حلل ضباط مخابرات بريطانيون أكثر من 4 آلاف اتصال هاتفي لتكوين صورة لما كانت تخطط له مجموعة من الإسلاميين بتدبير تفجيرات في أنحاء بريطانيا في عام 2004، وبالاشتراك مع من، وذلك ضمن التحقيقات التي كانت تجرى آنذاك. وتقول الأجهزة الأمنية إن المعلومات كانت حاسمة في المساعدة على إجهاض ما كان من شأنه أن يكون أحد أكثر الهجمات دموية في بريطانيا، وعلى تقديم تلك الخلية للعدالة. بعد مرور عشر سنوات، حذرت الشرطة وأجهزة الأمن من أنها تخلفت عن الذين تحاول رصدهم، لأن التطورات التكنولوجية ونمو خدمات مثل "سكايب" و"فيسبوك" جعل المجرمين بعيدا عن متناول أيديهم بدرجة أكبر. وفي إطار رد فعلها، تسعى بريطانيا لإدخال ما يقول منتقدون إنها "أكثر قوانين المراقبة صرامة"، التي تذهب إلى مدى بعيد في الغرب، ويمكنها أن تغير الساحة الدولية في هذا المجال. وستلزم هذه الاقتراحات شركات الاتصالات بجمع وتخزين كميات هائلة من البيانات عن نشاط الإنترنت في بريطانيا. وأثار الوزراء بفعلهم ذلك حفيظة المدافعين عن حقوق الإنسان، ونثر بذور الانقسام داخل الحكومة الائتلافية، وأزعج شركات كبرى مثل "جوجل" و"مايكروسوفت". وقال جاري بوتريدج كبير مسؤولي الشرطة البريطانية بشأن القضية "لا أحد يريد أن يعيش في طغيان. وأنا بالتأكيد لا أريد أن يتلصص الناس على ما أفعل، الأمر يتعلق بالحفاظ على القدرة. إنه لا يزيد القدرة .. إنما يحافظ عليها في مواجهة التغير في التكنولوجيا". ويقول بوتريدج وجميع المشاركين في إنفاذ القانون إنهم غير قادرين الآن على معرفة أي شيء عن 25% من جميع البيانات المتعلقة بالاتصالات، الأمر الذي يعرقل الحرب السرية ضد المتآمرين لشن تفجيرات وأباطرة المخدرات والذين يعتدون جنسيا على الأطفال. ويقر الجميع تقريبا، سواء من المشرعين أو المدافعين عن الخصوصية، بأنه يتعين فعل شيء، لكن محاولة إيجاد حل ممكن من الناحية الفنية لا يتكلف المليارات ولا يتعدى على الخصوصيات أكثر من اللازم، يمثل تحديا. ويتعامل الساسة في أنحاء العالم مع نفس المشكلة، لكن المدافعين عن الخصوصية يقولون إن بريطانيا تذهب لمدى أبعد من أي دولة ديمقراطية أخرى. وبعض الدول مثل فرنسا والدانمرك أبدت اهتماما بسن قوانين جديدة، لكن أغلب الدول أحجمت عن ذلك حتى الآن. وقال جوس هوسين المدير التنفيذي لمؤسسة برايفسي إنترناشيونال "بريطانيا هي أول من تحرك في هذا الاتجاه. إذا نجحت بريطانيا فإنها ستكون قد غيرت المشهد لبقية العالم". وإذا أرادت السلطات البريطانية في الوقت الحالي معرفة تفاصيل بشأن من كان يتحدث إلى من، فإنه يتعين عليها أن تتقدم بطلب إلى ضابط كبير بالشرطة أو المخابرات يمكنه أن يوافق على الطلب دون الحاجة إلى الحصول على تفويض بذلك.