يبحث مجلس الأعمال المصرى - الإثيوبى خلال الأيام القليلة المقبلة فرص زيادة الاستثمارات المصرية فى إثيوبيا إلى 4 مليارات دولار قبل نهاية عام 2014 المقبل، وذلك فى محاولة لوقف تسارع تحركات الحكومة الإثيوبية للبدء فى مشروع «سد النهضة». وحذّرت غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات من تأثيرات بناء سد النهضة الإثيوبى على مستقبل إنتاج الحبوب فى مصر، الذى قد يصيب 1.3 مليون فدان بالدلتا بالجفاف. وأشارت إلى أن كل المحاولات المصرية لمنع هذا المشروع تعد يائسة مقابل التوغُّل الإسرائيلى داخل إثيوبيا. وقال أيمن عيسى، رئيس مجلس الأعمال المصرى - الإثيوبى، إن حجم الاستثمارات المصرية بالسوق الإثيوبية بلغ مليارى دولار تقريباً، فى قطاعات إنتاجية متعددة منها: الطاقة والبنية التحتية، من خلال شركة «المقاولون العرب»، ومشروعات فى مجال المواسير والكابلات ومواد العزل وإنتاج اللحوم وقطاعات إنتاجية أخرى. أضاف «عيسى» أن التبادل التجارى بين البلدين لم يتخطَ 350 مليون دولار، مشيراً إلى أن الميزان التجارى العام بين البلدين، يميل إلى صالح مصر بفائض 50 مليون دولار بنهاية 2012، حيث بلغ حجم الصادرات المصرية إلى إثيوبيا نحو 200 مليون دولار، فيما استقبلت السوق المصرية واردات إثيوبية قيمتها 150 مليون دولار. وتعد هذه الأرقام مؤشراً لضعف حركة التبادل التجارى بين البلدين نتيجة المشكلات التى تواجه عمليات نقل السلع إلى السوق الإثيوبية. وأشار «عيسى» إلى أن وجود العديد من المجالات التى يمكنها جذب الاستثمارات المصرية إلى السوق الإثيوبية، مثل البنية التحتية كالطرق والاتصالات، والطاقة، سواء الرياح أو المولدات أو استخدام الطاقة الشمسية. وقالت مصادر بجهاز التمثيل التجارى التابع لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية، إن ملفاً شاملاً تم إعداده بالتعاون مع مجلس الأعمال المشترك بين مصر وإثيوبيا لإعداد زيارة خلال الأسابيع المقبلة لزيادة الاستثمارات المصرية داخل إثيوبيا بنسبة 100% لتصل إلى 4 مليارات دولار فى 2014. وأشارت المصادر إلى أن تحرُّكات موسّعة تُجرى حالياً بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى أيضاًً لسرعة ضخ استثمارات جديدة داخل إثيوبيا فى محاولة لوقف تسارع مشروع سد النهضة الذى أعلنت الحكومة الإثيوبية مؤخراً عزمها البدء فى تنفيذه، الأمر الذى يُهدِّد أمن مصر المائى. وقال الدكتور محمود أبوزيد وزير الرى الأسبق، إن سد النهضة الإثيوبى أصبح أمراً واقعاً ولا يمكن إيقافه مطلقاً، حيث إن إثيوبيا تسعى لتنفيذه بلا هوادة. وأضاف أن شهر سبتمبر المقبل سيكون موعداً تتلقى فيه مصر سلسلة من الصفعات الموجعة، حيث تستعد إثيوبيا لتغيير مسار نهر النيل الأزرق الذى يمد مصر ب60% من مياهها سنوياً، وذلك لتملأ إثيوبيا خزان سد «النهضة». وأشار إلى أن ذلك يعنى أن مصر والسودان ستفقدان 18 مليار متر مكعب من المياه سنوياً. وأكد «أبوزيد» فى تصريحات خاصة ل«الوطن» أن آثار سد النهضة لن تتوقف عند حد نقص المياه فقط، بل ستُهدد حياة المصريين بالكامل فى قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والكهرباء. وأكد «أبوزيد»، أن الحكومة المصرية غائبة