وزير الشؤون النيابية: الهدف من تعديل قانون الكهرباء التصالح وليس تغليظ العقوبة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يلتقي ممثلي "الأمم المتحدة" لدعم وتمكين المرأة ذات الإعاقة    أبرزها زيادة النقد الأجنبي.. تكليفات رئاسة جديدة للحكومة اليوم الأحد    22 مليار جنيه قيمة السرقات، نائب وزير الكهرباء تكشف حجم الفاقد من التيار    «التخطيط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية – الأرمينية المشتركة للتعاون الاقتصادي    تفاصيل لقاء السيسي ورئيس حكومة كردستان – العراق (صور)    جهاز منتخب مصر يتفقد ملعب مباراة زيمبابوي بكأس الأمم الأفريقية (صور)    وصول سارة خليفة والمتهمين في قضية المخدرات الكبرى إلى جنايات القاهرة    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لوضع خطة عاجلة لتطويره    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    تاريخ من الذهب.. كاف يستعرض إنجازات منتخب مصر فى أمم أفريقيا    وزير خارجية زيمبابوى: مصر وروسيا من أبرز الداعمين لمبدأ الوحدة الأفريقية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    الجيزة: لا نزع ملكية أو إزالات بطريق الإخلاص.. ونناشد المواطنين عدم الانسياق وراء الشائعات    حيماد عبدلي: منتخب الجزائر يسعى للذهاب بعيدًا ببطولة أمم أفريقيا    سلامة الغذاء: تصدير 192 ألف طن مواد غذائية.. والسعودية واليمن وإسبانيا وروسيا أبرز المستوردين    محافظة أسوان تعلن إصدار تصاريح الحفر لتوصيل الغاز الطبيعى بقرى حياة كريمة    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب5 محافظات لمخالفتها شروط الترخيص    مسرح "ليالى الفن" يستعد لإحياء احتفالات أسوان برأس السنة    أبرز المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026.. غادة عبد الرازق ونور النبوي في الصدارة    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    حملة تموينية مكبرة بالقاهرة تضبط مخالفات في تعبئة السكر وتجميع دقيق مدعم    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية العالمية للعامين 2025 و2026    «الرعاية الصحية» تطلق حملة للمتابعة المنزلية مجانا لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن    رئيس جامعة الازهر يوضح بلاغة التعريف والتنكير في الدعاء القرآني والنبوي    من مصر منارةً للقرآن إلى العالم... «دولة التلاوة» مشروع وعي يحيي الهوية ويواجه التطرف    د.حماد عبدالله يكتب: "اَلَسَلاَم عَلَي سَيِدِ اَلَخْلقُ "!!    تكريم لمسيرة نضالية ملهمة.. دورة عربية لتأهيل الشباب في حقوق الإنسان تحمل اسم محمد فايق    "إلقاء فئران محنطة على جارسيا".. تقرير: حالة تأهب أمنية قبل دربي كتالونيا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    السيسي: مصر لم تهدد إثيوبيا في أي وقت ومطلبنا عدم المساس بحقوقنا في نهر النيل    انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون الكهرباء    مصر تتقدم 47 مركزا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية للبنك الدولى    على أنغام الربابة والمزمار… نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك والإعلان عن بدء فصل الشتاء    فريدة سيف النصر تنعي سمية الألفي بكلمات مؤثرة وتسرد ذكرياتهما معاً    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    المقاولون العرب يعلن تعيين علي خليل مستشارًا فنيًا لقطاع الناشئين    الري تتابع إيراد النيل.. تشغيل السد العالي وإدارة مرنة للمياه استعدادًا للسيول    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    إصابة 14 عاملا فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    استئناف إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من معبر رفح البري لتسليمها إلى الجهات الفلسطينية    نقابة صيادلة القاهرة تكشف حقيقة عدم توافر أدوية البرد والأمراض المزمنة    النادى الذى فقد نجمه!!    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مصرع شاب وإصابة آخر صدمتهما سيارة فى كرداسة    توجيهات من التعليم للمديريات بسبب قلة عدد المسجلين للعمل كرؤساء لجان ومراقبين أوائل بامتحانات الثانوية العامة    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    ندوة بمعرض جدة للكتاب تكشف «أسرار السرد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالخالق فاروق يكتب: مناطق الخطورة فى مشروع قانون الصكوك
القانون يمكن الحكومة من التصرف لاحقاً فى موجودات فعلية وقائمة ويقربنا من خصخصة وبيع الأصول العامة والحكومية
نشر في الوطن يوم 02 - 04 - 2013

على مدار عدة جلسات سريعة فى مجلس الشورى، الذى تسيطر عليه الاتجاهات الدينية، ناقش النواب مشروع قانون الصكوك، وأرسل على عجل إلى رئيس الجمهورية من أجل إصداره، وبصرف النظر عن طريقة وأسلوب المناقشة وعدم عرض المشروع على الخبراء والمفكريين الاقتصاديين المصريين من خارج إطار الجماعة وحلفائها، فإننا حريصون على تقديم رؤية نقدية لهذا المشروع أمام الرأى العام، ليكون حكماً بين الرؤيتين.
