تقدم محامى الإخوان ببلاغ للنائب العام يتهم فيه 169 معارضاً بتكدير السلم العام ومحاولة قلب نظام الحكم والتحريض على العنف وتهم كثيرة تتعلّق باستخدام مواقع التواصل الاجتماعى للدعوة إلى التظاهر فى المقطم، وكذلك المشاركة فى التظاهر أمام مقر الإخوان المسلمين، والحقيقة الجديرة بالذكر هنا شجاعة هذا المحامى فى تقديم البلاغ باسمه وبوكالة الجماعة وعدم تمريره عن طريق أحد (المواطنين الشرفاء)، حيث أعلنت الجماعة عن طريق محاميها الهمام بداية مرحلة جديدة لقمع المعارضة والثوار، فبعد أن سلكت طريق (احتكار) القانون عن طريق الإبقاء على مجلس شورى ساقط الشرعية لإقرار قوانين ساقطة أيضاًً، ثم إعلان دستورى فاقد الأهلية، بدأت الجماعة فى خطوة متسرعة فى استخدام قوانينهم الملاكى وقوانين (الفلول) التى كانوا يستخدمونها لقمع المعارضة، فنفس الاتهامات التى كان يستخدمها مبارك لقمع المعارضين وتقويض الحركة الثورية ضده، يستخدمها بديع وإرشاده للتنكيل بمن ذهبوا ليقولوا لهم إن كرامة مصر من كرامة سيدة مصرية تُصفع على وجهها فى الشوارع، وإن بطشكم باسم الدين (وهو برىء ومنزّه عن هذا) والاستقرار والشرعية المهترئة لن يثنينا على أن ننجز ما قمنا من أجله فى 25 يناير وأنتم (هناك بعيداً تنظرون) إلى نتائج تلك الوثبة العفية على النظام الديكتاتورى الذين ركعتم لظلمه عقوداً وراء عقود تحت مظلة فتاوى زعمتموها لحرمة الخروج عن الحاكم ومساندته فى ظلمه وبغيه وقهره وكل ذلك باسم دين هو أسمى من أن تستخدموه وتتطوّعوه مرة لمساندة الجبن وأخرى لمساندة البطش والقهر!! نرى خطورة هذا البلاغ كبيرة جداً، ليس على المعارضين لأنهم يحملون (الجودة) أكفانهم على أيديهم ولا يعبأون ولا يعترفون أيضاً (بتخصيص) القانون لصالح الجماعة فى صورة نائب عام ارتضى أن يُكتب اسمه فى هوامش الرفض الشعبى والبغى القانونى، ولكن تكمن الخطورة فى إهدار قيمة الدولة فى معناها العام واستخدامها لصالح الحاكم مرة أخرى، ولقد رأينا الداخلية حينما استخدمها «مبارك»، قهرتها يد الثورة ومحت مراكز قوتها، والخوف هنا على القضاء المصرى وضمانة التحقيقات العادلة والإحالة المنزّهة عن الهوى للمحاكمات، ولكن لسان حال الوضع الحالى هو رفع العصابة من على عينى العدالة!! مما يعرّضها للخطورة البالغة، وهى السلطة التى تحمى الفقير والضعيف والمظلوم وتفصل بين الناس، والحاكم الحصيف هو من يبتعد تماماً عن استخدام النيابة والقضاء ضد معارضيه! والمثير للدهشة أيضاًً أن يقدّم الرئيس خطاباً سياسياً يدعم بلاغ محامى الإخوان، ويظل يُردد طول الخطاب «أنا رئيس كل المصريين أنا رئيس كل المصريين»، فى خطأ تاريخى لم يرتكبه حتى عتاة الديكتاتورية فى العالم، لأن الرئاسة فى النظم الجمهورية ليست ملكية ومدعاة للتفاخر ولكنها تكليف شعبى لأحد الشخوص ليقوم بمهام محددة، ليس من بينها التكبُّر عليهم بكلمة (أنا رئيس)، لأنك رئيس الدولة فقط وليس رئيسنا! ثم ادعاء العمومية فى خطاب الرئيس كل مرة، وأنه يعامل الجميع على السواء لا يتم تصديره للمصريين إلا بعكس ما يقول فعلاً، لأن الشمس لا تحتاج لأن تنطق باسمها، فسطوعها خير دليل! حينما قرّرت (الجماعة والرئيس والمحامى) استهداف 169 اسماً لسياسى مصرى هم أول من يعلمون أنهم سبقوهم إلى الميدان وأنهم صنعوا ثورة أخرجتهم من السجون ورفعت (خدهم الصاغر) للنظام السابق، وأنهم ليسوا دعاة عنف ولا تحتوى أدبياتهم أى إرهاب، مثل جماعة الإخوان التى صدّرت كوادر الإرهاب إلى كل الجماعات الدينية، فهم بذلك يضعون حداً فاصلاً بين القوى الثورية والسياسية ويرسّخون شقاقاً لن ينتهى، فلن ترضخ قوى مصر الحية النابضة أمام قهر جماعة السمع والطاعة والولاء والبراء، ولن يرهبنا تلويحكم بالميليشيات أو الإرهاب بالقوانين القمعية المطلوب تغييرها، ولن يرهبنا تنظيمكم، لأن تنظيمنا هو شعب مصر.