فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    السبت 15 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تتراجع 35 جنيها وعيار 21 يسجل 5475 جينها    عاجل- الجيش السوداني يوسع عملياته في كردفان ويستعيد مواقع استراتيجية تمهيدًا للتقدم نحو دارفور    حماس: أهالي غزة يتعرضون للإبادة رغم إعلان توقف الحرب    مباحثات مصرية فلسطينية تتناول مشروع القرار بمجلس الأمن بشأن الترتيبات الأمنية بغزة    نتائج قرعة دور ال32 من كأس مصر    إنجاز مصري بالرياض.. المنتخب المصري يتألق وعمر هشام يشيد بنجوم الجولف    البث المباشر لمباراة إسبانيا وجورجيا اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    ليفربول يجهز عرضًا بقيمة 170 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع خليفة صلاح    ضبط عاطل بالشرقية يدير صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبيع أسلحة بيضاء    تراجع في سقوط الأمطار مع استمرار تأثير نوة المكنسة على الإسكندرية    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    "الداخلية" تكشف حقيقة الادعاء بالتعنت تجاه بعض التابعين لأحد المرشحين بالانتخابات    حسين فهمي يفتتح سوق القاهرة السينمائي بمشاركة 20 جهة عربية ودولية    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    تأييد الحكم بحبس سائق التريلا المتسبب في مصرع بنات كفر السنابسة بالمنوفية 15 عامًا    التخطيط والتعاون الدولي تقدّم الدعم لإتمام انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس الرياضي    الرئيس التنفيذي للمتحف الكبير: إطلاق مدونة سلوك قريبا.. وسنضطر آسفين للتعامل وفق حجم الخطأ حال عدم الالتزام    كيف سبق المصري القديم العالم بالتكنولوجيا؟.. خبير يوضح    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    أسعار الفراخ في البورصة اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    على رأسهم معلول.. استبعاد 8 من تونس لمواجهة البرازيل بسبب فشل استخراج التاشيرة    بعد 100 يوم من حكم الإعدام.. سفاح المعمورة يحلم بالبراءة    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    الصحة العالمية: «الأرض في العناية المركزة».. وخبير يحذر من التزامن مع اجتماعات كوب 30    وزير الإنتاج الحربي: حياة كريمة تجربة تنموية مصرية رائدة تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يبحث مع البنك الأوروبي تعزيز الاستثمارات وتطوير المنشآت الصحية    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على سلع غذائية واللحوم وسط مخاوف تصاعد التضخم    ضوابط تلقي التبرعات في الدعاية الانتخاببة وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اليورانيوم".. الحلم النووى "الضائع" فى صحراء الحبر الأحمر
«المواد النووية» اكتشفت وجود الخام منذ 1986.. وجيولوجى ب«جبل مسكات الجوخ»: وجدنا 3 عروق كوارتز تحمل يورانيوم شديد الإشعاع

مئات الكيلومترات تفصلنا عن الصحراء الغنية، هناك فى الشرق، حيث تتشابه الجبال، لكن ثرواتها اختلفت وتعدّدت، فبعد أن قطعنا 600 كيلومتر نحو «سفاجا»، سلكنا طريقنا نحو «قنا»، وتوقّفنا تحديداً عند معسكر «هيئة المواد النووية».
وبعد مسير متواصل بين طرق جيدة وأخرى وعرة وخطرة، سلكنا طريق «سفاجا - قنا»، الطريق الذى تعمل وزارة الطرق على تحسينه، لتفادى الحوادث المتكرّرة عليه.
توقفت «الوطن» عند الكيلو 85، حيث اللافتة الصغيرة مكتوب عليها «هيئة المواد النووية».
يقول العاملون بجوار هذا المعسكر، إن الهيئة أنشأته فى ثمانينات القرن الماضى، قبل أن يعبد الطريق الرابط بين البحر الأحمر وصعيد مصر، بينما وجدوه هم عندما قررت إحدى شركات البترول إنشاء محطة بنزين مجاورة منذ أكثر من 10 سنوات. وتاريخ المعسكر، كما يقصه أحد العاملين، رفض ذكر اسمه، يعود إلى عام 1986، عندما اكتشف جيولوجيون كميات كبيرة من «اليورانيوم المشع» فى أكبر جبال المنطقة، فتمركزت الهيئة وشركة «السد العالى للتعدين» فيها لعمل أبحاثها على هذا المعدن.
