مجلس الوزراء يوافق على إنشاء جامعة مصر الجديدة المملوكة ل «أخبار اليوم»    مشاجرة مسلحة بعين شمس بسبب خلاف بين أطفال    السيدة انتصار السيسى: سعدت اليوم بلقاء أبنائى من ذوى الهمم باحتفالية "أسرتى قوتى"    محمد عبد الستار يكتب: بعد النجاح في الزراعة ثم الصناعة.. التكنولوجيا هدف «مستقبل مصر» القادم؟    الوفد يصدر بيانًا حول «الإيجار القديم»: واجب النفاذ طبقًا لحكم «الدستورية»    نتنياهو: إيران لا تزال تشكل تهديدًا لنا ونأمل في توصل أمريكا إلى اتفاق معها    السعودية تدين وتستنكر تعرض وفد دبلوماسي لإطلاق نار من قبل الاحتلال الإسرائيلي    سفير أوكرانيا: غياب بوتين وزيلينسكي يعكس ضعف جدية موسكو بالسلام    توتنهام بطلا للدوري الأوروبي على حساب مانشستر يونايتد    حبس «كوافيرة» و5 سيدات في واقعة التعدي على محام بالمحلة الكبرى    نجل شقيق العندليب يكشف سر عدم زواج عبدالحليم حافظ    بينهم طه دسوقي ومايان السيد.. انتصار السيسي تكرم عددًا من الفنانين باحتفالية "أسرتي.. قوتي"    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    محافظ الدقهلية: 1522 مواطنا استفادوا من القافلة الطبية المجانية ب«بلقاس»    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    البنك الإسلامي للتنمية يوقع اتفاقيات بأكثر من مليار دولار مع عدد من الدول الأعضاء    الآن.. رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 في الجيزة (فور إعلانها)    تذكرة ذهاب بلا عودة.. خطة إسرائيلية لإفراغ شمال غزة عبر مراكز توزيع المساعدات    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    أول تعليق من ريال مدريد على إدانة خمسة أشخاص بجرائم عنصرية ضد فينيسيوس    وزيرا خارجية الجزائر وألمانيا يبحثان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    بيع 6 قصور.. اتهامات متبادلة بين أحفاد نوال الدجوي بشأن الثروة    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الاسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    الأهلي يرفض الاستعانة بمحمود فايز: "ولاد النادي أولى بالمهمة"    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    اجتماع أوروبي طارئ لبحث مستقبل الشراكة مع إسرائيل بسبب غزة    مستوطنون متطرفون يعترضون قافلة المساعدات إلى غزة.. فيديو    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المرور اليوم.. زحام وكثافات بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    تحت ال50 .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 21 مايو 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع مصر المستقبل
نشر في الوطن يوم 24 - 05 - 2013


المعارضة تنتقل من الابتدائية إلى الإعدادية..
هل تصدقوننى لو قلت لكم إن أهم أشخاص فى مصر الآن ليسوا مَن هم فى السلطة، وإنما من هم فى المعارضة؟ والمثال الذى يحضرنى هو أنه بعد تحول القطار من حالة السكون إلى حالة الحركة، فإن «الفرامل» تكون هى بطل المشهد؛ لأن عليها أن تضع حداً لهذه الحركة وإلا انقلب القطار.
هذه كانت مقدمة مقالى فى 5 سبتمبر 2012، أى قبل الإعلان الدستورى وقبل كل الصراعات السياسية التى نشهدها الآن. وجاء فى المقال أيضا أن المعارضة المقصودة هنا هى المعارضة «العاقلة» أو المعارضة الموالية للتقاليد الديمقراطية التى تعارض النظام الحاكم ولا تعارض الدولة، تحترم إرادة صندوق الانتخابات لكنها تراقب أداء من وصلوا إلى السلطة عبره. هى تعارض بقدر ما يصلح النظام وليس بقدر ما يقتله، كالدواء يؤخذ بقدر حتى لا يتحول هو بذاته إلى مصدر للداء. تضع القليل من النار تحت مقعد السلطة، لكنها حريصة على ألا تحرق المقعد؛ لأن الخروج على قواعد الديمقراطية مرة سيعنى الخروج عليها مرات، وبالتالى تعم الفوضى. ولو كان لى أن أستعير من التاريخ الأمريكى مثالاً فقد كانت تلك المنافسة بين توماس جيفرسون، الذى فاز فى النهاية بالرئاسة، وألكسندر هاميلتون، الذى قاد المعارضة ضده. وهذا الأخير كان من الفطنة أن يلعب دور المعارضة دون الإخلال بثلاثة شروط، وفقاً له، وهى: أولاً: ألا يدعم أى قوى خارجية ضد حكومة بلاده الشرعية، ثانياً: ألا يسمح لأحد بتهديد استمرار واستقرار الاتحاد (يقصد وحدة الولايات المتحدة الأمريكية)، وثالثاً: ألا يقول أو يفعل ما يهز ثقة الشعب الأمريكى فى المؤسسات والتقاليد الجمهورية، وكانت كلمة جمهورية تُستخدم آنذاك مثلما نستخدم نحن كلمة الديمقراطية.
وجاء فى المقال أيضا، وهذه هى مسئولية مرشحى الرئاسة السابقين ومعهم الدكتور محمد البرادعى، نريد منهم معارضة بنّاءة وعاقلة وحريصة على صالح الوطن، تحترم الديمقراطية بأبعادها الثلاثة: ديمقراطية الوصول للسلطة، وديمقراطية ممارسة السلطة، وديمقراطية الخروج منها.
