«لو رجعت الأيام هقتله تانى، بس هاخد بالى عشان ما اتمسكش، ولو قام من قبره هخلص عليه». الجملة السابقة رددتها منى قاتلة زوجها ب«سم» الزرنيخ داخل شقتهما بمنطقة المرج. منى قالت إنها شاهدت فيلم «غرام الأفاعى»، للفنانة ليلى علوى، واقتبست طريقة القتل من الفيلم، لتتخذ بعدها قراراً بوضع حد نهائى لحياته إلى الأبد. «منى م. ف»، 31 سنة، تقيم بالمرج، وفى حجز قسم شرطة المرج التقتها «الوطن» بعد القبض عليها بمعرفة الرائد محمد رضوان، رئيس مباحث قسم شرطة المرج، ومعاونه النقيب محمد عصمت. منى سيدة لا يتجاوز طولها 140 سم، نحيفة الجسم، لكن من عينيها ينبعث بريق شرير، تجلس بهدوء، وتحكى قائلة إنها من مدينة بنها، وقبل 10 سنوات وأثناء زيارة عمتها بمنطقة السلام، شاهدها زوجها القتيل محمد إسماعيل، 32 سنة، وطلبها للزواج ووافقت، واستأجر لها شقة قانون جديد بمنطقة المرج، التى وقعت فيها الجريمة. حاول يشربنى حشيش «كان جوازنا جواز تقليدى، وخلفت منه عبدالله، عنده دلوقتى 9 سنين، وجنى، عندها 4 سنين، وكنا عايشين حياة عادية، بس حماتى عملتلنا مشاكل، لأنها من الأول ماكانتش عاوزانى أعيش معاها فى بيتها، وعشان كده جوزى اضطر إنه ياخد لنا شقة بره فى المرج». تروى منى قصتها مع الزوج القتيل، وتؤكد أن حماتها لم تتركها فى حالها، بل جعلت جيرانها يكرهونها لكثرة نزولها للشارع لشراء احتياجات المنزل، وبعد فترة من الزواج وجدت أن حال الزوج تبدل وأصبح يتعاطى مخدر الحشيش. بتماسك غريب تقول منى: «كان بييجى كل يوم البيت وهو مسطول، وكان بيضربنى ويشتمنى بأقذر الشتايم، وبعد الثورة قل الرزق وجوزى بقى عصبى، وكان كل يوم بيجيب صحابه البيت عشان يشربوا الحشيش، وكان بيجيب معاهم حريم مش كويسين، وطلب منى بعد كده إنى أقعد معاهم وأشرب الحشيش، ولما رفضت صمم فقلتله أنا هقعد معاهم بس مش هشرب حاجة، فوافق، وزادت السهرات كل يوم، ولما كان بيخرج عبدالله ابنى من أوضة النوم، كان بيضربه هو وأخته ويقفل عليهم الأوضة بالمفتاح». القتل بدلاً من الطلاق لم يتوقف الزوج عند هذا الحد -بحسب المتهمة- بل كان يأخذ من المنزل بعض الأشياء الخاصة بها مثل خاتم أو دبلة ذهب أو بطانية أو أنبوبة بوتاجاز، لكى يشترى مخدرات، وينكر أنه رآها ويطلب منها أن تتصرف وتحضرها لأنها هى التى باعتها، ومن هنا فكرت فى الطلاق، خاصة أنه كان يعطيها كل يوم 10 جنيهات مصروفاً للمنزل، وهذا المبلغ لا يكفى، فطلبت منه الطلاق ولكنه رفض وهددها بأن يأخذ منها الأطفال وسيحرمها منهم، ومن وقتها لم تفكر فى الطلاق بل أخذت تفكر فى شىء آخر وهو أن تتخلص منه للأبد بطريقة لا تكتشفها المباحث. أثناء مشاهدتها للتليفزيون شاهدت فيلم «غرام الأفاعى» لليلى علوى، ومن وقتها قررت أن تتخلص منه بطريقة لا يكتشفها أحد، فسألت وعرفت أن سم الزرنيخ لو تم تناوله بكميات بسيطة جدا على عدة مرات سوف تنتهى حياه الإنسان بهدوء ودون أن تكتشف الجريمة، فلم تقتنع بهذا الكلام بل دخلت على «النت» وتأكدت من صدق صاحب المعلومة، الذى لم تفصح عنه حتى فى تحقيقات النيابة العامة، وقررت أن تتخلص منه عن طريق وضع الزرنيخ فى الكوارع، لحبه الشديد لها. اكتشفت الزوجة أنها فى مأزق، فهى لا تعرف من أين ستشترى سم الزرنيخ، وفى نفس الوقت لا تريد أن تسأل أحداً من المنطقة حتى لا يفتضح أمرها، فسألت صاحب معلومة القتل بالزرنيخ، فقال لها إنه يباع فى باب الشعرية، وذهبت إلى هناك واشترت سم الزرنيخ واحتفظت به فى المنزل، وكانت المشكلة التى واجهتها هو ثمن الكوارع فلا بد أن تصبر لفترة حتى تقوم بتوفير ثمن شراء الكوارع من ال10 