وأضاف العامل أن الهيئة أو الشركة حفرت نفقاً استكشافياً فى جبل اليورانيوم، لاستكمال أبحاثها الميدانية على المعدن هناك، قائلاً: «كنت موجوداً فى الموقع وقتها، وتأكّدنا من وجود 3 عروق كوارتز ضخمة حاملة لليورانيوم شديد الإشعاع».
وعن الإشعاع، يقول: «وقتها جرى قياس الإشعاع بواسطة عداد جايجر، الذى يُعطى نبضات متتالية لقياس نسبة إشعاع المعادن فى الطبيعة، وعندما استخدمناه فى هذا الموقع، كان يعطينا نبضات متسارعة جداً، كصفارة متواصلة، قُبيل الوصول إلى الجبل بنحو 200 متر، فيما يعنى أن إشعاع اليورانيوم الموجود فى هذه المنطقة شديد جداً ونقى». ويُطلق على هذا الجبل «العرضية» أو «مسكات الجوخ»، ويفصل بينه وبين الطريق الأسفلتى مدق ترابى طوله يصل إلى نصف كيلومتر، حيث تختفى كل مظاهر الحياة البرية، فلا أشجار حوله ولا حيوانات.
يقول «محمود»، أحد العاملين فى كافيتريا مجاورة، إن مالك محطة البنزين المجاورة حاول إقامة مزرعة صغيرة للخضراوات بالقرب من ذلك الجبل، قائلاً: «كان يريد توفير الخضراوات لهذه المنطقة البعيدة عن أى مدينة، إلا أن الأرض لم تنتج أى زرع، وفشل مشروع المزرعة ولم يعد يفكر فى الزراعة فى هذا المكان». وأضاف أنه «لا توجد حيوانات فى هذه المنطقة، فلا جمال ولا حمير ولا أى شىء يقترب من هذا الجبل، فعندما تقترب الحيوانات من منطقة معيّنة قُبيل الجبل ترجع مرة أخرى إلى الخلف ولا تكمل مسيرها، ولا نعلم السبب».
إشعاع معدن اليورانيوم كان السبب الذى لم تعلن عنه الجهات المسئولة طوال عقود من الزمن، فبين حين وآخر، كان يخرج مسئولو هيئة المواد النووية بتصريحات متقطعة حول وجود معدن اليورانيوم فى الصحراء الشرقية، آخر تلك التصريحات كان للدكتور «محسن محمدين»، رئيس الهيئة، الذى قال إنه يدرس طرح منطقة جبل «جتار» جنوب الغردقة لمزايدة عالمية لاستغلال المعدن فى هذه المنطقة بعد أن أكدت الدراسات وجود خامات اليورانيوم فى خمس مناطق بالصحراء الشرقية.
ولم يخرج حلم استخراج اليورانيوم من حيز التصريحات، حيث توقّفت جميع المشروعات فى هذا الشأن عند حد الأبحاث والاستكشاف، والمعروف مسبقاً أن الصحراء الشرقية غنية بهذا الخام.
وعن تلك التصريحات، حاولنا التواصل مع «محسن محمدين» رئيس هيئة المواد النووية، إلا أنه رفض الحديث، معللاً ذلك بتعليمات عليا تمنع الحديث حول المشروع النووى واليورانيوم مع الصحافة، وعندما قلنا له إننا زُرنا أحد المواقع بالفعل، طلب منا عدم الحديث عما رأيناه وتأجيل هذه الموضوعات حتى نحصل على موافقة من وزير الكهرباء، إلا أننا قلنا إن عملنا الصحفى يُحتّم علينا فتح أى موضوع نرى فيه المصلحة العامة، وإن استكمال المشروع النووى المصرى حلم سيُنقذ مصر من انقطاع الكهرباء المتكرر وسينقلنا إلى مصاف الدول المتقدّمة، إلا أنه أصر على الصمت.
