كان يبدو من الوهلة الأولى أنه شخصية غير عادية، إلا أن جميع من حوله استهان به حتى أصبح رقماً مميزاً فى تاريخ العظماء الذين حكموا مصر، إنه الزعيم الراحل محمد أنور السادات. طابت ذكراه حياً وميتاً، السادات الذى عاش حياة صعبة وعانى من الفقر، إلا أنه استطاع إنهاء دراسته الثانوية عام 1936، ولحسن حظه أنه فى نفس السنة كان النحاس باشا قد أبرم مع بريطانيا معاهدة 1936، وبمقتضى هذه المعاهدة سمح للجيش المصرى بالاتساع، وهكذا أصبح فى الإمكان أن يلتحق بالكلية الحربية، حيث كان الالتحاق بها قاصراً على أبناء الطبقة العليا، والتحق بالأكاديمية العسكرية فى سنة 1937، وهذه الأحداث هى التى دفعته إلى السياسة. لذلك فور تخرجه انخرط فى الكفاح لطرد الإنجليز من مصر، وفى سبيل ذلك تحالف مع الألمان ثم اشترك فى مقتل أمين عثمان وزير المالية فى وزارة النحاس باشا؛ لأنه كان صديقاً لبريطانيا وكان من أشد المطالبين ببقاء القوات الإنجليزية فى مصر، وتم اعتقال السادات وإيداعه بسجن الأجانب، ثم تم فصله من الجيش وفى سنوات سجنه تعلم كيفية الصبر والقدرة على الخداع وبعد هروبه من السجن عمل سائقاً وغير ملامحه حتى تم إلغاء الأحكام العرفية وانتهت فترة اعتقاله وفقاً للقانون. عاد إلى منزله بعد أن قضى 3 سنوات بلا مأوى، ولكنه لم يندم؛ فكله يهون من أجل مصر.. ولأن السادات كان قمة فى الدهاء والذكاء فهو أول من انتبه لمكر الإخوان وأن مصلحتهم الخاصة تأتى فوق مصلحة مصر، اتخذوا ستار التدين وسيلة للوصول لأطماعهم الخاصة، كل هذا اكتشفه مبكراً عندما أهدته الصدفة لقاء مع مرشدهم الأكبر حسن البنا فى يوم بمناسبة المولد النبوى، وجاء شيخ ليلقى خطبة بتلك المناسبة على جنود معسكر يقع على أطراف القاهرة، وكان السادات هو قائد هذا المعسكر فتعرف على البنا وأعجب بأسلوبه، ولكن كلما كان السادات يطلب من البنا مساعدة للحركة الوطنية ضد الملك والإنجليز يراوغه البنا ويهرب منه، واغتيل البنا وجاء بعده الهضيبى وذهب إليه السادات وطلب منه الاشتراك فى ثورة يوليو، فرفض الهضيبى الذى كان معروفاً بولائه للملك فاروق، وقامت الثورة ونجحت بدون الإخوان الذين حاولوا بعد ذلك إفسادها فتآمروا مع محمد نجيب ضد عبدالناصر وتآمروا مع الإنجليز للقضاء على الثورة ومحاولات للانقلاب على الثورة باسم الدين، وكشفت تلك المؤامرات ونكل بهم الزعيم جمال عبدالناصر حتى جاء السادات رئيساً وقرر فتح صفحة جديدة معهم، وجاء بعمر التلمسانى مرشدهم فى ذلك الوقت وأخبره أنه سيسمح لهم بممارسة السياسة ولكن فى النور، وأنه سوف يعينه نائباً بالبرلمان، ولكن كعادتهم يعشقون المؤامرات والعمل فى الظلام ولا فائدة منهم، حيث اكتشف السادات أنهم يدبرون محاولات للتخلص منه وهنا أدرك أن الإخوان عداؤهم مستمر لثورة يوليو وجيش مصر، فقال مقولته الشهيرة «مفيش فايدة فى الإخوان وأن مكانهم السجون فهم خطر على أمن مصر» وأبلغ دليل عندما دعا محمد مرسى قتلة السادات للاحتفال بنصر أكتوبر مع استبعاد أبطال هذا النصر وكأنهم هم من حاربوا وقدموا شهداء من أجل مصر.. رحم الله السادات، كان عظيماً ويكفى أنه قدم أخاه شهيداً لمصر فى أكتوبر 73 ثم لحق به شهيداً بعد أن حرر كامل التراب المصرى، واستشهد السادات على يد مهووس تخرج من مدرسة تحمل فكر وبصمة الإخوان.. بالله عليكم ماذا قدم الإخوان لمصر من البنا إلى بديع؟