الكلام مع رجل الإعلام والإعلان طارق نور، يحمل أبعاداً مختلفة، فهو يرى السوق جيداً، بحكم أن لديه فضائية ووكالة إعلانية، وهو يستطيع أن يتحدث بالضبط عما يحدث فى «الميديا» اليوم، وحجم الخسارة التى تتكبّدها القنوات الفضائية حالياً، ورغم أنه يقول إن كل القنوات الفضائية المصرية تخسر، وإن سوق الإعلانات منهارة، فإنه ينوى أن تستمر قناة «القاهرة والناس» لعدة سنوات، مؤكداً أنه سيربح من ورائها، وساعياً لتقديم محتوى برامجى مميز يجعله ينجح فى تحقيق هذه المعادلة الصعبة. وما بين الإعلان والإعلام من ناحية، والسياسة ورجال الأعمال من ناحية أخرى، يدور هذا الحوار مع طارق نور. * كيف ترى المشهد السياسى الحالى وتداعياته على الإعلام؟ - ما يحدث فى البلد الآن ترصُّد واضح لرجال الأعمال، رجل الأعمال أصبح يُعامل على أنه حرامى، بالرغم من أنه أساس الاقتصاد، لذا لا بد من تشجيع كل من يريد الاستثمار فى مصر، لأنها الفرصة الحقيقية والوحيدة للنهوض بالدولة، إلا أن ما يحدث الآن من وجود حالة كره وحقد تجاه رجال الأعمال لن يفيد أحداً، وبالتالى لا بد أن يعلم النظام أن هناك رجال أعمال شرفاء، من الضرورى منحهم الثقة الكاملة، خصوصاً أن هناك كثيرين من رجال الأعمال الموجودين فى الخارج الذين يريدون العودة إلى بلادهم واستثمار أموالهم فيها، لكن هناك حالة خوف شديدة. * ماذا عن التطهير الذى ينادى به الجميع بعد الثورة؟ - الثورة قامت من أجل القضاء على الفساد، لكن الفساد استشرى فى كل أركان الدولة، ولا بد أن تدار البلاد من خلال رجال مشهود لهم بالكفاءة، كل فى مجال تخصُّصه، وبعيداً عن المصالح، وأنا أعتقد أن مصر الآن تعيش أولى سنوات الديمقراطية حتى لو كان فى ظل حكم «الإخوان». * من وجهة نظرك.. هل تأثرت سوق الإعلان بالأزمة الاقتصادية؟ - سوق الإعلان مرتبطة بالاقتصاد، فعندما تنتعش وتزداد التنافسية، ستجد من يُعلن منتجه هنا وهناك، وهذا شىء طبيعى، ومن هنا ينتعش الاقتصاد، مثلا لدينا «70» مليون موبايل، لكن لا يوجد أحد يشترى اليوم، لذا اضطرت الشركات إلى التنافس بطريقة أخرى هى أن تقلل الأسعار، وهذا فى صالح المستهلك، والأمر نفسه يحدث فى صناعة السيارات، ولم تعد هناك إعلانات إلا «شيبسى» أو منتجات التسلية، ولم يعد أحد يبيع أو يشترى، وسوق الإعلانات منهارة والاقتصاد على حافة الهاوية. * هل ترى أن هناك أملاً فى إيجاد حلول لهذه الأزمة الإعلانية، كأن يكون الحل مثلاً فى تقليل أجور الإعلاميين؟ - بالعكس أرى أن الأزمة ستتفاقم، أما عن أجور الإعلاميين فكل شىء عرض وطلب، فعندما يزداد الطلب يزداد لحدوث شىء مثير، فهناك ثورة وشارع ثورى و«إخوان» و«بلاك بلوك» و«وايت بلوك»، وكل هذا يعتبر غذاءً للإعلامى الجيد الذى يستطيع أن يجمع كل ذلك، ومن كل مكان، لذا يكون للإعلامى الجيد ثمن كبير. * هل تتفق مع الرأى القائل إن الإعلام فى مصر يساعد على إثارة الفتنة؟ - الإعلام عبارة عن جيش رابع وخامس، وهو من أساس مقوّمات الدولة، وقد رأينا أن هناك إعلاماً يصنع دولة لا دولة تصنع إعلاماً مثل قناة «الجزيرة» التى صنعت قطر، بل ويصنع الثورات، وأنا أزعم أن الإعلام لدينا كان جزءاً كبيراً ممن صنعوا الثورة، فقد أثر على حكم الرئيس السابق مبارك، واليوم أصبح الإعلام ملكاً للشعب، ولم يعد له صديق إلا «الخبر» ومدى السبق فى الحصول عليه. * مشروع القناة الفضائية يكسب أم يخسر؟ - يخسر، ولا يمكن أن يكسب فى السنة الأولى ولا الثانية، فهو يأخذ ثلاث أو أربع سنوات وأحياناً خمس سنوات، على أن تضع له أرضية قوية من المادة والمحتوى والمضمون الجيد، وبالتالى يكون لها مستهلك، والفكرة كلها أنك تبدأ فى ظل القنوات الموجودة فعلاً، والتى أعتقد أنها لا تحقق ربحاً أصلاً، علما بأننا قائمون على ركيزة اقتصادية بحتة، لأننا فى «القاهرة والناس» الوحيدون أولاد المهنة. * هل صحيح أن خيرت الشاطر عرض عليك شراء القناة؟ - لا.. ليس صحيحاً. * كمالك للقناة، هل تتدخل فى محتواها الإعلامى؟ - لا.. فأنا أراها مثل أى مشاهد، وهناك أشياء كثيرة لا أشاهدها، لكننى أتدخل فى المهنية الخاصة «برتم» القناة والديكور أو أى شىء لا يعجبنى وأطلب تغييره، نحن كرجال أعمال مشغولون بكيفية إدارة القناة والإنفاق عليها. * سقف إبراهيم عيسى هو الأعلى فى معارضة «الإخوان» والنظام، هل يُسبّب ذلك مشكلات لك فى عملك الخاص؟ - لا أعتقد أن كل «الإخوان» سيئون، لكنهم مثل كل الناس، فيهم الجيد والسيئ، وأرى أنهم فى أشد الحاجة إلى الدعاية والإقناع والتسويق لأنفسهم، أما أن يصطدم النظام بأصحاب القنوات عن طريق التضييق عليهم فى أمور عدة مثل الضرائب أو معاملة وزارة معينة معهم بشكل سيئ، فأنا أعتقد أن هذا نوع من السذاجة، وهم لا يفعلون ذلك لأنهم يعلمون أنه إذا حدث ذلك فستقوم القيامة عليهم، لأن الجميع سيعلم السبب، كما أعتقد أنه من الأولى النظر إلى المشكلات المتفاقمة فى المجتمع، لأن الشعب المصرى ينتظر الآن العصا السحرية التى تأتى بأموال لحل مشكلات المجتمع، لذا فلا بد من استغلال السنوات الأربع التى سيحكمون خلالها فى النهوض بالمجتمع، بدلاً من الانشغال بأمور فرعية حتى يكتسبوا ثقة الشعب، لكن المشكلة أنهم يعملون على المدى القريب وليس على المدى البعيد، وما يحدث الآن فوضى نتمنى أن تنتهى سريعاً. * هل أنت متفائل أم متشائم؟ - متشائم، فالوضع الذى أراه سيئ، ولا بد من الكف عن إطلاق كلمات «فلول» و«أجندة» على كل شىء فى البلد، ويجب أن يستمع النظام إلى المعارضة وأن يعمل على كسبها، لكن الثقة تأتى بالأفعال لا بالأقوال، ولا بد أن يحترم الرئيس وعوده، وأن يكون رئيساً لكل المصريين، ولا يكفى أن تقول إن عندك مشروع نهضة.. أين هى النهضة؟