عشوائية المكان لا تتفق مع تجارته التى جرت العادة أن يكون زبائنها من رجال الأعمال وأصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية، فلحوم الغزلان التى اشتهر ببيعها لم يكن الفقير يحلم بتذوقها، وكان يشاهدها فقط فى وسائل الإعلام، لذا قرر «حسن الناصح»، أو التاجر الشجاع كما يطلق على نفسه، أن يحارب غلاء أسعار اللحوم، ببيع لحوم الغزلان. «أنا جزار ثورجى شجاع، باحب الرخص وأرضى بأى رزق»، قالها حسن الذى تطل من وجهه نظرة مصرية أصيلة، ترجع إلى جذوره الصعيدية، حيث ينتمى إلى محافظة قنا، عاش فى القاهرة، وعمل بمهنة تجارة اللحوم منذ 50 سنة: «باتاجر فى الغزلان والنعام والعجول البقرى والجاموس، وباحارب الغلاء من سنة 1983، عشان أنا باجيب من المنبع، تحديداً من المزارع». الطريقة التى توصل لها حسن لمحاربة جشع الجزارين، هى بيع لحوم الأغنياء مثل الغزلان والنعام بسعر منخفض عن سعره الأصلى، فيكون مقارباً لسعر اللحم البقرى، من هنا ينصرف الناس عن شراء اللحم البقرى غالى السعر، ويقبل على لحوم الأغنياء، فلا يجد بقية الجزارين وسيلة لترويج بضاعتهم، سوى خفض الأسعار. «بابيع كيلو لحم الغزلان ب180 ج، رغم أنه يباع ب420 ج برّا، ولحم النعام اللى بيتباع ب220 بابيعه ب70، الفقير طول عمره بيشوف الحاجات دى فى التليفزيون، فبدل ما يشترى لحم بقرى عادى ب70 جنيه بيحّوش شويه ويشترى غزلان ويتمتع بيها زى الأكابر»، قالها حسن مؤكداً أن سلوكه هذا كان سبباً فى تعرضه كثيراً لأذى أقرانه من التجار. حرص عم حسن على الغلابة، دفعه لبيع دهن النعام مجاناً، لعلاج آلام المفاصل والظهر: «التجار بيبيعوه ب200 جنيه وأنا ببلاش صدقة لله». رغم الزحام الذى تتسم به جزارة «قاصد كريم» لصاحبها الجزار الشجاع، الموجودة فى منطقة «أم المصريين»، فإن عم حسن لا يقبل بوجود عمالة بالمجزر، ويكتفى بأبنائه الثلاثة، وهو ما يوفر له ربحا يمكنه من خفض الأسعار، أما بناته، فهو حريص على حصولهن على شهادات جامعية، والطريف أنه يصر على عدم زواجهن من جزار أو تاجر ماشية: «أنا أفضّل يكون زوج بنتى موظف لكن الجزار وتاجر المواشى دايماً جشع وغير متعلم».