مرشحون.. بوسترات.. طوابير ناخبين.. وحبر فسفورى، مشاهد جديدة، أدخلتها ثورة يناير على حياة المصريين، بعد أن رسخت شعورا داخل نفوسهم بأن صوتهم أمانة، وأن الوقوف فى طوابير الانتخابات أولى من طوابير العيش والبنزين. المشكلة أن «ماسورة الانتخابات» التى انفجرت فى وجه الشعب أصابته بالملل من كثرة الانتخابات التى أجريت بعد الثورة، بدءاً من الاستفتاء وحتى انتخابات الرئاسة مرورا بانتخابات الشعب والشورى والنقابات واتحادات الطلاب وقيادات الجامعات وانتهاء بانتخابات الشعب المقرر إعادتها وفقا لحكم المحكمة الدستورية. أول خروج للمواطنين لممارسة ديمقراطية الاختيار بين متعدد، كان للاستفتاء على التعديلات الدستورية، فى 19 مارس 2011، وفيه خرج 18.5 مليون ناخب ليقولوا نعم، و4 ملايين ناخب ليقولوا لا. تلا الاستفتاء، انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات، الذين أشرف فيها الطلاب بأنفسهم على العملية الانتخابية، إلى جانب انتخاب القيادات الجامعية سواء كانت عمداء أو وكلاء كليات أو رؤساء جامعات، بعد سنوات طويلة عانت فيها الجامعات من التدخل الأمنى وتقييد الحريات. أول انتخابات مجلس شعب بعد سقوط النظام أجريت على ثلاث مراحل من 28 نوفمبر 2011 وحتى 11 يناير 2012، بخلاف مرحلتين لانتخابات مجلس الشورى فى الفترة من 29 يناير 2012 وحتى 11 مارس 2012. تزامن مع ذلك انتخابات النقابات المهنية: الصحفيين، أطباء الأسنان، المحامين، المعلمين، بالإضافة إلى انتخابات نقابة المهندسين، بعد 17 عاماً من الحراسة، التى فُرضت عليها دون أى مبرر. أهم انتخابات فى تاريخ مصر هى الانتخابات الرئاسية، بجولتيها الأولى والثانية، والتى لن تكون نهاية لمسلسل الانتخابات، حيث إن حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب جعلنا على أبواب انتخابات برلمانية جديدة. العشوائية السياسية التى أديرت بها المرحلة الانتقالية، بما أفرزته من انتخابات متعددة بلا معنى، أصابت قطاعا كبيرا من الشعب بالإحباط والملل فى رأى الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز «يافا للدراسات والأبحاث»، خاصة أن الأكثر تنظيما وليس الأكفأ هو من كانت تأتى به الصناديق الانتخابية. خطورة الأمر أن يتسبب ما سبق فى عزوف قطاع كبير من الشعب عن المشاركة فى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية المقبلة، كرد فعل للعذاب الذى يجنيه من الديمقراطية، بل ربما يحن إلى أيام الاستبداد التى ارتبطت فى ذهنه بالاستقرار والراحة.