ومن هنا، فإن الدور الذى يلعبه بعض السادة المرشحين السابقين من أجل إنشاء تحالفات أو جبهات أو تيارات سياسية هو مسألة مقدرة تماماً. وهو المدخل المنطقى لأن تنبنى الدولة الديمقراطية الناشئة على أسس سليمة، وهو ما يقتضى منهم السعى إلى التعدد فى إطار الوحدة، والتنوع فى إطار التوجه الواحد لأنه من غير ذلك فإن وجودهم لن يفيد المجتمع، بل سيضره.
حركة تمرد تقدم مثالا جيدا على الحركة فى الشارع، لكنها ستظل صيحة رفض بحاجة لوعاء أو أوعية تستفيد منها وتحفظ لها توجهها وإلا نعيد إنتاج نفس المشهد الذى رأيناه فى الميدان: نعرف ماذا نرفض، ونجهل ماذا نريد، نعرف من نرفض، ونجهل من نريد. يوم أن وقع أجدادنا على توكيلات لسعد زغلول وصحبه كان التوجه أوضح فنعرف ماذا نريد ومن نريد.
ولكن حدث تطور مهم فى الأسبوع الماضى، هو ظهور وثيقة «مصر المستقبل» التى قدم لها الدكتور محمد البرادعى وكأنها نقطة بداية ضرورية وإن لم تكن كافية فى نقاش موضوعى حول رؤية بديلة لمستقبل الوطن مقارنة بمشروع النهضة. ولا أود أن أدخل فى تقييم مباشر لما هو موجود فى الوثيقتين؛ لأن كلتيهما تفترض أصلا وجود «دولة» ومجتمع مستعد للنهضة وجهاز إدارى مستعد للانطلاق وبيئة سياسية مستعدة للتعاون مع الفائز فى الانتخابات من أجل مستقبل أفضل. وهى كلها افتراضات أثبتت التجارب أنها بعيدة عن الواقع لحد ما.
وقد ضاعف الأداء السياسى المربك والمرتبك للسلطة الحاكمة من صعوبة تحقيق التوافق وأصبحت مقولات المزايدة والمكايدة تجعل أى كلام على ورق مجرد كلام.
مقررات تقييم السياسات العامة للدول، وهى مرتبطة بتقييم البرامج السياسية، تفترض وجود عدة شروط تجمعها كلمة «SMART» باللغة الإنجليزية؛ حيث حرف الS يعنى «specific» أى أن يكون البرنامج محددا بعيدا عن الألفاظ العامة إلا فى المقدمة التى تلهب الحماس، ثانيا: ينبغى أن تكون «measurable» قابلة للقياس وفقا لمؤشرات أداء محددة سلفا (key performance indicators)، وتكون الأهداف قابلة للتحقيق فى ضوء الإمكانات المتاحة (attainable) ولا بد من تحديد هذه الإمكانات، وعليه لا بد ألا يستبد بنا الطموح لما هو مثالى أكثر مما ينبغى، أى أن تكون واقعية (realistic)، وأخيرا أن تكون موضوعة فى إطار زمنى محدد (time bound).
ولو طبقنا المعايير السابقة على مشروع «مصر المستقبل» فلا شك أنه سيحتاج المزيد من التطوير، لكن هذا ليس عيبا بقدر ما هو التطور الطبيعى للأمور، والقائمون عليه وضعوا عبارة مفتاحية توضح وعيهم به، هى أنها «ورقة عمل للحوار والمناقشة». المشروع وضع محاور عشرة للتنمية، بدءاً من محاصرة الفقر وضبط الأسعار وخلق اقتصاد وطنى وتوفير فرص عمل وإصلاح مؤسسى شامل وضمان سيادة القانون وحماية الحريات واستعادة دور مصر الخارجى وتأهيل المواطن المصرى لتحديات المستقبل والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية والتراث. ثم هناك دراسة أكثر تفصيلا لمجالات بذاتها من التعليم إلى الصحة إلى الزراعة إلى الصناعة والإسكان والإعلام والمجتمع المدنى.
إذن هى رؤوس أقلام ومحاور للنقاش المجتمعى والوطنى الأوسع، تقدم رؤية تستحق أن نتفاعل معها حتى نخرج من شرنقة الديمقراطية العرجاء التى توجد فيها رؤية واحدة وعشرات الأصوات التى تعارضها دون طرح البدائل.
هذه خطوة كنت أتمناها؛ حيث يشرع التيار الليبرالى فى تقديم رؤيته، حتى إن كانت أولية، لما يريد؛ لأنه من بين جميع الرؤى المطروحة على الساحة السياسية من اليسار بتنويعاته إلى اليمين الدينى بتنويعاته الأكثر اعتدالا والأكثر تطرفا، الصوت الذى أعتقد أن مصر بحاجة إليه الآن هو الليبرالية العاقلة التى تهتم بمشاكل المصريين الحاليين الحقيقيين وليست القائمة على استنساخ تجارب وقيم غربية لتطبيقها فى مصر وكأننا سنستورد مع الأفكار الغربية أشخاصا أجانب لتطبيقها.
خطوة موفقة، وأتمنى أن تتلوها خطوات فى زراعة الساق الأخرى للديمقراطية المصرية. علينا أن نساعد المعارضة المصرية، فقد تضطلع بدورها التاريخى فى موازنة السلطة الحاكمة، شرط أن تكون عاقلة قادرة على البناء وطرح البدائل. ولا ننسى المقولة الشعراوية الشهيرة: «دوام الخلاف من الاعتساف، ودوام الاتفاق من النفاق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.