عن الوعى و«نائمة فى سُبات عميق»، واعتبر أن أخطاء الحكومة الحالية كارثية فى هذا الملف، مع التسليم الكامل بأخطاء النظام السابق والإرث الثقيل الذى أورثته للنظام الحالى. وأكد أن قيام ثورة 25 يناير لا بد أن يعنى تصحيح المسار السياسى والاقتصادى والأمنى، مشيراً إلى أنه لا يمكن استخدام الأساليب القديمة فى معالجة الأزمات، داعياً إلى تطبيق تغيير جذرى فى أسلوب التعامل مع الملف المائى فى أفريقيا. وقال «أبوزيد» إن حكومة د. هشام قنديل رئيس الوزراء، لم تعطِ ملف «سد النهضة» الإثيوبى حقه من الاهتمام الكافى، وانشغلت بمشكلاتها الداخلية، حيث انشغل حزب «الحرية والعدالة» الحاكم بملف «التمكين»، وتفرّغت الأحزاب السياسية لمحاربة «التمكين»، وتناسى الجميع أن هناك خطراً كبيراً سيُداهم مصر فى السنوات المقبلة، لافتاً إلى أن الأجيال الصاعدة هى التى ستتحمل الأخطار. وقال الوزير الأسبق إن مؤسسة الرئاسة والحكومة تُضيّع الوقت، والزيارات الخارجية إلى دول حوض النيل سبب سوء هذا الوضع، وزيارة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، إلى إثيوبيا كانت خاطفة ولم تعقبها متابعات من الحكومة، ولكن الدكتور هشام قنديل ذهب إلى كينيا لحضور مراسم تنصيب، وكان الأولى مناقشة كينيا فى التوقيع على اتفاقية «عنتيبى» ولكنها كانت زيارات لمجرد «جبران الخاطر». وكشف «أبوزيد» أن الوقت مازال أمام حكومة «قنديل» فى تقليل آثار ومخاطر «سد النهضة» على مصر، بعد أن أصبح أمر بنائه لا رجعة فيه، فمن الممكن أن نتفاوض مع الجانب الإثيوبى على إطالة زمن ملء خزان السد، وهو وقت غير معلوم، ولكن الحقيقة المعلومة أنه لو كانت فترة ملء السد طويلة، كان ذلك فى صالح الجانب المصرى، أما قصر مدة ملء الخزان ستكون العواقب وخيمة. ومن جانب آخر، طالب الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، الحكومة بمكاشفة الشعب بأضرار السد الإثيوبى، وتوحيد الأطراف السياسية فى البلاد للمحافظة على أمن مصر المائى، والتوصُّل إلى اتفاق مع السودان فى إطار اتفاقية 1959، وبحث تنفيذ تصميمات بديلة لهذه السدود، لا تسبب أضراراً، ودعا «علام» إلى رفع مستوى التفاوض مع إثيوبيا إلى المستوى الرئاسى، خصوصاً مع عودة إثيوبيا إلى بناء السد منفردة، رغم تشكيل لجنة ثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان. من جانبه، قال الدكتور محمد شوقى عبدالعال أستاذ القانون الدولى وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن القانون الدولى يتيح للدولة استخدام مواردها بشرط ألا تتضرر دولة مجاورة، لافتاً إلى أنه يجب اتباع ضوابط محدّدة وهى مبدأ عدم الضرر بإنقاص كميات المياه المتدفقة نحو بقية دول الحوض ووجوب حماية البيئة النهرية. وأضاف «شوقى» أن من حق مصر -حسب القانون الدولى-إخطارها مسبقاً قبل بناء أى دولة لسدود على النهر، وأن يشمل الإخطار بالبيانات الدقيقة الفنية الخاصة بالسدود، للجنة الثلاثية المحددة لمدة قبل العمل ب18 شهراً لدراسة أضرار السد، لافتاً إلى أن هذه اللجنة يمكنها أن تمد مدة عملها إلى مئات الشهور، وطالب بضرورة حل هذا النزاع سلمياً، وليس باستخدام القوة، بسبب اشتراط القانون الدولى موافقة الطرفين على التحكيم.