جنيهات المصروف اليومى للمنزل، وبمجرد أن وجدت معها مبلغ 60 جنيهاً قامت بشراء الكوارع. ساعة الصفر يوم الخميس قبل الماضى أخبرت زوجها أنها سوف تعد كوارع على الغداء، تلك الوجبة التى يفضلها، وطلبت منه ألا يتأخر، وبالفعل حضر الزوج فى الميعاد، وكانت المفاجأة بأنها أخبرته بأنها وطفليها قد تناولوا طعام الغداء بسبب تأخره، فلم يشك الزوج فى شىء بل تناول الطعام، وطلب منها أن تنتظره مستيقظة لحين رجوعه من الخارج، وأخبرته بأن الكوارع الباقية لن يأكلها أحد سواه، فابتسم وخرج من المنزل، ثم جلست الزوجة مع أبنائها تشاهد التليفزيون، ودخلت غرفة نوم الأبناء وغلبها النعاس، ثم فوجئت بابنها عبدالله يوقظها ويخبرها بأن والده حضر من الخارج وهو مريض، فقامت الزوجة ودخلت عليه فوجدته يتألم فى الفراش ويخرج من فمه رغاوى. أيقنت الزوجة أن مخططها بدأ يؤتى ثماره، وطلبت منه أن يستريح وذهبت إلى المطبخ وأحضرت شوربة كوارع ووضعت عليها سم الزرنيخ وطلبت منه أن يشربها، لأنه قد يكون مصابا ببرد فى المعدة، فرفض وأسقط الشوربة من يدها وقال لها: «قتلتينى يا بنت ال...»، فشعرت الزوجة وقتها بأنه سوف يفتضح أمرها، فقالت له: «كمان حتى وانت بتموت قليل الأدب»، ثم قامت بوضع وسادة على وجهه، وظلت تكتم نفسه، ثم رفعتها وقامت بخنقه، وعندما تأكدت من وفاته خرجت لطفليها وأخبرتهما بأنه رفض تناول الشوربة ونام. وأشارت الزوجة إلى أنها نبهت على طفليها بأنه فى حالة السؤال عما حدث يقولان إن والدهما خرج بعد تناول الطعام وعاد وهو فى حالة إعياء شديد، وكانت الساعة قد اقتربت من الرابعة فجراً، فطلبت منهما أن يدخلا غرفة نومهما، وظلت هى أمام التليفزيون وكل فترة تدخل عليه تتأكد من وفاته، لأنها كانت تخشى أن يكون ما زال على قيد الحياة ودخل فى غيبوبة، ولو أفاق سوف يفتضح أمرها، ولكى تتأكد قامت بوضع ماء مثلج عليه، ووضعت له برفان ولكن دون جدوى، وتركته على السرير ووضعت عليه 3 بطاطين، وتركته فى غرفة النوم، وجلست أمام التليفزيون وظلت حتى صباح اليوم التالى. يوم الجمعة، أشارت عقارب الساعة إلى الحادية عشرة صباحاً، أيقظت منى طفليها وتناولوا طعام الإفطار، وقامت بغسل كل الملابس التى قام بالترجيع عليها وحتى ملاءة السرير، لكى لا تترك وراءها أثراً لجريمتها، وبعد الانتهاء من عمل المنزل تناولوا طعام الغداء، وفى الساعة الخامسة مساء، ذهبت إلى جارها فى الطابق الثانى وأخبرته بأن زوجها مريض ولا تدرى ماذا تفعل، وعندما دخل على زوجها اكتشف موته، فأخبرها بأنه سوف ينزل إلى المنزل لإحضار جهاز قياس الضغط، وعندما تأخر عليها نزلت إلى شقته ففتحت لها زوجته وأخبرتها بأنه خرج لإحضار سيارة لنقل الزوج إلى المستشفى، ولكنه أحضر المباحث. هقتله تانى المقدم هشام قدرى، مفتش المباحث، والرائد محمد رضوان، رئيس مباحث المرج، والنقيب محمد عصمت، معاون المباحث، ألقوا القبض على المتهمة التى اعترفت بقتل زوجها وظلت متماسكة إلى آخر لحظة، ثم تساقطت دموعها وقالت: «أهلى مايعرفوش إنى فى قسم المرج، يا ريت حد يبلغهم»، وأضافت: «لو رجعت الأيام مرة تانية كنت هقتله برضه.. بس كنت هاخد بالى عشان ما انكشفش». أسرة القتيل فى مساكن العبد الجديدة بمنطقة السلام، تقيم أسرة القتيل، شقيقته سيدة إسماعيل، 28 سنة، ربة منزل، قالت إن والدها توفى وتركها وشقيقها المجنى عليه طفلين، هى 5 سنوات والقتيل 9 سنوات، وخرجت والدتهما للعمل فى مصنع للملابس لكى تنفق عليهما وعاشوا حياة صعبة جدا. تحكى سيدة: «قبل 10 سنوات شاهد منى عند عمتها بالمنطقة، وأعجب بها وطلب من والدته أن يتزوجها، فوافقت