«إحنا ماضيين على عقد فيه أسمائنا وبياناتنا.. العقد مكتوب فيه.. الكلام ممنوع فى 3 موضوعات.. محدش منكم يتكلم فى «الدين أو الجنس أو السياسة».. إحنا من أول يوم جينا هنا.. والست المديرة «شديدة».. ومش أى حد يشتغل ويرد.. كنا قاعدين فى الشقة ونرد على التليفونات ب«نفسر أحلام»، ونتكلم مع المتصلين فى قصة الأبراج وكده.. لكن قصة «الجنس والكلام البطال» ملناش فيه». هذه رواية واحدة من أصل 17 فتاة وسيدة.. قبضت عليه شرطة الآداب فى الجيزة داخل شقة فى منطقة العجوزة.. التهمة أو الجريمة التى تحرك على أساسها فريق من مباحث الآداب لأول مرة تدخل مصر.. الجريمة ملخصها أن الفتيات والسيدات يجلسن فى شقة بها 5 غرف.. الشقة لا تفتح أبوابها لأحد.. وفى الشارع شاب يجلس فى كشك، يتابع التحركات ويتصل بالمديرة يخبرها بأى قادم أو خطر يحيط بالمكان. وفى كل غرفة، أجهزة متعلقة بالاتصالات والإنترنت.. ترتبط آلياً بأرقام تظهر على قنوات فضائية متخصصة فى عرض فيديوهات إباحية لفتيات.. ويأتيك صوت الفتاة من التليفزيون: «للمتعة.. اتصل بى.. رقمى أمامك على الشاشة».. الرقم دولى وتصل مدة الدقيقة، كما حمل محضر الشرطة، إلى 14 جنيهاً.. وتحصل الفتاة على مكافأة إذا تجاوز عدد دقائق معينة، بخلاف راتبها الذى يبدأ من 2000 جنيه. أول الخيط يقول محضر شرطة الآداب، الذى حرره العميد عمر عبدالعال، مدير الإدارة العامة للمباحث: «منذ 7 أشهر.. كان صاحب شركة يجلس فى منزله.. كان بمفرده وأمسك بيده الريموت كنترول.. وتوقف عند قناة تعرض فقط صوراً وفيديوهات عارية لفتيات.. وظهر له على الشاشة: لو عايز متعة، اتصل بالرقم الظاهر أمامك على الشاشة.. اتصل وبعد تحويل واتباع تعليمات صوتية.. ردت عليه فتاة.. تحدثت بلهجة لبنانية فى البداية.. وبعد دقائق من الحديث ظهرت «مصريتها».. واستمر الحوار أكثر من 20 دقيقة.. وقالت له اسمى نانسى.. وبعد أيام اتصل مرة ثانية وطلب نفس الفتاة «نانسى».. واستمر حوار ال«دلع» لمدة دقائق.. كانت تتعمد أن تطيل معه الكلام.. وتكرر الأمر 3 مرات. 2000 جنيه وجعونى بعدها طلب من الفتاة أن تقابله فى «كافيه»، بأكتوبر.. وفوجئ بأن شكلها يختلف كثيراً عن صوتها الناعم.. وقال لها نصاً: «أنا ما ليش فى السواد ده».. وردت عليه عندى واحدة تناسبك من زميلاتى فى الشغل، -المحضر ما زال ينقل التفاصيل- طلبت منه اللقاء فى «كافيه» بمنطقة المهندسين ومعها الفتاة زميلتها وصديقتها.. قال صاحب الشركة للمقدم محمد حسين عبدالله: «أنا قابلتهم بالقرب من مزلقان أرض اللوا.. قالوا لسه نازلين من الشركة.. بس رفضوا يقولوا هى فين أو اسمها إيه.. وأنا جيت أبلغ، لإنى اكتشفت بعدما دفعت الفاتورة بأن قيمة المكالمات التلاتة اللى عملتهم وصلت إلى 2000 جنيه.. وبصراحة وجعونى»، يسأله الضابط «محمد حسين».. يعنى إنت تيجى النيابة بعدين وتتكلم، مش هتخاف وتقول فضيحة ومراتى وتخلع.. يضحك صاحب الشركة وهو يقول: «مش باخاف.. محسوبك جامد». 7 أشهر بحثاً تبدأ رحلة البحث عن الشركة فى «المحيط» الذى حدده المُبلغ.. يقول الضابط محمد حسين: «دخنا السبع دوخات»، تصدق بالله أول عمارة دخلناها من 7 شهور هى نفس العمارة اللى دخلناها يوم الاتنين اللى فات ومسكنا فيها البنات والمديرة والأجهزة والدفاتر والفواتير والتسجيلات.. قعدنا ندور كتير.. راقبنا شركات وشقق وعمارات.. مسحنا منطقة المهندسين مسح.. لحد أسبوعين فاتوا وشفنا إعلان فى مجلة أسبوعية متخصصة.. مطلوب فتيات ل «كول سنتر».. وبعتنا واحدة من عندنا.. ودخلت وقدمت طلباً للمديرة.. وسألتها: «متجوزة ولا لأ.. مخطوبة.. هتبلغى أسرتك باللى بيحصل فى الشغل».. من الآخر حصلت على معلومات كاملة.. وتأكدنا أن هى الشركة دى اللى بتستقبل اتصالات وبتمرر مكالمات دولية.. وشغالة بنظام «الشيفت».. واحد الصبح وفيه 8 بنات والتانى بالليل وفيه 9 بنات. تصلح.. لا تصلح حصلنا على إذن من المستشار