سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور والفيديو| "كفر وهب" أفضل قرية في العالم.. "العمل الجماعي" يواجه تراجع دور الدولة "كفر وهب" تخلو من الأمية والقمامة.. وعمدة القرية: هناك محاولات إخوانية للسطو على الإنجاز وإقصاء أبناء القرية
رائحة البرتقال التي تتسلل من جنباتها لا تثني العين عن رؤية أشجارها المصطفة على جانبي الطرق، لم تلفت الانتباه عن "الأخضر" الذي يطلي أبواب ونوافذ بيوت قرية "كفر وهب"، التي تشغل 20 فدانا من شمال مركز قويسنا بمحافظ المنوفية، التي صنفت كأفضل قرية بالعالم، وفقا لمنظمة الثقافة والعلوم "اليونسكو". يعود ظهور القرية النموذجية الأولى بالعالم إلى الفترة خلال حقبتي إبراهيم باشا وسعيد باشا ما بين أعوام 1840، 1850، على يد زيد أحمد وهب وأشقائه، والذي يعود نسله إلى إبراهيم وهب، الذي جاء إلى مصر مع الفتح الإسلامي، خلال مجيء عمرو بن العاص، من الجزيرة العربية. حصل إبراهيم وهب أثناء توزيع الأراضي من الأتراك العثمانيين على 300 فدان، من "حاكم الخط" الموكل بتوزيع الأراضي على المصريين، مقابل توريد المحاصيل لدولة العثمانيين، واستجلب المهاجرين من المدن إلى القرى واستوطنوا في القرية التي سميت على اسمه فيما بعد، ليؤدوا أعمال الزراعة والحصاد، كما استقدم عدد من الأقباط سكنوا في كفر عبده المجاور لهم، وساعدهم في بناء كنيستهم ليضمن بقاءهم والعمل بزراعة الأراضي، ليستطيع الإيفاء بتعهده أمام الدولة بعد الحصول على الأرض. على مشارف القرية، وفي ميدان 25 يناير، تتوسطه حديقة "المدائن" يقف إلى جوارها فتحي عبد المحسن، أحد سكان القرية، بلحيته الكثة، يفرد مظلته مختبئا من بعض أشعة الشمس، متسلل من أوراق الشجر الكثيف، الذي صنع مظلة طبيعية للقرية بأثرها، ويتذكر حين سخر من غرس مجدي عبد المقصود، صاحب فكرة تشجير القرية، أول شجرة "فيكس"، وسط قرية تعتمد في زراعتها على أشجار الموالح. عبد المحسن، والذي عاد من الإسكندرية بعد غياب عشرين عاما، وجد قريته ومسقط رأسه، وقد بدت في حلتها الجديدة، ملتقى الأنظار بعد حصولها على لقب القرية الأولى بالعالم، يقول ل"الوطن"، إن مشروع تشجير القرية، والذي بدأ منذ عشرين عاما، لم يكن ألا ضرب من ضروب الخيال، ولكنه تحقق بعد أن وصلت عدد الأشجار بالقرية إلى 2000 شجر من أنواع "الفيكس" المختلفة، وبونسيانا ومسك الليل وثرو الليمون. القرية التى كانت مثل بقية القرى المجاورة تعج بالمشكلات، من تلوث مياه الشرب وتلوث البيئة، ووجود شبكة كهرباء غير منتظمة، تحولت إلى قطعة من الريف الأوروبية، حسب قول عبد المحسن، والذي يؤكد أن عملية التشجر أكسبتها بخلاف المنظر الجمالي، قدرة على طرد الحشرات الطائرة، فشجر "مسك الليل" و"ثرو الليمون" طارد للحشرات، علاوة على احتياجه تلك الأشجار من 150 إلى 200 لتر يوميا من المياه، ويحصل عليها من المياه الجوفية، فلا تجد دور أرضي واحد بالقرية يتأثر بالمياه الجوفية. يقول حسن مليجي، أحد سكان كفر وهب وواحد ممن قاموا بعملية التشجير، ل"الوطن"، "قمنا بعملية غرس الأشجار عام 1985، وكنا بنزرع شارع شارع بالليل والناس نايمة عشان محدش يعترضنا، والناس تقوم تلاقي الشارع كله مزروع شجر". عندما يسمع أهل القرية أصوات الصفير، تبدأ سكانها بجمع قمامة منازلهم، فقد حان مرور عمال النظافة، والجرار المرافق لهم، ويقول أحمد حسن، مسؤول جمعية المجتمع المحلى، والمتكفلة بمنظومة النظافة "مجموعة من شباب القرية، يقومون بعمليات جمع القمامة وتنظيف القرية 3 أيام في الأسبوع، ويقومون بعملية فرز وتدوير القمامة وبيعها، لتوفير دخل ثابت لهم، وهو ما يحفزهم على المرور على أهل القرية بالكامل"، ويؤكد حسن أن عملية منظومة النظافة بالقرية توفر أيضا عمل دائم ودخل ثابت لعدد من شباب القرى. بدأ عمل المنظومة الخدمية في القرية منذ عام 2000، يقول أحمد حسن إن الجمعية قامت بعمل فرن عيش مدعم من الدولة، بعد تخصص أرض وبناءه بالجهود الذاتية، ووضعت منظومة توزيع خبز كانت الأول من نوعها". وقال "مفيش أسرة في كفر وهب عندها مشكلة في رغيف العيش أو الوصول ليه، فعملية توزيع الخبز على البيوت بدأها شباب القرية، وأخذها المجلس