منذ أول سطر كتبته فى الصحف المصرية، حاولت أن أنأى بنفسى عن الخوض فى موضوع الإعلام أو الكتابة حول مشكلاته، رغم أن ذلك من صميم تخصصى، ورغم اندهاشى من الطريقة التى يفكر بها بعض المنتقدين للإعلام وأداء الإعلام، خصوصاً من أعضاء جماعة الإخوان و«دلاديلها»، فإننى كنت أوثر الحديث فيما هو أجدى، لكن الكلام الذى تكرر كثيراً على لسان الدكتور حسن على -خلال الفترة الأخيرة- حول أداء وسائل الإعلام وأخلاقياته جعلنى أُضرب عن صمتى. والدكتور «حسن» أستاذ إعلام بجامعة المنيا ورئيس ما يسمى «جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء». أسجل فى البدء أننى لا أختلف مع الدكتور فى ضرورة حماية الجمهور من تغول بعض النوافذ الإعلامية، وضرورة أن تراعى وسائل الإعلام أخلاقيات محددة فى أدائها، لكن أن يكون الهدف هو حرمان وسائل الإعلام من واجبها فى نشر الأخبار، ومصادرة حق الإعلاميين فى نقد أداء السلطة التنفيذية فذلك ما لا يرضاه عاقل. وقف الدكتور -ذات مرة- أمام مجلس الشورى وقال ما نصه: «خلال عشرة أيام جاءنى 156 خبرا منها 150 خبرا سلبيا، منها ما يمس الأمن الوطنى، و6 أخبار فقط كانت إيجابية، وهذا أسلوب خبيث لهدم الدولة، وهناك منها أخبار مبتورة وأخبار مكذوبة، وما يحدث شغل يتعلم منه إبليس». ولست أدرى على أى أساس فرّق الدكتور حسن على بين الخبر الإيجابى والسلبى، هل المسألة تمت على «المزاج» الإخوانى؟ هل هناك معنى لوصف سلبى وإيجابى عند الحديث عن الأخبار؟ هناك يا دكتور خبر مهنى يتأسس على الصدق والدقة وتلبية الاحتياجات المعرفية للجمهور، وآخر غير مهنى يفتقر إلى هذه الشروط، فلو نشرنا مثلاً خبراً عن أن الكهرباء تنقطع بشكل ممنهج فى بعض المناطق، فإن الدكتور يصنف هذا الخبر -طبقاً للمزاج الإخوانى- على أنه سلبى؛ لأنه يعبر عن فشل حكومة «قنديل»، لكنه فى النهاية خبر حقيقى ويعبر عن وقائع غير مكذوبة! ثم كيف عرفت يا دكتور أن هذا الخبر كاذب وأن ذلك مبتور؟ هل لديك معلومات كاملة عن الأحداث؟ هل تملك فى يديك مفتاح خزانة أسرار الدولة، أم أنك تستعين ب«أخ صديق» يحدد لك الصادق من الكاذب فى الأخبار؟! أما المضحك فى هذا الكلام فيرتبط بالعبارة التى يقول فيها الدكتور: «ما يحدث شغل يتعلم منه إبليس»، وهى محاولة إخوانية كوميدية ل«أبلسة» الإعلام، والنظر إليه على أنه «ست» إله الشر الذى ينطبق عليه المثل: «إبليس يقولك -أى للإعلام- يا بابا»! وهو كلام مضحك يذكرنا بكلام المرشد عن «سحرة فرعون» فى وصف الإعلاميين الذين يشوهون ملائكة «المقطم». نصيحة للدكتور «حسن على»: ركّز مع الإخوان فى تطوير أدواتهم الإعلامية الكاريكاتيرية التى لا يعتمد عليها أحد فى الحصول على معلومة أو تفسير أو رأى، بمن فيهم الدكتور نفسه.. وكذّبنى!