وسنتناول هذا الموضوع من عدة زوايا أو محاور، هى:
المحور الأول: تعريف الصكوك وتبيان أنواعها الواردة فى مشروع القانون.
المحور الثانى: البنية الإدارية والبيروقراطية الدينية والشرعية لهذا النظام.
المحور الثالث: أوجه الضعف والمخاطر فى هذا القانون.
المحور الأول: تعريف الصكوك وأنواعها
1- وفقا لنص المادة الأولى من القانون المعروض فإن الصكوك هى:
- ورقة مالية اسمية متساوية القيمة.
- تصدر بالعملة المحلية أو الأجنبية.
- تطرح فى الأسواق الدولية عبر الاكتتاب العام أو الاكتتاب الخاص.
- تمثل حصصاً شائعة فى ملكية أصول (أعيان أو منافع أو خدمات أو ملكية موجودات مشروع استثمارى).
- قابلة للتداول فى البورصات المحلية والدولية لحين استحقاقها.
ملاحظتنا هنا: أن هذا يعنى أن الورقة تملك حصصاً فى مشروعات قائمة فعلا، أو مشروعات تجرى إقامتها بأموال الصكوك، وبالتالى تفتح الباب لتصرفات لاحقة فى موجودات فعلية قائمة، بما يقربنا من خصخصة وبيع الأصول العامة والحكومية كما سوف نرى.
2- وفقاً للمادة الثانية، فإن الجهات التى يحق لها إصدار الصكوك هى:
- الحكومة.
- الهيئات العامة والمحافظات وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة.
- البنوك الخاضعة لإشراف البنك المركزى، وبعد موافقته.
- الشركات بجميع أنواعها العامة أو الخاصة الخاضعة للقوانين (95 لسنة 1992 و8 لسنة 1997 و159 لسنة 1981).
- المؤسسات المالية الدولية والإقليمية التى توافق عليها هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى.
- مؤسسات الوقف.
3- وفقاً للمادة الثامنة، فإن الصك شهادة ورقية أو إلكترونية ترتب لصاحبها:
- حقوقاً والتزامات تخول لمالكها جميع سلطات المالك، بما فى ذلك البيع والرهن والهبة والوصية.
ملاحظتنا هنا: أن المعنى بوضوح أننا سنكون بصدد ورقة مالية يجرى تداولها والمضاربة عليها فى البورصات والأسواق المالية المحلية والدولية، بما قد يشكل أوضاعاً جديدة لسيطرة من جانب أطراف وقوى غير معروف أجندتها وأهدافها فى العالم.
4- وفقاً للمادة التاسعة من المشروع فقد تحددت صور الصكوك بأنها سبعة أنواع تضم نحو 19 فرعاً، هى:
- النوع الأول: صكوك التمويل وتشمل (المرابحة، الاستصناع، السلم).
- النوع الثانى: صكوك الإجارة وتشمل (ملكية الأصول القابلة للتأجير، ملكية منافع الأصول القابلة للتأجير، إجارة الخدمات).
- النوع الثالث: صكوك الاستثمار وتشمل (المضاربة، الوكالة بالاستثمار، المشاركة فى الربح).
- النوع الرابع: المشاركة فى الإنتاج، وهو ثلاثة (المزارعة والمساقاة والمغارسة).
- النوع الخامس: صكوك الصناديق والمحافظ الاستثمارية.
- النوع السادس: صكوك الوقف.
- النوع السابع: أى صكوك أخرى.
5- أما المادة (11)، فإنها حددت نصاب الصكوك بألا يقل الحد الأدنى لقيمة أى إصدار عن:
- مائة مليون جنيه مصرى أو ما يعادلها من العملات الأجنبية (بالنسبة لإصدارات الحكومة والهيئات العامة والمحافظات والبنوك).
- 50 مليون جنيه أو ما يعادلها للشركات.
- مليون جنيه أو ما يعادلها لصكوك الوقف.