المحلى منذ سنوات وقام هو على ذلك العمل بتعيين أحد شباب القرية". واستطاع العمل الخدمي في القرية توفير أنابيب الغاز وتوزيعها على البيوت، ويؤكد أحمد حسن أن القرية كانت تواجه منذ سنوات مشكلة الأنابيب، ولكن الجمعية وشباب القرية استطاعوا توفير الأنابيب للأهالي وتوصيلها للبيوت مقابل جنيه واحد للعاملين على التوزيع. وداخل دوار العمدة، يستند فيصل عبد العزيز وهب، عمدة القرية، على تاريخ أجداده، ويرفض فكرة أن عملية التشجير والنظافة هي من قادة القرية للحصول على التنصيف الأول على العالم كقرية نموذجية، ويشيرا إلى بداية العمل الحقيقي لتنمية القرية، وبناء البنية التحتية، منذ عام 1974، فلم يكن بالقرية سوى المسجد ودوار العمدة. يقول فيصل وهب، ل"الوطن"، "هناك محاولات لإقصاء بناة القرية الحقيقين، وإعادة الفضل لما آلت إليه القرية للإخوان المسلمين، للسطو على الإنجاز من قبل أبناء الإخوان في القرية، وقصر ما وصلته له القرية من ترتيب عالمي على النظافة والتشجير، دون النظر للبنية التحتية والخدمات، والتي قامت على الجهود الذاتية لأبناء القرية". فيصل يؤكد أن الحكومة في الستينات كانت تهتم بتطوير القرى الكبرى، كما استطاع شباب الكفر توفير البنية التحتية من مدرسة ومستشفى وبريد ومركز، والتي أقامها الأهالي بالجهود الذاتية. وأشار فيصل إلى الحاج عادل محمد حسن وهب، "الذي قاد بناء مرافق القرية، والتف حوله شباب القرية ورجالها من أبنائنا وكانت أول الخطوات إنشاء مركز الشباب وكان هناك تنازع بين شباب التيار الإسلامي وشباب القرية حول أرض مركز الشباب، ولكن جيهان السادات أصدرت قرارا بتخصيص الأرض لمركز الشباب لبناء ملاعبه، ليكون وعاء لطاقات الشباب وبداية التنمية في القرية". يقول عادل حسن، والذي استمر رئيسا لمجلس إدارة مركز شباب القرية منذ 35 عاما، وحتى ترك المركز لعدد من شباب القرية لقيادته منذ عامين، "المركز بعد بنائه أصبح قناة لتفريق طاقات شباب القرية في تنميتها، من خلال تشكيل المعسكرات للشباب لتصليح وتنظيف القرية، وإزالة أكوام السباخ، وتحسين مدخل القرية، وعمل جسر لترعة القرية، وهو ما بداية وصول القرية لما هي عليه الآن". يؤكد حسن أن الشباب الذين قاموا بعملية التشجير منذ عشرين عاما لم يكن غريبا عليهم من الفكرة، فهم تعودوا على رؤية العمل الجماعي من آبائهم الذين خدموا أهل القرية منذ عشرات السنين. القرية التى تخلو من الأمية، ترفض ما يدعيه بعض العاملين بالحي بوجود فصول محو أمية، حيث إن أقل المتعلمين بالقرية حاصل على ليسانس. كما استطاع الأهالي توفر مياه نظيفة من خلال محطة لتنظيف المياه، لتفادي مشكلة تلوث المياه، حيث قام أحد أهالي القرية ويدعى جمال حسن بإنشاء المحطة التى تقدم مياه صالحة للشرب، بنظام "R. o"، والذي ينقي المياه ولا تصبح صالحة فقط للشرب ولكن للغسيل الكلوي أيضا، وما يخرج عن المحطة من مياه ملوثة وتقدر ب ثلثي الكمية المقدمة للتنقية بالمحطة يضخ في مجار لاستخدمها في الزراعة. يروي صلاح وهب، أحد أبناء القرية، قصة الوصول لتصنيف اليونسكو، والذي بدأ منذ حصول "كفر وهب"، على القرية النموذجية على مستوى الجمهورية 2008، 2009، 2010، بعد التصعيد من مستوى المركز وحتى مستوى الجمهورية، وفي عام 2012، حصدت القرية المجاورة كفر الشيخ إبراهيم الجائزة، ولكن حين قامت اليونسكو بإرسال لجان متابعة وبتقارير أستاذة الجامعات المصرية، حصد الكفر المركز الأول عالميا. صلاح يضيف "هناك العديد من المشكلات تواجه القرية، ولا مجيب من المسؤولين، رغم تعدد الشكاوى"، مشيرا إلى أن هناك تعمدا في عدم إدراج القرية في منظومة الصرف الصحي، لافتا إلى العديد من الوعود والتى وصفها ب"كلام جرايد" حول حلول المشكلة الخاصة بالصرف. وأكد صلاح أن مركز الشباب يفتقر للإنارة، وعدد من الخدمات، والتى ترفض وزارة الشباب مد المركز بها، علاوة على رفض تمهيد الطريق المؤدي لكفر وهب، رغم أنه بديل لطريق بنها - قويسنا الرزاعي، وأشار إلى أنه "بعد سيطرة الحي على منظومة توزيع الخبز، التى خرجت عن أبناء القرية، أصبحت منظومة إفساد الخبز، وأصبح غير قابل للاستخدام الآدمي". وسنوافيكم بالفيديو بعد قليل..