تشهد جولة الإعادة فى أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير كتلة واسعة من الأصوات الانتخابية تتجاوز العشرة ملايين صوت، لم يذهب أى منها فى الجولة الأولى من الانتخابات لصالح المرشحين اللذين يخوضان «الإعادة». وتقف هذه الكتلة الآن بتنوعاتها المختلفة أمام ثلاثة اختيارات: إما دعم الدكتور محمد مرسى، أو الفريق أحمد شفيق، أو عدم التصويت للاثنين من خلال المقاطعة أو إبطال الصوت. وبقراءة ل«الكتلة الثالثة» التى خرج مرشحوها من السباق الرئاسى فى الجولة الأولى، قال محللون سياسيون: إن أنصار الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح سيكونون أقرب فكرياً للتصويت ل«مرسى»، رغم الاختلافات السياسية، بينما سيتجه أنصار عمرو موسى للتصويت لصالح «شفيق»، فيما ستصبح المقاطعة أو إبطال الصوت هو الخيار الأقرب لمؤيدى حمدين صباحى نظراً لرفضهم للمرشحين اللذين يقفان على بُعد خطوة واحدة من «مقعد الرئيس». فى تحليله لتفضيلات الكتلة التصويتية ل«صباحى»، التى بلغت 4 ملايين و820 ألفاً و273 صوتاً، قال الدكتور رفعت سيد أحمد، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز يافا للدراسات، إن الأصوات التى انتخبت المرشح «رمز النسر» الذى ودّع السباق الرئاسى بعد حصوله على المركز الثالث فى الجولة الأولى «ستكون أقرب للمقاطعة أو إبطال الأصوات فى جولة الإعادة بنسبة تقترب من ال90% ؛ لأنهم بين نارين أحدهما مُر» متابعاً: «ستبقى نسبة قليلة حائرة من مؤيدى صباحى سينقسمون بين شفيق ومرسى، بعضهم سيعطى الأول خوفاً من دولة الإخوان، وبعضهم سيصوت لمرسى -على مضض- رفضاً للنظام السابق الذى ينتمى له الفريق شفيق». ووصف رفعت أصوات «صباحى» بأنها تعبر عن الاتجاه الوطنى الواسع الذى يرفض الدولة الدينية من ناحية، والدولة العسكرية من ناحية أخرى، وأضاف: «أغلب هؤلاء لم يصوتوا لصباحى لارتباطهم به أو لأنه الأفضل على الإطلاق، ولكن لأنه المرشح الذى عبّر فى هذه الانتخابات الرئاسية عن المساحة المدنية والثورية التى تقع فى الوسط، وجاء من بعده أبوالفتوح»، قائلاً: «هؤلاء أعطوا أصواتهم للثورة ورغبة فى العدالة الاجتماعية». وحول أصوات «أبوالفتوح»، التى بلغت 4 ملايين و65 ألفاً و239 صوتاً، قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسى ورئيس مركز ابن خلدون، إن أصوات المرشح «رمز الحصان» الذى ودّع السباق الرئاسى بعد حصوله على المركز الرابع فى الجولة الأولى استهدفت تحقيق حالة توافقية متصالحة بين التيارين المدنى والإسلامى. وأكد أن أغلب مؤيدى «أبوالفتوح» سيتجهون لدعم محمد مرسى، فيما ستكون المقاطعة أقرب لشريحة من هذه الكتلة التى تتمثل فى الشباب الثورى، قائلاً: «أعتقد أن نسبة 70% ممن صوتوا لأبوالفتوح سيقررون دعم مرشح الإخوان من انطلاق بحثهم عن التوافق ولقرب «مرسى» إليهم عن شفيق، فى حين ستتجه نسبة تقترب من 30% -والتى تتركز فى الشباب والتيار الثورى والمدنى- إلى مقاطعة الانتخابات؛ لأنهم يضعون «مرسى وشفيق» فى سلة واحدة»، وتابع: «هذه الشريحة القليلة من مؤيدى أبوالفتوح ترى أن مرسى يأخذهم لدولة دينية تخضع لمكتب إرشاد الجماعة، وأن شفيق يأخذهم إلى دولة الرئيس السابق وكبت الحريات والحقوق والعودة للوراء». وبشأن الكتلة التصويتية ل«موسى» التى بلغت 2 مليون و588 ألفاً و850 صوتاً، قال الدكتور جمال سلامة، رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة قناة السويس، إن جولة الإعادة ستشهد تحول الكتلة التصويتية للمرشح «رمز الشمس» الذى جاء بالمركز الخامس فى الجولة الأولى لدعم «شفيق» فى جولة الإعادة، موضحاً أن دوافع الناخبين الذين صوتوا ل«عمرو موسى» تمثلت فى الاستقرار والخبرة وكونه يحمل كاريزما ويبدو فى مظهر رجل الدولة القوى صاحب الخبرات والقادر على ضبط زمام الأمور، وهى الدوافع نفسها التى يرونها أيضاً -من منظورهم- تتوافر فى الفريق شفيق، مستبعداً أن تتجه الكتلة التصويتية ل«موسى» إلى مقاطعة الانتخابات. وفى سياق متصل قال سلامة: إن الجولة الأولى شهدت ظهور ما يسمى ب«الكتلة المتأرجحة»، وهى الأكبر فى الانتخابات، وتجاهلت كلاً من مرشح الإخوان ورئيس الوزراء الأسبق لتصوت لصالح مرشحين فى منطقة الوسط بين الطرفين، وهما «صباحى وأبوالفتوح» رغم افتقار هذه الكتلة الكبيرة للدعم التنظيمى، قائلا: «إن نجاح شفيق أو مرسى يرتبط بقدر كبير بمدى قدرة كل منهما على جذب وإقناع هذه الكتلة المتأرجحة».