علمياً، أكد الدكتور جمال البغدادى، أستاذ جيولوجيا المعادن بقسم التعدين والفلزات بجامعة أسيوط، إن هيئة المواد النووية حدّدت مناطق بعينها لوجود معدن اليورانيوم فى الصحراء الشرقية، مشيراً إلى أن الهيئة تقيم الأبحاث فى هذه المواقع منذ سنوات. وأضاف ل«الوطن»، أن المواد المشعة تنتشر فى مصر فى عدة مواقع بكثافة، خصوصاً فى سيناء، موضحاً أن خامات اليورانيوم موجودة بكثافة فى الصحراء الشرقية على بعد كيلومترات من شواطئ البحر الأحمر، خصوصاً فى جبال جنوب الغردقة والمسكات، بينما تنتشر فى الرمال السوداء على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.[Image_2]
«الوطن» التقت الدكتور سامر مخيمر، رئيس مفاعل «إنشاص» النووى السابق، ليتحدث عن حلم استخراج اليورانيوم المعطّل، وللحديث عن المشروع النووى المصرى الذى لم يتخطَ مرحلة التصريحات، حيث قال «مخيمر» إن مصر تنقصها الإرادة الحقيقية والإدارة الجيّدة لتحقيق حلم المشروع النووى، و«تملك جميع المقوّمات، لكنه ليس فى مكانها، الناس اللى بتفهم مش فى مكانها الصحيح»، ولديها الإمكانيات اللازمة، من خام اليورانيوم وبنسب إشعاعية عالية، ومصانع المياه الثقيلة، مضيفاً: «إلا أن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية فى التعامل مع البرنامج النووى المصرى لن تتغير، لأن الأمريكان ليسوا بالغباء لكى يكرّروا التجربة الإيرانية مرة أخرى».
وأضاف «مخيمر» ل«الوطن»: «الإخوان نظام يتبارى فى إظهار التبعية والولاء والخضوع للأمريكان أكثر من نظام مبارك، ويعتمدون على أمريكا، لأنهم فى حاجة إلى دعمهم، ولكن لا يمكن أن تمنح أمريكا الإخوان إمكانيات نووية سلمية تستطيع بعد ذلك تحويلها إلى نظام غير سلمى خلال أشهر، مثل كوريا الشمالية وإيران اللتين استخدمتا خبراتهما النووية فى إحداث نهضة من طاقة ونظائر مشعة وتحلية مياه بحار، لامتلاك أسلحة نووية».
وأشار إلى أن الرؤساء كانت تتعامل مع المشروع النووى كنوع من الدعاية لهم، وأضاف: «طوال حكم مبارك لم يكن هناك حديث صريح عن امتلاك مشروع نووى، بدليل أن (مبارك) نفسه أوقف إحدى الطرق المتّبعة لتخصيب اليورانيوم التى كنا نستخدمها فى المفاعل النووى البحثى إنشاص، وهى استخلاص اليورانيوم من الفوسفات وهو خام متوافر لدينا فى مصر بكثرة ويحتوى على نسبة من اليورانيوم، الذى يُستخدم معه المياه الثقيلة والمتوافرة بكثرة، من مصنع أسوان، وظهر ذلك فى سياسة وزارة الكهرباء المسئولة عن هيئة الطاقة الذرية المسئولة عن المفاعل النووى».
وتابع: «مع وصول جمال مبارك بدأ اللعب على المشروع النووى، نظراً للاستفادة المالية منه، فالمعروف عالمياً أن صفقات المشاريع النووية يتم تحصيل عمولة مالية من قيمتها تتراوح بين 3 و5%، فإذا تحدّثنا عن مشروع قيمته 50 مليار جنيه فإن عمولته تصل إلى 3 أو 5 مليارات، وبما أن نشأة المفاعل تستغرق 10 سنوات يكون خلالها نجل مبارك رئيساً للبلاد، كما كان مخططاً له قبل الثورة».
وأضاف: «جمال مبارك كان يتعامل مع المشروع النووى كنوع من أنواع الدعاية، فأخذ يذهب إليه من مبدأ دغدغة مشاعر المصريين لحلم بدأ الترويج له من ستينات القرن الماضى»، لافتاً إلى أن المشروع كان سيتوقّف، لأن الولايات المتحدة لن تعيد التجربة الإيرانية فى مصر مرة أخرى، وقال: «بعد أن احتضنت أمريكا الشاه، وكانت إيران ولاية أمريكية، ومنحتهم مفاعلات، استيقظت على كابوس سيطرة الخمينى على إيران بما فيها المفاعلات النووية، التى زوّدها وطوّرها الخمينى بتكنولوجيا وعلماء لتمتلك بعد ذلك برنامجاً نووياً قوياً تتحدى به الولايات المتحدة الأمريكية نفسها».
