رغم تعود المشاهدين على أن تكون قناة «القاهرة والناس» قناة موسمية رمضانية، تغلق أبوابها بمجرد نهاية شهر رمضان، فإن صاحبها، رجل الإعلانات الشهير طارق نور، قرر استمرارها طوال العام، لتضع نفسها على ساحة المنافسة مع كثير من الفضائيات التى يمتلكها رجال أعمال. وفى حواره معنا تحدث «نور» عن سر استمرار القناة، والاتهامات الموجهة لها بالجرأة الشديدة، والخوض فى الموضوعات الشائكة، وموقف القناة وصاحبها من «الإخوان»، الذى يظهر بعض العداء الظاهرى بضم الإعلامى إبراهيم عيسى المعارض لفكرهم، وعمل برنامج خاص بعنوان «زمن الإخوان»، ومستقبل المنافسة والحرب الشرسة بين وكالات الإعلان والقنوات، التى تسببت فى فساد الدراما بالفواصل الإعلانية التى تحولت إلى كابوس حقيقى للجمهور.رجال الأعمال اضطروا لفتح محطات تعبر عنهم لتحمهيم من "سكين" الإعلام * ما السبب الأساسى فى إنشائك قناة «القاهرة والناس»؟ - فى الحقيقة هو سبب إعلانى وإعلامى فى نفس الوقت، فلن أدعى أنى أبحث عن المجد الإعلامى دون البحث عن تغطية هذا الإعلام ماديا، بواسطة الإعلان الذى يوفر الدخل الذى يدفع الرواتب للإعلاميين والموظفين ومصروفات وتكلفة الإعلام الذى يتم تقديمه. * هذا يعنى أنه لولا توافر الإعلان الذى ينفق ماديا على القناة ما كنت تحملت المغامرة؟ - المال هو الذى يضمن حرية المحتوى الإعلامى، وهذا شىء لا يمكن إنكاره. * لكن بعض رجال الأعمال الذين أنشأوا قنوات يستخدمونها للتعبير عنهم، وهذه ليست حيادية. - بالتأكيد، هناك كثيرون يستخدمون قنواتهم لتكون وسيلة اتصال لهم بالناس، وهذا حقهم؛ حيث ذبح الإعلام الكثيرين من رجال الأعمال والمستثمرين، ووسط نشوة السبق الإعلامى لا يتم تحرى الدقة، ويتم إلقاء التهم جزافا على الناس، وحتى إن ظهرت براءتهم لا يهتم الإعلام بنشرها، وهنا يكون الشخص قد تم تدميره تماما، ولهذا وجد بعض رجال الأعمال أن إنشاء قنوات خاصة سيحميهم من سكين الإعلام، وتكون وسيلة اتصال مع الناس، ولكن بالنسبة لى الإعلام والإعلان سلعة ومشروع بيزنس، والحيادية والموضوعية هما اللتان تحققان لى هدف الإعلام والربح؛ لأن كثيرا من القنوات تفقد مصداقيتها بسبب التحيز، وهذا لا يربح ماديا أبدا. * وما السبب وراء قرارك استمرار قناة «القاهرة والناس» بعد رمضان وسبب تأجيل افتتاحها يوم ذكرى ثورة 25 يناير؟ - كنت بالفعل سأفتتحها يوم 25 يناير الماضى، لكنى وجدت أن الظروف غير مناسبة، ولم نكن جاهزين بالمحتوى اللائق، وفضلت أن أظهر فى الوقت المناسب، وقررت الاستمرار لأن لدينا مادة كافية طوال العام من الإعلام والإعلان والمحتوى التليفزيونى، وشهر رمضان موسم مضمون بكل المقاييس؛ لأنه يعتمد على أعلى نسب مشاهدة، سواء فى الإعلام أو الإعلان، ولكن هذا ليس قانونا ساريا على الجميع؛ فالقنوات التى لديها محتوى إعلامى جذاب تحقق نسبة إعلان ومشاهدة جيدة جدا، لكن حتى لو توافرت الكثافة فلن يجذب المحتوى الإعلامى الضعيف الإعلان أو المشاهدين، وهذا يفسر مكسب قنوات معينة فى رمضان، وخسارة قنوات أخرى، وقد درست ظروف السوق ووجدت أننا يمكن أن نبث طوال العام. * منذ افتتحت القناة وهى تتسم بطابع الجرأة الشديدة فى برامج طونى خليفة وزادت الجرأة مع «سمر والرجال» وغيره من البرامج الساخنة.. لماذا؟ - دون أى فلسفة، الإعلام فى تعريفه المنطقى عبارة عن سلعة، والرابح هو من يقدم سلعة مختلفة تفرض وجودها، والجرأة ليست عيبا ولا حراما، ولكن للأسف طبيعة الشعب يحب الجرأة ويخفى رأسه فى الرمال، ولا أعرف ما الذى نحاول أن نخفيه، كفانا خوفا، والمفترض أننا بعد الثورة أصبحنا أكثر جرأة وصراحة وانفتاحا على العقول والعالم، ولا أعتقد أن الجرأة التى يتم طرحها فى البرامج خادشة للأسرة أو للحياء، وإلا أصبحت سلعة منفرة وخاسرة، ولكن بصراحة جرعة الجرأة زادت هذا العام. * أليس غريبا أن تزيد جرعة الجرأة فى نفس الوقت الذى تصعد فيه التيارات الإسلامية؟ - بالعكس زيادة الجرأة هى اختبار حقيقى للمرحلة التى نعيشها، و«الإخوان» يسيطرون على الحكم؛ فهم يؤكدون أنهم رعاة للحرية والليبرالية، وستثبت الأيام هل هذا الكلام حقيقى أم لا، خاصة أننا لم نجد حتى الآن أى قمع للحريات. * لكن انضمام إبراهيم عيسى وهو معادٍ ل«الإخوان» ثم تقديم برنامج طونى خليفة «زمن الإخوان» يعنى أن لك موقفا مضادا منهم؟ - شئنا أم أبينا نحن فى زمن «الإخوان»، والسؤال الآن: هل هذا الزمن سيكون جيدا أم سيئا؟ نحن جميعا لا نعرف أى شىء، لكن فى نهاية الأربع سنوات سيكون الحكم للشعب؛ لذلك فليس من حقى إبداء أى رأى مؤيد أو معارض للإخوان، لكن عموما أهلا وسهلا بهم، فأنا رجل ليبرالى، وأقبل الآخرين حتى لو اختلفت معهم، ولكن ما يشغلنى حقا هو تسييس الدين وتديين السياسة، فكلاهما يجب أن ينفصل عن الآخر؛ لأن العواقب ستكون وخيمة، وسنصبح إيران أخرى بكل أسف، وبالنسبة لبرنامج طونى خليفة «زمن الإخوان» فهو ليس ضدهم ولا معهم؛ فالضيف هو من يتخذ موقفا سلبيا أو إيجابيا من «الإخوان»، وطونى يعارضه فى الحالتين، وهناك ثلاثة حكام على الإجابات، وفى نهاية رمضان هناك مفاجأة. * وهل تتوقع أن يشهد الإعلام والإعلان رواجا فى ظل «الإخوان»؟ - نحن للأسف الآن فى عصر إعلام تهييجى أكثر منه تنويريا أو حياديا، وهذا حدث بعد الثورة وليس له علاقة مباشرة بالإخوان؛ فبث الشائعات عن المستثمرين ورجال الأعمال وروح التشفى وسواد القلب الذى يصاحب نشر هذه الأخبار، دمرت أشياء كثيرة أهمها الاقتصاد والاستثمار، ومعظم المستثمرين هربوا من مصر. أما الإعلان فلا شك أنه تأثر كثيرا فى زمن الإخوان؛ فالمعلن مرعوب من التقلبات السياسية وضرب السياحة وقلة الدخل والمشتريات، لكن إذا انتعش الاقتصاد سيصعد بالإعلان ويعود الرواج، وهذا ما أتمنى تشجيعه بدلا من اللهث وراء أخبار مهيجة تطفش المستثمرين وتدمر الاقتصاد. * ما رأيك فى الصراع المحموم بين الوكالات الإعلانية الذى وصل إلى الدراما وأصبح الفاصل الإعلانى يضر بالمحتوى الفنى؟ - منذ نشأة الإعلان والصراع على أشده بين وكالات الإعلان وهذا ليس بأمر جديد، فالكل يسعى لاقتطاع أكبر قدر من التورتة الإعلانية، خاصة فى شهر رمضان؛ لأن هناك حسبة معينة تتعامل بمنطق الجملة مع الإعلانات فى رمضان؛ لأن الثلاثة إعلانات بسعر الإعلان الواحد باقى العام؛ لهذا تزيد الإعلانات، ولكن يجب أن يكون هناك ميزان بين المحتوى والإعلان، فالمقياس العالمى للإعلان هو أربعة إعلانات فى الفاصل، وعلى أكثر تقدير ثمانية إعلانات، ولكن فى بعض القنوات يزيد الأمر بشكل هستيرى ليصل وقت الفاصل الإعلانى بين البرنامج أو المسلسل إلى نصف ساعة، وهذا يضر بهذه القنوات لأن الجمهور ينصرف عن المتابعة لقنوات أخرى، ويجب أن يكون هناك توازن بين الرغبة فى الربح المادى والعرض الدرامى، ولكن بكل أسف لا توجد هذه التشريعات أو الهيئات المنظمة فى مصر.