وذهب لمقابلة والدها فى بنها، ووافقوا عليه»، هكذا تروى شقيقة المجنى عليه، وتضيف أنه «يوم الخطوبة ذهب إلى منزل العروسة وبعد صلاة الظهر وجدناه يتصل ويقول إنهم أحضروا المأذون وطلبوا أن يكتب عليها، وعندما ذهبوا إليه وجدوه تزوجها، وقام بالتوقيع على قائمة المنقولات الزوجية بمبلغ 50 ألف جنيه، وتزوجها مع والدته فى شقتها، ولكن لم تمر عدة أشهر حتى طلبت منه أن يستأجر لها شقة مستقلة، لكثرة الخلافات مع والدته». بالفعل انتقل إلى شقة إيجار بمنطقة النهضة، وظل بها لمدة سنة، إلى أن وجد أن صاحب سوبر ماركت بالمنطقة يطلب منه زواج شقيقته، فأبلغه بأن شقيقته متزوجة، فقال له منى، فاكتشف أنها أوهمته بأنها شقيقته ولم تخبره أنها زوجته، فذهب إلى والدها وأخبره بما حدث فقال له: لما تلاقى حد معاها فى السرير ابقى تعالى وقول وأنا أقطع رقبتها». خيانة الزوجة وتكمل القصة بأنه عاد إلى المنطقة وأخذ شقة أخرى بمنطقة البركة، وسمع أن زوجته تخرج من الشقة فى غيابه وأقامت علاقة مع حلاق المنطقة، فترك الشقة وذهب إلى شقة جديدة بمنطقة العرب وهى التى قتل فيها، وظل معها وخوفاً على أطفاله من التشرد فى حالة حدوث الطلاق، وكذلك القائمة المرتفعة التى قام بالتوقيع عليها، لذلك كان صابراً ويريد أن يثبت خيانتها لوالدها، وكان لا يتعاطى أى مخدرات مثلما قالت فى اعترافاتها. فى فبراير الماضى طلبت الزوجة المتهمة منه الطلاق ووعدته بالتنازل له عن الأطفال، فقام بالاتصال بوالدها وأخبره بأنها طلبت منه الطلاق، ومن حقه أن يأخذ القائمة، فرفض طلاقها، وأضافت شقيقته أن والدته قالت له كثيرا بأنها سوف تقتله بالسم، وقامت زوجته بالذهاب إلى منزل والدها فى بنها وتركت الأطفال مع والدهما وظلت هناك لمدة 28 يوماً. وكانت المفاجأة أن محمد عثر فى الشقة فى فترة غيابها على 5 شرائح تليفونات، وعثر على تسجيلات لها وعندما عادت فى منتصف شهر مارس واجهها بهذه التسجيلات وبالشرائح ووعدته بأنها سوف تحضر له القائمة من والدها، وكذلك سوف تتنازل عن كل حقوقها المادية وكذلك الأطفال، فى مقابل أن تأخذ هذه التسجيلات وعدم افتضاح أمرها، وأن يعطيها فرصة لتصل إلى مكان القائمة، وقبل الوفاه ب15 يوماً ذهبت إلى منزل والدها وظلت عدة أيام، ثم حضرت ومعها والدتها، وأقامت معهم وقبل الوفاة بيوم واحد رجعت إلى منزلها ببنها، وفى الجمعة قبل الماضى وجدت شقيقة المجنى عليه جارة والدتها تخبرها بخبر وفاته، وعندما سألوا فى المباحث عن الهاتف المحمول الخاص بالقتيل تبين أنهم لم يعثروا عليه، وعلى البطاقة وكل الأوراق الخاصة به. عمو المدرس والدة القتيل وتدعى سعاد محمود حسنين، 63 سنة، تقول: «ابنى كان على باب الله ومراته تعبته فى حياته، وأنا زعلانة عشان مات قبل ما يطلقها»، ثم أخذت تهذى ببعض الكلمات غير المفهومة، وفى غرفة مجاورة كانت تجلس جنى، 4 سنوات، ابنة المجنى عليه وقالت: «عمو خنق بابا بالإيشارب وهو اللى ضربوا على وشه، وأنا مليش دعوة، عشان ماما قالت لو اتكلمتى العسكرى هيقبض عليا»، بينما قال عبدالله ابن القتيل: «أنا معرفش حاجة، ماما قفلت علينا الأوضة لغاية الصبح، ويوم الجمعة خرجتنى أنا وأختى، والمغرب قالت بابا مات». وقالت أم أحمد، 48 سنة، خالة القتيل: «إن عبدالله كان يأخذ درس فى البيت بمفرده، وبعد حالة الوفاة ذهبت إلى المدرسة لمقابلة المدرس حتى تعطيه العنوان الذى يحضر إليه لكى يعطيه الدرس، وكانت المفاجأة أن عبدالله قال: أستاذ الدرس مش من المدرسة، وده ماما هى اللى اتفقت معاه عشان ييجى البيت، وكان مش بيعرف يشرح حاجة، وطول الوقت كان يبعتنى مشاوير».