكفي شرارة واحدة ل صاروخ قد يخطئ هدفه .. أو قصف قد يسقط بسببه مدنيين .. أو عملية اغتيال خاطئة .. يكفي لأن تتحول اللعبة إلى حرب لا يريدها أحد .. حرب قد تندلع رغم أنف الجميع .
لذا يمكن القول إن ما نشهده اليوم ليس مجرد مواجهة بين إسرائيل وإيران .. بل اختبار دقيق ل طريقة إدارة التوازنات الدولية .. واختبار آخر ل قدرة المنطقة على استيعاب الضغوط دون الانفجار .. إسرائيل لا تريد حرباً شاملة .. وإيران لا تتحمل تبعاتها .. وأمريكا ترفض اندلاعها .. ورغم هذا يبقي الخطر قائم .. وتظل الشرارة قريبة .. والرهان الحقيقي اليوم هو على قدرة العقلاء في كبح جماح هذا الجنون .. قبل أن تُفتح علينا أبواب الجحيم .
فهل نحن أمام مرحلة من الضربات المحدودة المتكررة ؟ .. أم أننا نقترب من لحظة كسر العظام ؟
.. وأحسب أن الجواب هنا لا تملكه لا تل أبيب ولا طهران ولا حتي أمريكا .. بل تملكه شبكة معقدة من المصالح الإقليمية والدولية .. وشعوب لم تعد تتحمل مزيداً من الدماء والدمار .. وعلي الجميع أن يدرك أن إندلاع الحرب لا يحتاج إلا إلى غلطة واحدة تخرج ب الأمور خارج السيطرة .. عندئذ ستندلع نيران لا تبقي ولا تذر .
اللهم سلم وألطف ب عبادك الضعفاء علي كوكب الارض.
كاتب المقال : مدير تحرير بوابة أخبار اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.