كان خروج الزوج للمشاركة فى مظاهرات جمعة الغضب، الحلقة الأولى من حلقات المأساة التى أنهت حياته وزوجته، حيث تسبب استشهاده وحصول الأخيرة على مبلغ مالى كتعويض صرفته لها الحكومة، فى قيام جارهما وصديقيه بذبح الزوجة ووالدتها للاستيلاء على المبلغ، إلا أن حظ المتهمين العاثر أوقعهم فى أيدى رجال الشرطة بعد خطة بحث مكثفة نجحت من خلالها أجهزة الأمن فى كشف غموض مقتل الأم وابنتها. الجريمة البشعة شهدتها منطقة الشرابية وتم اكتشافها عندما أبلغت شرطة النجدة، مدير أمن القاهرة عن وجود قتيلتين بشقتهما بمساكن الشرابية، وتبين مقتل زينب عبدالرحمن على «75» سنة وابنتها نادية عبدالعزيز درويش «45» سنة، فى شقتهما رقم 9 بالطابق الخامس. كشفت تحريات المباحث أن جار المجنى عليهما ويدعى «محمود أ. ر»، 30 سنة، عامل ومقيم بالشقة رقم 2 بالطابق الأول بنفس العقار، هو مرتكب الجريمة بمعاونة اثنين من أصدقائه بدافع السرقة، وبالقبض عليه اعترف بأنه لم يقصد قتلهما بل كان يريد سرقة التعويض الذى صرفته زوجة الشهيد. قال المتهم أمام رجال المباحث، إنه يوم الجمعة الماضية قرر أن ينفذ مخططه لسرقة المجنى عليهما، وفى العاشرة مساء صعد إلى سطح العقار ودخل الشقة من شباك المطبخ، وأثناء البحث عن المبلغ شعرت به «زينب»، لكنه حاول أن يكتم صوتها ولكن فشل فقام بذبحها وشاهدته ابنتها «نادية» أثناء قتله لوالدتها ولكنها لم تتمكن من مقاومته، وحاولت الخروج من باب الشقة إلا أنه سدد لها عدة طعنات، وبعد أن تأكد من موتهما قام بفتح باب الشقة لصديقيه اللذين توليا عملية البحث عن التعويض، وبعد العثور عليه وأخذه قاموا بسرقة مصوغات المجنى عليهما. أرشد المتهم عن مكان المسروقات، وتم ضبط المبلغ المالى ومشغولات ذهبية خاصة بالمجنى عليهما داخل ورشته أسفل العقار الذى يقيم به، وتكثف الشرطة من جهودها لضبط المتهمين الهاربين. التقت «الوطن» أحمد عبدالعزيز درويش «43» سنة، مدرس، نجل المجنى عليها الأولى وشقيق الثانية، والذى روى لنا قصة شقيقته ووالدته اللتين قتلهما جارهما، وقال إنه يعمل مدرسا فى منطقة كنج مريوط بالإسكندرية، ويأتى إلى القاهرة لزيارة والدته على فترات متباعدة، ونظرا لأن شقيقته الصغرى «منى» متزوجة ومقيمة فى الإسكندرية أيضا فكانت والدتهما تذهب لزيارتهما هناك باستمرار، ولكن بعد استشهاد زوج شقيقته القتيلة «نادية» تركت شقتها وأقامت مع والدتها بمنطقة الشرابية، ومن وقتها أصبحت زيارة والدته له ولشقيقته «منى» حتى لا تترك شقيقتهما بمفردها فى الشقة. وتابع نجل المجنى عليها بأنها كانت دائمة الشكوى من المتهم حيث إنه كان يفرض عليهما بلطجته، وكان لا يسمح لأى عامل من دخول العقار ويقول للسكان: «اللى عايز يصلح أى شىء أنا موجود وأولى»، حتى إن والدتى من فترة اتصلت بعامل لكى يصلح خزان المياه فغضب «محمود» وانفعل عليها وصعد أعلى العقار وقام بكسر الخزان، ووقتها طلبت منه والدتى أن يصلحه وأعطته أجره. ولما سألها كانت بتقول له: «يا بنى اليومين دول بتوع «محمود» واللى زيو من البلطجية، والحمد لله إن آخرتها فلوس». أضاف: «ومن شهر نسيت أمى المفتاح داخل الشقة وطلبت من «محمود» أن يصعد إلى السطح ويدخل الشقة من شباك المطبخ ويفتح لها من الداخل، وبالفعل دخل الشقة وفتح لها الباب فدخلت على غرفة نومها وفتحت قفل الكنبة وأخرجت له فلوس وطلبت منه أن يشترى لها بعض الأشياء من الشارع، ولما كلمتنى فى التليفون قالت لى اللى حصل فطلبت منها عدم فتح الباب له أثناء وجودها بمفردها وأن تأتى لكى تغير جو فى هذا الصيف، وفعلا حضرت وقضت عندى أسبوعين وطلبت أن ترجع القاهرة، ولما طلبت منها أن تقضى معى أسبوع آخر بررت رجوعها بأنها سوف تذهب لكى تتبرع بمبلغ مالى للمسجد اللى فى المنطقة، وسألتها عن السبب فقالت لى دى حاجة بينى وبين ربنا». وقال إنها سافرت وآخر مرة اتصل بها كانت يوم الجمعة الساعه 9 مساء، وإنه يوم السبت اتصل بها عدة مرات ولكنها لم ترد فاتصل على تليفون شقيقته وهى الأخرى لم ترد، واتصل بكل أقاربه فى القاهرة وأخبروه بأنهم لم يروها، فحضر إلى القاهرة، وبمجرد وصوله سأل الجيران فقالوا له بأنهم لم يروها من أمس ففتح باب الشقة بمفتاحه ووجد المشهد الذى لن ينساه مدى حياته على حد قوله، والدته وشقيقته فى وسط الشقة غارقتين فى دمائهما وبدأت جثتاهما فى التحلل نتيجة الوقت الطويل على اكتشاف الواقعة وكذلك ارتفاع حرارة الجو.