أحمد رفعت، رئيس نيابة العجوزة.. ودخلنا الساعة 3 الفجر.. الشقة بها عين سحرية.. محدش يفتح الباب لأى غريب مهما كان.. كلها ستاير خلف النوافذ والأبواب.. المهم أخدنا معانا -الكلام للضابط محمد-حارس أمن العمارة.. وخبط على الباب وسألوه فيه إيه.. وقال: «الميه بتنقط على الدور اللى تحت.. افتحوا».. وفتحوا الباب وكبسنا عليهم.. وحرّزنا أوراق ودفاتر وكشوفات بأسماء.. اللافت أنه فى مكتب المديرة، لقينا دفاتر مكتوب فيها أسماء بنات وقدامها كلمة: «ذكية ولماحة ولا تصلح».. وتانية مكتوب قدامها: «قالت فى المقابلة إنها تخبر والديها بكل ما يدور فى الشغل ولا تصلح».. وثالثة كتبت أمامها فى الملاحظات: «حالتها صعبة وتصرف على أشقائها وأمها مريضة وفى حاجة للمال وتصلح».. قعدنا واستجوبنا البنات واكتشفنا أن الأجهزة دى موصلة من خلال تقنيات عالية بأجهزة خارجية.. وده بيسهل تمرير مكالمات دولية.. وانتظرنا للساعة 7 الصبح ومسكنا اللى بيشاركوا فى الشيفت الصباحى. مريم وبس اللى اتقبض عليهم، 17 بنت، ومعاهم لبنانى وهو المسئول عنهم وبيقبضهم شهرياً.. وده مشغلهم لبنانى مقيم فى لبنان اسمه يوسف بزى.. والشركة ده فتحت أثناء الانفلات الأمنى بعد الثورة بكام شهر.. واشتغل فيها اكتر من 120 بنت.. والواضح أن البعض منهم مكملش.. ومشيوا بدرى، 8 بنات من المقبوض عليهم، حكوا القصة كاملة: «إحنا الهدف.. نعمل دقائق كتير مع المتصلين.. منهم مصريين وعرب.. والكلام بيبقى فى «قلة الأدب».. وإحنا بنمشى معاهم فى الكلام.. و بعد كده بيطلبونا بالاسم.. التليفون يرن ويقولوا عايزين فلانة.. وإحنا أصواتنا اتعرفت.. بس أكتر واحدة كانت بتطلب هى مريم.. اللى يتصل يقولك: «أبغى مريم».. أو مريم فين.. وكانت هى «حريفة» وبتعرف تتكلم مع أى حد.. وبتعمل أكبر عدد من الدقائق.. ودى سابت الشغل من 14 يوم. لا جنس.. لا سياسة ال 17 فتاة.. اتحولوا إلى نيابة العجوزة ومعاهم الشاب اللبنانى.. وهناك الوضع اتغير.. كانت الإجابة موحدة.. اسمى فلانة وشغالة فى شركة: «.. .. .. »... و كان ممنوعاً علىّ أتكلم فى الجنس والسياسة والدين.. الست المديرة شديدة وتمشينا.. ويصل الاستجواب إلى رقم 17 والإجابة لا تتغير: «لا جنس.. لا سياسة.. لا دين».. معرفش.. محصلش.. مين قال كده.. وتستمر الاستجوابات دون نتيجة.. وتستدعى النيابة المُبلغ.. ويلتقى المحقق والذى يقول له: «تعرف البنتين اللى قابلوك» .. يرد أيوه يا باشا وأطلعهم من بين ألف.. و تقف ال17 فى عرض قانونى.. أى يقفن فى طابور بالعرض.. ويتم مواجهتهن بالمبلغ.. ويشير إلى 2 منهن بكل ثقة.. وتعيد النيابة المواجهة والعرض 4 مرات.. وتحدث نفس النتيجة.. المبلغ يشير إلى فتاتين فقط وهو يقول لوكيل النيابة: «أيوه يا باشا.. هم دول.. الأولى دى كلمتها كتير وقابلتها فى أكتوبر والتانية جت معاها فى تانى ميعاد بميدان لبنان».. وتنكر الفتاتان الاتهامات. 4 اتهامات النيابة توجه عدة اتهامات للفتيات والسيدات المقبوض عليهن.. الأولى هى التحريض على الفسق والفجور.. واستخدام وسائل الإنترنت بشكل مسىء.. وتمرير مكالمات دولية بغير وجه حق.. وممارسة أفعال فاضحة.. ويقرر المحقق حبسهن ومعهن الشاب اللبنانى 4 أيام.. قبل أن يصدر قرارمن قاضى المعارضات بإخلاء سبيل جميع المتهمين.. اللبنانى بكفالة 48 ألف جنيه.. و 2000 جنيه كفالة لكل فتاة.. وترسل النيابة التسجيلات لفحصها وتستدعى خبيراً من الإذاعة والتليفزيون لتفريغ محتويات التسجيلات.. ويقف جميع المقبوض عليهم فى قسم شرطة العجوزة.. داخل الحجز.. و يخرج المأمور العميد نبيل عبادة.. هنطلع إمتى يا باشا.. ويرد: «هتطلعوا بعد الأوراق ما تستوفى».. ويسألهم من خلف نظارته الطبية.. انتوا تهمتكم إيه ويردون فى صوت جماعى واحد.. اتهامات إيه.. إحنا ماضيين على عقود.. بتقول ممنوع الكلام فى الجنس والسياسة والدين.. إحنا ملناش فى «الكلام البطال» ده يا باشا.