أقل من أسبوع يفصل عن انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي يترقبها العالم، والتي يصحبها عادة، الكثير من اللغط والغموض، جراء النظام الانتخابي "المعقد". ورغم أن الانتخابات تجرى بنظام الاقتراع المباشر، عبر إدلاء الناخبين بأصواتهم في مراكز الاقتراع، غير أنها مجرد خطوة نحو اختيار الرئيس، ولا تكفي لحسم اسم صاحب المنصب، الذي يبقى رهنًا بالمجمع الانتخابي. ومن أجل فهم نظام الانتخابات الأمريكية يتعين توضيح آلية عمل النظام الانتخابي الأمريكي، الذي يختلف عن الكثير من النظم الانتخابية الأبسط. 1- يتم اختيار الرئيس الأمريكي مرة واحدة كل أربع سنوات، بينما يتم اختيار أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) مرة كل سنتين، وأعضاء مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، مرة كل ست سنوات (تجرى الانتخابات كل سنتين لتجديد ثلث الأعضاء). 2- يوم الثامن من نوفمبر، لا يتوجه الأمريكيون لاختيار رئيس بلادهم، فحسب، لكن لاختيار 435 عضوًا في مجلس النواب، و34 عضوًا في مجلس الشيوخ، بينهم 10 ديمقراطيين و24 جمهوريًا (انتهت ولايتهم)، بالإضافة إلى أعضاء عدد من المجالس المحلية تبعًا للولاية والمقاطعة والمدينة والمنطقة الانتخابية. وتجرى انتخابات مجلس الشيوخ على 3 مراحل يتم انتخاب 33 من أعضائه في المرحلتين الأولى والثانية، بينما يتم انتخاب 34 عضوًا في الثالثة، وهي الانتخابات، التي ستتم 8 نوفمبر الجاري. 3 - بالرغم أن انتخابات الرئاسة الأمريكية تتم عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر بأن يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع ويختاروا بين المتنافسين، إلا أن الأمر لاينتهي عند هذا الحد. فالمرشح، الذي يحصل على أكبر عددِ من أصوات الناخبين، لن يكون بالضرورة الرئيس القام للبلاد، بل سيظل مصيره رهنًا بيد مجموعة تسمى المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية "Electoral College". 4 - المجمع الانتخابي هو مجموعة من الأشخاص، الذين ترشحهم كل ولاية، ليصبحوا ممثلين لها في فترة الانتخابات الرئاسية. وتختار بعض الولايات ممثليها بالتصويت الشعبي، عبر وضعهم على ورقة الاقتراع، وهناك ولايات أخرى تختارهم خلال المؤتمرات العامة للأحزاب بالولاية، أو يختارهم الكونغرس المحلي لكل ولاية. 5 - يختلف عددهم تبعًا لمجموع سكان الولاية، ولكن يمكن اختصار الأمر بالقول إن مندوبي الولاية في المجمع الانتخابي هو مجموع عدد ممثليها في مجلس النواب + 2 وهو العدد المخصص لتمثيل كل ولاية في مجلس الشيوخ، ويخصص عدد الممثلين بمجلس النواب استناداً إلى عدد سكان الولاية. 6 - لكون العاصمة واشنطن، بحسب الدستور الأمريكي، غير ممثلة في الكونغرس (البرلمان بغرفتيه)، إلا أن سكانها يمتلكون حق التصويت في الانتخابات الرئاسية، وقد تم تخصيص 3 مندوبين لهم لتمثيلهم في المجمع الانتخابي. 7 - وبذا يصبح أعداد مندوبي الولايات في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 هو عدد أعضاء مجلس النواب + عدد أعضاء مجلس الشيوخ + مندوبي واشنطن 435+ 100+ 3= 538. 8 - ومن أجل أن يفوز المرشح في الانتخابات عليه أن يحصل على (نصف العدد الكلي للمندوبين +1)، أي في هذه الحالة 270 صوتًا. 9 - ويقوم المندوبون بالتصويت على الرئيس الأمريكي القادم وعلى نائبه بواقع صوت واحد لكل منهما. 