6- أما المادة (13)، فقد حددت ما ينبغى أن تتضمنه نشرة إصدار الاكتتاب، وأهمها وجود دراسة الجدوى للمشروع أو النشاط محل الصكوك.
المحور الثانى: خلق بنية بيروقراطية مالية دينية أو شرعية
أسس هذا القانون لنشأة طبقة بيروقراطية دينية أو تحت اسم الشرع، تتربح من العمل الاقتصادى والمالى.
7- وفقاً للمادة (20) والمادة (7) تم إنشاء:
- هيئة شرعية مركزية مكونة من 9 أشخاص.
- يصدر قرار بتعيينهم من رئيس مجلس الوزراء.
- بناء على ترشيح وزير المالية.
- ويصح انعقاد الهيئة الشرعية بحضور (5) أعضاء، وتصدر قراراتها بأغلبية الحاضرين (أى 3 أعضاء فقط).
- لم يحدد القانون المدة الزمنية لشغل هذه المناصب، وإنما تنتهى العضوية بالوفاة أو الاستقالة أو انتهاء العضوية، أو بقرار مسبب من خمسة من أعضائها على الأقل.
- وقد حدد مدة شغل هذه المناصب الخطيرة فى تلك الهيئة بثلاث سنوات قابلة للتجديد دون سقف زمنى.
8- وهذه الهيئة الشرعية المركزية (وفقاً للمواد 20 و21 و22) ستكون هى المرجع والمهيمن على هذا النظام المالى الكبير، فتقوم بالآتى:
- تراجع الإصدارات وترى مدى مطابقتها للشرع.
- تنشئ سجلاً للخبراء الشرعيين والمدققين الشرعيين.
- تراجع أعمال الهيئات الشرعية على إصدارات البنوك والشركات.
- تراجع أيضاً أعمال الوحدة المركزية للصكوك فى وزارة المالية.
9- وفى المادة (22) أنشأت هيئات شرعية لكل إصدار من الإصدارات التى تقوم بها البنوك أو المؤسسات المالية.
10- كما أنشأت هذه المادة وحدة مركزية فى وزارة المالية بهدف تنظيم وإدارة هذه الصكوك يعينها وزير المالية وتحت الإشراف الشرعى للهيئة الشرعية المركزية.
11- وفى المادة (6) أنشئت شركات ذات غرض خاص لكل إصدار (SPV)، يكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة. وقد استثناها القانون من شرط الدفع السابق لرأسمالها قبل تسجيلها بالمخالفة لقانون الشركات وقانون سوق الأوراق المالية.
12- وأضافت المادة (23) ممثلاً قانونياً يمثل جماعة مالكى الصكوك.
13- وأضافت المادة (7) ما يسمى ب«المدقق الشرعى» مقابل «المحاسب القانونى» العادى المتعارف عليه، ويعين المدقق الشرعى من جانب الهيئة الشرعية المركزية.
ويمكن التعبير عن هذه البنية الجديدة على النحو البيانى التالى:
14- وتكشف خريطة المصالح السابقة عن بزنس BUSINESS «شرعى» أو دينى يتكسب من تعميق التشوه داخل بنية الاقتصاد المصرى، المشوه فعلا بين:
- قطاع رأسمالى منظم مقابل قطاع رأسمالى غير منظم.
- قطاع عام معطل وقطاع أعمال عام معروض للبيع والخراب.
- قطاع أجنبى مسيطر على قطاعات حيوية فى الاقتصاد كالاتصالات والأسمنت والأسمدة والبترول وغيرها.
- احتكارات مسيطرة على معظم قطاعات الإنتاج والخدمات والتجارة والواردات.
- قطاع مصرفى تسيطر عليه قيادات لعبت دوراً فى توجيه المحافظ المالية والإقراض بما لا يخدم التنمية الحقيقية للبلاد.
- ثم يأتى إلينا الآن ما يسمى ب«اقتصاد ذى مرجعية إسلامية» تسيطر عليه وتوجهه طبقة جديدة من الكهنة ورجال الدين يتربحون من خلاله الملايين.
وهكذا تتخلق لدينا طبقة جديدة من المتكسبين والمتربحين من هذا النظام المالى، تماما كما كان الأمر فى مشروعات البى أو تى B.O.T.
المحور الثالث: أوجه الضعف والخطر فى هذا القانون
نستطيع أن نشير إلى مجموعة من المخاطر والقصور فى هذا النظام المالى:
أولا: على المستوى الاقتصادى والمالى
15- وفقا للمادة الثالثة: تمنح مؤسسات الوقف حق إصدار الصكوك بهدف إعمار الوقف وتمويل مشاريعه ولمدة غير محددة، تستخدم حصيلتها فى إنشاء وقف تصرف عوائده لجهات البر.