وتابع: «بالنسبة لكوريا الشمالية، لم يقتصر على عدم التوقيع على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، وطرد مفتشى الوكالة الدولية، وإنما امتد إلى إعلانها امتلاك صواريخ بالستية التى تعد أكثر عملية وأهمية من القنابل النووية، فالقنابل النووية يوجد صعوبة فى نقلها، وربما تنفجر أثناء عملية نقلها، أما الصواريخ البالستية فتُستخدم فى حمل ونقل أى مادة، سواء كانت مواد متفجّرة أو قنبلة نووية أو حتى مسامير، وبالتالى كوريا الشمالية قادرة على نقل قنابلها النووية إلى أى مكان، مستخدمة تلك الصواريخ».
وعن التكنولوجيا النووية التى تمتلكها إسرائيل من قنابل نووية وتهديد ذلك على المنطقة العربية، قال «مخيمر»: إسرائيل لديها قنابل نووية ترميها فى «صفيحة الزبالة»، لأنها لا تمتلك القدرة على نقلها إلى أى مكان، فلو قرّرت ضرب سوريا أو مصر أو لبنان فهى أول كيان سيتضرّر لأنهم بؤرة صغيرة فى وسط منطقة الصراع العربى، يستطيع أن يُهدّد بطريقة «عليّا وعلى أعدائى» لكن لا يستطيع ضربك ويطلع هو سليم.
وأضاف: أن مفاعل «ديمونة» الإسرائيلى، نفس المفاعل النووى المصرى فى «إنشاص»، مع الفارق أن إسرائيل عملت على تطوير ورفع إمكانيات مفاعلها واستخدمته بعد ذلك فى إنتاج قنابل نووية، فى الوقت الذى اكتفت فيه مصر أن يكون مفاعلها النووى مفاعلاً بحثياً، وحين جرى الاتفاق على تدشين مفاعل جديد، وهو المفاعل الأرجنتينى الذى تسلمته مصر فى تسعينات القرن الماضى فى عهد رئيس الأرجنتين كارلوس منعم، كان يحتوى على العديد من المشكلات الفنية، كان من بينها أن قدرة المفاعل على الورق 22 ميجا، أى لديه القدرة على تصنيع قنبلة نووية، بينما فى الواقع كانت قدرته لا تتعدى 15 ميجا، فضلاً عن وجود عيوب فنية وتصميمية تحول دون حصول مصر على التكنولوجيا النووية.
وقال إنه على الرغم من عيوب المفاعل، فإن مصر تسلمته، لأنه تكلف نحو 2 مليار بالإضافة إلى 500 مليون وحدة نظائر مشعة، وأشار إلى أن الدكتور على الصعيدى، وزير الكهرباء وقتها، رفض تسلم المفاعل، لأنه معيوب ومخالف للمواصفات، ووقعت مشكلة مع الرئيس الأرجنتينى، وحسنى مبارك، أصدر على أثرها قراراً بتحويل إبراهيم داخلى، المسئول عن هذه الصفقة إلى النيابة، وأقيل على الصعيدى وقتها بحجة طرده أعضاء مجلس الشعب من مكتبه، وجاء حسن يونس وزيراً للكهرباء ووقّع وتسلم المفاعل فى 24 ساعة.
وأضاف: «هناك سياسة تتبعها وزارة الكهرباء بأكملها، وليس فقط هيئة المواد النووية فى التعامل مع مقتنياتها، فالمفاعل الأرجنتينى غير مطابق للمواصفات، وتسلمته مصر، وهو أمر طبيعى، حيث سبق وتسلمنا محطات كهربائية بملايين الجنيهات غير مطابقة للمواصفات، بدليل أن هذه المحطات احترقت ولم يمر عليها سنوات مثل محطة التبين التى اشتعلت النيران بها فى مايو 2010، فضلاً عن محطات طلخا والنوبارية وعين موسى، فالمعاملة وأسلوب الإدارة فى الوزارة متدنٍ جداً، والمعيار الوطنى والصالح العام غير مطروحين فى أجندتهم، والدليل على ذلك أنه بعد تركى قسم المفاعلات النووية المسئول عن مفاعل إنشاص حدثت به تفجيرات وعملية تلوّث داخل المفاعل نتيجة عدم وجود مختصين يديرونه».
