تعيش رأس غارب فى البحر الأحمر على حافة بركان قد ينفجر فى أى وقت، بسبب احتجاجات الشباب العاطلين الذين يطالبون بالتعيين فى شركات البترول المنتشرة فى المدينة التى تنتج 70% من الناتج المحلى للمواد البترولية، وكل يوم يصعد الشباب احتجاجاتهم، لدرجة أن بعضهم هدد بتفجير خطوط البترول، وبعدها تفجير أنفسهم. ويعانى أبناء المدينة، التى تسمى عاصمة البترول، البطالة، الأمر الذى دفعهم إلى المطالبة بحقهم فى التعيين فى شركات البترول، وطرقوا كل الأبواب حتى اضطروا إلى اللجوء إلى الاعتصام وغلق الطرق والتهديد بوقف شحن البترول، لكن لم يستجب أحد لهم. يقول خالد محمود قناوى، أحد الشباب، ل«الوطن»: «نحن 800 شاب من مواليد مدينة رأس غارب، وُلدنا على أرضها، ونستنشق بخار البحر الممزوج برائحة الغاز، كنا نحلم بالتعيين فى شركات البترول المنتشرة فى المدينة، لكن وجدنا الطريق أمامنا مظلما، نحن مجموعة من شباب الخريجين، بعضنا من حملة المؤهلات العليا والبعض الآخر من حملة المؤهلات المتوسطة، صدمنا بالواقع المرير الذى لم نكن نحلم به، رغم أن مطالبنا بسيطة للغاية، وتقدمنا فى شهر أكتوبر 2012 بطلبات للتعيين فى قطاع البترول، من منطلق أننا نعيش فى مدينة تنتج 70% من البترول فى مصر، ولا تعرف المدينة العائمة على بحار البترول من متع الدنيا شيئا سوى البترول، وكان عدد الذين تقدموا وقتها حوالى 250 شابا من أبناء المدينة من بينهم مهندسو بترول وكهرباء، ثم وصل عددنا إلى حوالى 800 شاب، ولكننا كنا نسمع فى كل مرة جملة واحدة وجاهزة ومعلبة وهى (فوت علينا بكرة)، وطرقنا جميع أبواب المسئولين، لكن الوجوه تغيرت، والسياسة واحدة لم ولن تتغير، للأسف ما زالت الوساطة والمحسوبية تتحكمان فى مصائرنا حتى الآن، مع أن هناك تعيينات كثيرة تم توفيرها فى شركات البترول لبعض المحظوظين من أبناء المسئولين، وهو ما دفعنا إلى استخدام الاعتصام السلمى، لكن دون أى جدوى، وكأننا نعيش فى وطن غير وطننا لا تعترف الحكومة بأننا بشر، ومن حقنا أن نحصل على فرصة عمل شريفة تقينا شر السؤال». وقال محمد فوزى، أحد الشباب المتضررين من البطالة: «نموت كمدا يوميا بسبب الجلوس على مقاعد قطار البطالة الذى لا يريد أن يتوقف بنا، فى البداية أسسنا (اتحاد شباب غارب) للمطالبة بحقوقنا المشروعة، وبطريقة سلمية، وقدمنا أوراق التعيين إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول، ووافق عليها، واعتقدنا وقتها أن جميع مشاكلنا انتهت، لكننا وجدنا أنفسنا أمام مشكلة حقيقية، وهى التخبط وعدم احترام القرارات؛ فقد وافق وزير البترول على تعيين 204 شباب يتم توزيعهم على شركات البترول العاملة فى المنطقة، وبدأ بتعيين 80 شابا فى مرحلة أولى، و124 شابا مرحلة ثانية، وبدأت هذه الشركات فى المماطلة فى تنفيذ تأشيرة الوزير بتعيين المرحلة الأولى، ما دفع الشباب العاطل إلى الاعتصام وغلق بلف التصدير وغلق الطرق لمطالبة هذه الشركات بتنفيذ قرار الوزير، وبعد شهور ومحاولات كثيرة واعتصامات وإضرابات ومنع سيارات البترول من نقل المواد الخام وتدخل الأمن ومساندة النقابة العامة للعاملين فى البترول تم التوصل إلى بدء إجراء تعيين 50 شابا من الدفعة الأولى و30 شابا مرحلة ثانية». وقال على محمد أشرف، الحاصل على بكالوريوس هندسة بترول تقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف: «بالرغم من حصولى على هذا المؤهل وهذا التقدير فإننى أعانى البطالة، وهناك 27 شركة بترول فى رأس غارب لن تجد بها سوى عدد قليل من أبناء رأس غارب؛ فمثلا شركة بتروجلف يعمل بها 3 فقط من أبناء المدينة». وأضاف: «من المفروض أن يتم تعيين أبناء المدينة الحاصلين على هندسة بترول بأمر تكليف». وقال أحمد حربى، أحد الشباب: «نحن نطالب بحق أصيل من حقوقنا فى المدينة، نريد أن نعمل فى شركات البترول برأس غارب، التى لا نعرف سواها، ولا يوجد مصدر رزق فى المدينة سوى البترول». وقال أحمد عاشور: «عدد كبير من أبناء رأس غارب العاطلين لديهم خبرات تفوق القادمين من محافظات أخرى، لكن من الواضح أن الشركات تكره أبناء المدينة وتستقدم العمالة من المحافظات الأخرى». من جانبه، قال لطفى الدمرانى، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد من أبناء رأس غارب: «مشكلة شباب رأس غارب مشكلة قديمة، ونسبة العاملين من أبناء المدينة فى شركات البترول تكاد لا تذكر، وبعد الثورة عاد الأمل من جديد، لكن الشباب فوجئوا بوعود فى الهواء».