عزفت الجماهير المصرية عن مشاهدة الدورى المحلى واتجهت بمختلف انتماءاتها لمتابعة الدوريات والديربيات الأوروبية بشكل كبير، حتى إن مشهد تكدس وتزاحم الجماهير على المقاهى لمتابعة المباريات الأوروبية أصبح مشهداً معتاداً فى الشارع المصرى، وطبيعى أن تتجه الجماهير المصرية إلى متابعة الدوريات الأوروبية والإثارة والمتعة، والاستمتاع بالمباريات التى أصبحت أشبه بلعبة «البلاى ستيشن» لزيادة المتعة فى الأهداف وفى الطرق الخططية التى يبهر بها المدرب الأوروبى المشاهد المصرى، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح أصحاب الأعمار الصغيرة يعشقون البارسا والميلان والريال وغيرهم، بل ويعشقون نجومهم عن ظهر قلب.. وهذا شعور طبيعى مقارنة بالدورى المصرى الذى افتقد بريقه فى دورى المجموعتين ولم نشاهد ديربى الأهلى والزمالك ولا الأهلى والإسماعيلى ولا الزمالك والحرس ولا الزمالك وإنبى، ولم ينتج دورى الموظفين (دورى المجموعتين) أى متعة تذكر، وأصبحت مباريات الدورى عادة أسبوعية وعزفت الجماهير عن متابعتها لغياب الإثارة والمتعة. وإذا كانت الجماهير ممنوعة من حضور المباريات فلن يختلف الأمر كثيراً إذا سمحنا بحضور الجماهير لأنها ستعزف أيضاً عن الحضور إلى الاستادات وتشجيع فرقها نظراً لضعف المنافسة. وجاء قرار وزير الرياضة الأخير بمنع حضور الجماهير المباريات الأفريقية، بعد خروج جماهير الزمالك والإسماعيلى والأهلى عن النص، ليؤكد أن جماهير كرة القدم ضلت التشجيع وتحولت إلى مجموعات وكيانات بعيدة تماماً عن التشجيع الرياضى، بل ولها أغراض سياسية تتعارض مع كرة القدم. والخطر الكبير هو الزج بالسياسة والدين فى ملعب الرياضة، فالرياضة وكرة القدم قادرتان على تجميع كل الأطياف والديانات والانتماءات السياسية فى ملعب ومدرج واحد، الملعب يختلط بلاعبين وفى الفريق الواحد ما بين انتماء سياسى وربما دينى مختلف ولكن الكل يلعب على هدف واحد، كذلك الجماهير، من يجلس لا يعرف من الذى بجواره سوى أنه يشجع مثله، وينتمى لنفس الكيان التشجيعى ويجهل فيه اتجاهه السياسى والدينى، فهو أمر لا نهتم به ويجب ألا نهتم به فى ملاعب كرة القدم، وإذا كانت بعض الجماهير حاولت إقحام السياسة فى ملاعب كرة القدم فهى النهاية للرياضة، ملعب السياسة يجب أن يكون بعيداً عن ملعب كرة القدم، لأنها الوحيدة التى شملت تحت مظلتها الجميع ولم ولن تلفظ أحداً، فمن كان يتخيل أن المتعة الكبيرة التى كانت تأتى من وراء جماهير كرة القدم حتى أطلق البعض على الجماهير لقب «اللاعب الأول»، فأصبحت الجماهير هى عائق اللاعب وأزمة الأندية. فهل فطنت الجماهير لما أقدمت عليه وما سببته من أضرار لفرقها؟، هل تدرك أنها استُخدمت كأداة لزج السياسة بملعب الكرة، أما آن الأوان للتراجع عن الخطأ، ونعترف أننا جماهير حتى نستطيع أن نعود للطريق الصحيح، التشجيع من أجل التشجيع دون أبعاد سياسية ودينية.