وأوضح: «حين يجرى تعيين رؤساء للهيئة، سواء المواد النووية أو الطاقة الذرية لا علاقة لهم بالنووى، ويُستبعد أهل الاختصاص من كليتى العلوم والهندسة، فهذا أمر يدل على عدم رغبة العاملين فى الوزارة، خصوصاً أيام الدكتور حسن يونس، فى وجود المشروع»، متسائلاً: «ما علاقة الصيدلى والزراعى والمتخصص فى المياه الجوفية بالمفاعلات والمشروع النووى؟ فرئيس الهيئة صيدلى لم أسمع عنه ولم أره طوال عملى لمدة 37 سنة، وبعد وصوله إلى سن المعاش تم المد له سنتين، فى الوقت الذى لم تفكر فيه الهيئة فى الاستعانة بعلماء كبار مثل الدكتور أحمد زويل».[Image_3]
وشدّد «مخيمر» على أن المفاعل منذ لحظة تدشينه وحتى الآن لم يجر الاستفادة منه، وإن ما جرى ترويجه من تصريحات بشأن إنتاج نظائر مشعة مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامى ليس أكثر، مضيفاً: «منذ تسلم المفاعل عام 1998 حتى هذه اللحظة بدأت التصريحات الوردية تظهر بشأن إنتاج نظائر مشعة وتصديرها إلى الدول، وأن الوكالة الدولية طلبت من مصر إنتاج نظائر حتى نُغطى العجز العالمى، فى الوقت الذى لا نملك فيه أصلاً وحدة إنتاج نظائر، لدرجة جعلتنى أواجه المسئولين، وطلبت منهم الحصول على اعتماد من وزارة المالية بالنقود التى حصلوا عليها مقابل تصدير تلك النظائر وقائمة بأسماء البلاد التى صدّرنا إليها».
وقال إن التصريحات التى تتصدّر الصحف والأخبار من حين إلى حين، عن اكتشاف مواقع لخام اليورانيوم، وأنهم بصدد طرح مناقصة للاستثمار فى هذا الخام، لا تخرج عن كونها للاستهلاك الإعلامى، ففى كل فترة تخرج الهيئة بتصريحات برّاقة ثم ما تلبث أن تتراجع عنها، وهو ما حدث فى موضوع النظائر المشعة.
وعن تلافى المشكلات التى تُعرقل حلم امتلاك المشروع النووى المصرى، قال: «أولاً: لا بد أن نسأل أنفسنا، هل يجرى انتخاب قيادات ذات كفاءة أم ما زالت المنظومة كما هى؟ فلكى نبدأ مشروعاً نووياً لا بد من اختيار القيادات المناسبة والمتخصصة فى هذا المجال، ولدينا العديد من الكوادر والمتخرّجين فى كليات العلوم والهندسة».
وتابع: «ثانياً: لا بد من محاولة إحياء المفاعل النووى البحثى القديم (إنشاص) الروسى الذى لاقى إهمالاً كبيراً بعد إنشاء المفاعل الثانى الأرجنتينى، خصوصاً أن الأول بنيته الأساسية أقوى وأفضل من المفاعل الثانى الممتلئ بالعيوب، لأنه كان مخصصاً لأغراض اقتصادية، كإنتاج السيليكون واليورانيوم والنظائر المشعة».
وأضاف: «ثالثاً: العودة إلى استخدام الطريقة التى أوقفها (مبارك) عام 1986، وهى استخدام الفوسفات والمياه الثقيلة فى استخلاص اليورانيوم، فضلاً عن استغلال البنية التحتية المعدّة لإنشاء 8 مفاعلات نووية وقتها، لكان لدينا 8 مفاعلات بحلول عام 2006 بتكلفة كانت تصل إلى مليارى دولار للمفاعل، على عكس التكلفة الآن، والتى وصلت اليوم إلى 6 مليارات دولار».
وعن موقع الضبعة وعلاقته بالمشروع النووى، قال «مخيمر»: «الضبعة سبوبة ومصايف للعاملين، ويجرى إنشاء مشاريع وهمية على الورق، وكل كلامى مدعم بالمستندات، فالوزارة تحدّثت عن مشاريع بالملايين غير موجودة على أرض الواقع، ولكى تحمى نفسها من المسئولية والمحاسبة دمّروا موقع الضبعة واتهموا الأهالى بهدم المشاريع، خصوصاً أن المتهم الرئيسى فى هذا الموضوع هو وزير الكهرباء السابق حسن يونس بصفته مسئولاً سياسياً كوزير ومسئولاً تنفيذياً بصفته رئيس هيئة إدارة المحطات النووية، لذلك جرى الاعتداء على الموقع، حتى لا يقعوا تحت طائلة المحاسبة».