وملاحظتنا هنا: نحن بصدد شريان مالى لتمويل أنشطة الحركات الدينية وأنشطتها الاجتماعية والخيرية بغطاء قانونى.
16- ورغم أن المادة الرابعة من القانون تحظر ملكية العقارات أو المنقولات التى للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والمخصصة للنفع العام، ولا ملكية الموجودات القائمة وقت الإصدار لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام محلا لعقد إصدار صكوك؛ فإنها ربطت ذلك بعدة شروط، هى:
- متى كانت تدير مصلحة أو خدمة عامة.
وبالتالى فإنه متى تعطل الأصل، أو المنافع العامة عن تأدية أو تقديم الخدمة والمصلحة العامة، يجوز للسلطة المختصة، سواء كانت الهيئة الشرعية المركزية أو مجلس الوزراء الذى يملك وفقا للفقرة الثالثة من المادة الرابعة تلك (تحديد الأموال التى يجوز أن يصدر فى مقابلها صكوك حكومية بقرار من مجلس الوزراء)، ويعتمد رئيس الوزراء أيضاً توصياتها دون وجود لأى جهة رقابية بخلاف هيئة الرقابة المالية التى هى أقرب فى عملها إلى الوسيط المالى منها إلى الجهاز الحارس للأموال العامة والأصول العامة.
-كما أن الفقرة الثانية من هذه المادة التى تنص على «ويجوز أن يكون ما استحدث من موجودات محلا لحقوق مالكى الصكوك التى استحدثته»، تعنى مباشرة أن الأصول الجديدة المقامة على الأصل الأولى المملوك بالطبع للحكومة سيكون ملكا لأصحاب الصكوك، بما يفتح بابا لتطورات لاحقة، إما تطبيقا لحق الشفعة أو بغيرها من الوسائل، بما يخلق بيئة جادة لعملية خصخصة للأصل الأولى.
16- والأهم ما جاءت به المادة (16) من أنه (ويجوز استخدام حصيلة إصدار صكوك السلم فى الأوجه التى تحددها الجهة المستفيدة)، فإذا كانت هذه الجهة المستفيدة هى هيئة حكومية راغبة فى تمويل صفقات تجارية، أو حتى تغطية عجز فى الميزان التجارى، أو فى الموازنة العامة للدولة، فليس هناك ما يمنع من تنفيذ ذلك، والهيئة الشرعية المركزية المعينة من رئيس الوزراء لن تقف أمام رغبة حكومية قوية لإنقاذ موقف مالى أو تجارى حكومى، خاصة أن صك السلم نفسه من المرونة بحيث يعطى هذه الفرصة.
17- نأتى الآن إلى المادة (25) التى منحت هذه التصرفات المالية إعفاءً من الرسوم والضرائب شاملاً، من حيث:
- كل التصرفات العقارية المتعلقة بإصدار الصكوك.
- تسجيل عقود الموجودات والأصول والمنافع.
- الأرباح الرأسمالية الناتجة عن تداول الصكوك.
- توزيعات الأرباح المقررة لمالكى الصكوك.
18- كما حصنت المادة (26) هذه الصكوك من الأحكام القضائية المختلفة لتضفى عليها حماية.
ثانياً: الادعاء بمطابقته الشرع والدين
هناك ادعاءات متعددة من جانب أنصار هذه البيروقراطية الدينية أو «الشرعية» بمدى مطابقة هذا النوع من الاستثمار للشريعة الإسلامية، والحقيقة أن التجربة التى بدأت منذ مطلع التسعينات حتى اليوم لم تؤكد هذه المزاعم، حيث يؤكد كثير من الباحثين «الشرعيين» البارزين، مثل الدكتور «عبدالبارى مشعل»، الباحث الشرعى والخبير المصرفى ومدير عام الرقابة البريطانية للاستشارات الشرعية، أن تطبيقات الصكوك الإسلامية المعاصرة لا تحقق بدرجة ملائمة خصائص النظام المالى والمصرفى الإسلامى، ولا تعكس بدرجة كافية الفروق الجوهرية التى تميزها عن سندات الدين فى النظام المالى والمصرفى التقليدى، مشيراً إلى أن الاهتمام بهيكلة الصكوك انحاز إلى شكلية العقود على حساب الاهتمام بمقاصد الشريعة. واتفق كثير من الفقهاء المعاصرين على عدم شرعية تطبيقات عدد من صكوك المضاربة والمشاركة، بل وبعض تطبيقات الإجارة.