10 - في معظم الولايات عندما يفوز المرشح بالتصويت الشعبي، فإنه يحصل على أصوات جميع مندوبي تلك الولاية، فعلى سبيل المثال لو أن الناخبين في إحدى الولايات منحوا 750 ألفًا من أصواتهم لصالح المرشح (س)، فيما حصل المرشح (ص) على 500 ألف صوت فقط، فإن جميع مندوبي الولاية سيمنحون أصواتهم إلى المرشح (س). وتثير تلك النقطة جدلًا واسعًا حول جدوى التصويت الشعبي، طالما يلعب المجمع الانتخابي، الدور الأهم في اختيار الرئيس، غير أن التقاليد الأمريكية الموروثة تتمسك بتلك الآلية. 11 - يستثنى من القاعدة السابقة سكان ولايتي ماين (4 مندوبين) ونبراسكا (5) واللتان توزعان أصوات مندوبيها ،وفق القوانين المحلية للولايتين، على النحو التالي: يحصل المرشح الفائز في التصويت الشعبي على صوتين، ومن ثم يمكن للفائز أن يحظى بمزيد من الأصوات المتبقية للمندوبين، بحسب عدد المقاطعات الانتخابية لمرشحي مجلس النواب، وهي (2 في ولاية ماين و3 في ولاية نبراسكا) 12 - رغم أن المندوبين غير مجبرين على التصويت لصالح المرشح الفائز بالتصويت الشعبي داخل الولاية، التي يمثلونها، إلا أنهم في الغالب يتبعون القاعدة "الفائز يحصل على كل شيء"، لكن قوانين 25 ولاية تفرض على مندوبيها التصويت للفائز، بل وتفرض عقوبات متفاوتة عليهم، في حال عدم التصويت لصالح الفائز. بينما تترك بقية الولايات لممثليها حرية الاختيار. 13- في حال عدم حصول أي من المرشحين للرئاسة على (نسبة النصف + 1)، يتم إحالة أسماء المرشحين الثلاثة الأوفر حظاً في تصويت المجمع الانتخابي إلى مجلس النواب للتصويت عليهم. وبواقع صوت واحد لكل ولاية من الخمسين، التي تشكل الخارطة الأمريكية، وطبقًا لهذا التصويت الذي يستند للمادة 12 من الدستور، لا يكون للعاصمة واشنطن اي صوت لأنها غير ممثلة في الكونغرس، بحسب الدستور. 14 - في حال عدم حصول نائب الرئيس على (نسبة النصف +1) يحال أمر اختياره إلى مجلس الشيوخ، حيث يمنح لكل ولاية صوتًا واحدًا من أجل اختيار النائب. 15- أما إذا لم يستطع مجلس النواب اختيار رئيس للولايات المتحدة، قبل حلول موعد التنصيب وهو 20 يناير، فيقوم نائب الرئيس بتصريف شؤون البلاد حتى تمام الأمر. وفي حال عدم الاستقرار كذلك على اسم نائب الرئيس، توكل مهام الرئيس لرئيس مجلس النواب، لحين حسم منصبي الرئيس ونائبه من جانب الكونغرس. 16 - بعكس الكثير من الأنظمة الانتخابية في العالم، فإن تنظيم الانتخابات الامريكية ليس مركزياً ولا تموله السلطات الفيدرالية للبلاد، إلا بقدرِ ضئيلًا للغاية، وإن كان يتم بتزامن وتناسق معقول. وترعى كل ولاية تنظيم وتمويل العملية الانتخابية فيها، وهي التي تختار المسؤولين عن فرز الأصوات، فيما تقوم الدوائر الانتخابية بتنظيم عملية الانتخاب وضوابط التصويت وتحديد مراحله ومواعيده المختلفة. 17 - من أجل منح حرية التصويت لأكبر عدد ممكن من الناخبين، زود النظام الانتخابي الأمريكي الراغبين بالاقتراع بفرص عدة لفعل ذلك، منها التصويت الغيابي، وهو أن يقوم المقترع بتقديم طلب رسمي لتزويده ببطاقة الاقتراع الغيابي، والتي سيتم إرسالها له ليقوم بملئها وإرسالها إلى المجلس الانتخابي لمنطقة سكناه، عن طريق البريد أو الرسائل الالكترونية أو الفاكس، بحسب ما تسمح به قوانين ولايته.