ورأى «مخيمر» أن المشروع النووى سيساعد فى حل كثير من المشكلات، أهمها الطاقة، فبدلاً عن تصدير الفوسفات إلى دولة مثل الأردن، لتصنعه وتُحوّله إلى فوسفات أزوتى وترسله مرة أخرى إلى مصر بعشرة أضعاف الثمن، يمكن استغلالهم فى استخلاص اليورانيوم وتوليد الطاقة.
إهمال المشروع النووى لم يقتصر فقط على «خنق» مشروعات استخراج اليورانيوم وإهمال إخراجها من حيز الدراسة. فخامات اليورانيوم، ليست الوحيدة المهملة فى الصحراء الشرقية، فرغم استخدامات اليورانيوم المتعدّدة، سواء فى مجالات السلم أو الحرب، إلا أنها ليست الخامات الاستراتيجية الوحيدة التى تقف مشروعات استخراجها قيد التحفّظ ووقف التنفيذ، ففى منطقة «أبوغصون» جنوب مرسى علم، تقع مناجم «الإلمنيت»، وهو الخام الذى تُستخرج منه مادة التيتانيوم المستخدمة فى صناعة هياكل الطائرات ومكوك الفضاء، بالإضافة إلى وضعها فى فوهات مدافع الدبابات وهياكل الصواريخ.
«التيتانيوم» مادة موجودة فى مصر وأستراليا فقط، وهى شديدة الصلابة تتحمّل درجات حرارة عالية جداً، وتُعد من الخامات الاستراتيجية التى تتركز فى الصحراء الشرقية.
وقال جيولوجى فى إدارة مرسى علم للثروة المعدنية ل«الوطن»، إن احتياطات موقع «أبوغصون» من هذه «الإلمنيت» كبيرة جداً، تصل إلى 40 مليون طن، مشيراً إلى أن الموقع يتبع شركة «النصر للتعدين»، وهى التى كانت تستخرج هذه المادة حتى عام 2010، إلا أنها توقّفت مؤخراً. وأضاف أن طن الإلمنيت المستخرَج كان يصدّر إلى الخارج، قائلاً: «كان يصدّر مقابل 30 دولاراً للطن، بينما كان يُباع داخلياً إلى إحدى شركات البترول الشهيرة التى استغلت صلابة الخام فى عمل ثقل لمواسير البترول فى قاع البحر».
وتوقفت جميع الأنشطة فى المنجم فى الوقت الحالى، حسب ما يقوله المهندس طارق خيرى، كبير مفتشى مناجم مرسى علم السابق، الذى أكد أن هناك كميات كبيرة من هذا الخام تمت سرقتها قبل سنوات، قائلاً: «كنت مفتشاً على المناجم وقت حصول إحدى الشركات على مناقصة بحث فى مناجم الإلمنيت، وفُوجئت فيما بعد ببدء هذه الشركة فى الإنتاج مباشرة، فأوقفتها وأبلغت هيئة المساحة الجيولوجية». وأضاف خيرى «أوقفت جميع أنشطة الإنتاج فى المنجم لعدم قانونية ذلك، ولوجود المعدن بكثافة لم تكن الشركات بحاجة إلى بحث فى المنطقة، وهو ما دفع تلك الشركة إلى الإنتاج مباشرة، وفى عام 2004 تقريباً، تحرّكت دعوى قضائية ضد المهندس أحمد سويدان، رئيس الهيئة، بسبب سرقة هذا المعدن وصدر الحكم بحبسه 16 عاماً ورد 5 ملايين جنيه إلى الدولة».
وعن الكميات التى سُرقت، أكد كبير المفتشين، أنه اكتشف تهريب ما يقرب من 60 ألف طن صُدّرت إلى الخارج لجهات غير معلومة عبر ميناء سفاجا، ولم تعلم الهيئة حتى الآن تلك الجهات. وأوقفت الدولة جميع تراخيص البحث والاستكشاف فى مناجم «الإلمنيت» بالبحر الأحمر، وكان ضمن من تقدّموا للحصول على تراخيص هذا المعدن أساتذة هندسة وجيولوجيون تم منعهم، منهم الدكتور كمال عبدربه الفواخرى، أستاذ الفلزات بكلية الهندسة بجامعة طنطا، الذى توفى قبل عامين بعد أن قدّم أبحاثه ورسائله حول مادة التيتانيوم وطرق استخراجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.