وكذلك ما أكده الدكتور «عبدالرحمن باعش»، رئيس مركز الشروق للدراسات والاستشارات الاقتصادية، بجزان بالمملكة السعودية، من أن ما صدر عن «المجلس الشرعى لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية»، المعروف باسم «أيوفى»، بعد ثلاثة اجتماعات له بين عامى 2007 و2008، يؤكد وجود كثير من المخالفات بشأن نظم إصدار وتداول الصكوك الإسلامية، خاصة صكوك المضاربة وصكوك المشاركة وصكوك الإجارة، مثل:
1- ضمان القيمة الاسمية من قبل المضارب أو الشريك المدير أو الوكيل بالاستثمار بذرائع متعددة، منها:
(أ‌) تعهد المصدر الملزم بشراء أصول الصكوك بقيمتها الاسمية فى نهاية مدة المشاركة أو المضاربة أو الوكالة، على أساس الفصل بين شخصية العقد وشخصية المشارك أو المضارب أو الوكيل بالاستثمار.
(ب‌) تعهد المصدر الملزم بضمان رأس المال فى وثيقة مستقلة عن عقد المضاربة أو الوكالة أو عقد إصدار الصكوك.
(ج‌) تعهد المضارب الملزم بإقراض محفظة البنوك بغرض ضمان توزيعات أرباح بمستوى معين.
2- عدم التوافق بين الفتوى وبين مستندات الصكوك أو تطبيقاتها، حيث أحيانا ما تقتصر تطبيقات الصكوك على هيكل الصكوك وإجراء التعديلات عليه من قبل الهيئة الشرعية دون تضمين التعديلات فى المستندات الكاملة للصكوك (خصوصا فى عقود الإجارة والمضاربة والمشاركة).
ثالثاً: التلاعب بأحكام القضاء
حيث جاءت المادة (30) من مشروع القانون بمبدأ خطير كان سائداً فى تشريعات «مافيا حسنى مبارك»، وهو منح صاحب السلطة المختصة، وهو هنا رئيس هيئة الرقابة المالية ومن خلفه وزير المالية، عدم تحريك الدعوى العمومية إلا بإذنه، والتصالح ووقف تنفيذ العقوبة حتى لو كان الحكم باتا. إننا بصدد تلاعب خطير بأحكام القضاء المصرى، وتفتح الباب واسعا لفساد وإفساد وزير المالية ذاته والمحيطين به.
رابعاً: غياب الأجهزة الرقابية عن هذا النظام
يغيب عن هذا النظام المالى الأجهزة الرقابية (جهاز المحاسبات ومجلس النواب)، القادرة على تقييم صحة عمليات الإصدار والتداول وتقييم الأصول، وإعادة شرائها، ويضعها كلها فى أيدى «هيئة شرعية» غير مسئولة أمام المجتمع باستثناء رئيس الوزراء عديم الخبرة فى هذا المجال.
وبالإضافة إلى ذلك فإن ما أشرنا إليه فى السطور السابقة يؤكد أن أفق إنجاز شىء ملموس من إصدار مثل تلك الصكوك والادعاء بأنها سوف تمكننا من الحصول على عشرة مليارات دولار فى السنة الأولى، هو محض هراء، لعدة أسباب:
الأول: أن كل مؤشرات الأداء الاقتصادى المصرى طوال العامين الأخيرين، خصوصا منذ تولى السيد محمد مرسى وجماعته الحكم، تؤكد التدهور الاقتصادى والمالى، وبالتالى فإن البيئة المصرية ليست جاذبة للاستثمار والمستثمرين المصريين أو العرب والأجانب.
الثانى: أن الأداء السياسى للسيد محمد مرسى وجماعته يدفع المجتمع المصرى إلى احتراب أهلى وربما حرب أهلية بصورة متسارعة، فلماذا يكتتب المستثمرون فى هذه الأوراق المالية المتوسطة الأجل (3 أو 5 سنوات فأكثر)؟
هذه الأوهام التى تروجها أبواق الإخوان ليس لها أساس علمى، وربما المراهنة الوحيدة لهم فى ترويج هذه الأوراق على المصريين بالخارج، وبين أنصارهم وخلاياهم، لكنها على أى حال محدودة الأثر والتأثير. وفى الختام نحن أمام كذبة كبرى، وأوهام ضارة، علّنا نخرج بها ومنها قريباً، وأظنها أقرب مما نتصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.