تفجرت من جديد أزمة فى العلاقات السياسية بين مصر والمملكة السعودية، على أثر اعتقال السلطات السعودية أحد النشطاء الحقوقيين المصريين المعارضين لسياسات المملكة، أثناء توجهه لأداء شعيرة العمرة، وبصرف النظر عن ملابسات الادعاء السعودى ومدى صحته، فإن تكرار مثل هذه الحالات وصمت كثير من المصريين، من المقيمين فى المملكة أو الزائرين إليها عن سوء المعاملة، ونظم العمل غير الإنسانية (نظام الكفيل)، قد أعادت فتح الملفات المسكوت عنها فى هذه العلاقات. ولعل أبرز ما يثار فى هذا المجال، قدرة لوبى المصالح الذى يعمل لصالح المملكة من الإعلاميين والصحفيين وشركات توظيف العمالة، ورجال الدين السلفيين فى مصر، ودفاعهم بالحق والباطل عن المملكة وسياستها، حتى لو جاء هذا الدفاع على حساب بنى جلدتهم من المصريين، ولعل أولى معزوفات الدفاع تلك، القول بأن مساعدات المملكة لمصر ضرورية، ولا يمكن الاستغناء عنها، وأظن أنه قد آن الأوان لكشف بعض الحقائق الغائبة عن الرأى العام المصرى والعربى والسعودى وهى: 1- أن عدد الحجيج والمعتمرين المصريين إلى الأراضى المقدسة هو من أكبر الزائرين من كافة دول العالم الإسلامى، حيث يزيدون سنوياً على 1.5 مليون شخص، هذا بخلاف المصريين الزائرين من المقيمين فى دول الخليج وبقية دول العالم للقيام بالشعائر الدينية والمقدر عددهم بحوالى 500 ألف أخرين. 2 - وأن حجم نفقات الزائرين المصريين داخل اقتصاد المملكة يقارب 3.5 مليار دولار أمريكى سنوياً ( أى حوالى 20.0 مليار جنيه مصرى). 3 - وبالمقابل فإن حجم تحويلات العاملين المصريين فى المملكة لم يزد على 950.0 مليون دولار عام 2008. 4 - أما العمالة المصرية فى المملكة، فهى تدور حول مليون مواطن، معظمهم من أعلى الكوادر المهنية والتخصصية ( أطباء – مهندسون – مدرسون – محاسبون.. الخ )، أنفقت عليهم مصر مئات المليارات من الدولارات من أجل إعدادهم وتأهيلهم، فجاءت السعودية ودول الخليج لتقطف ثمار هذا الجهد المصرى، وبالمقابل فإن هؤلاء الفرسان المصريين يتقاضون ثلث -وأحيانا ربع- ما يحصل عليه نظراؤهم الأمريكيون والإنجليز فى المملكة. 5 - حجم الاستثمارات السعودية فى مصر لا يزيد على 18 مليار جنيه (أى حوالى 3.0 مليارات دولار) تشكل حوالى 13% من إجمالى حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر، معظمها فى قطاعات السياحة والعقارات والإعلام والبورصة وسوق الأوراق المالية، دون الأنشطة التنموية الحقيقية، أما الزعم بإمكانية استبدال العمالة المصرية بالعمالة الآسيوية والهندية، فله مخاطر كبيرة يعرفها أهل الخليج والسعودية جيداً، فالعالم الآن يطالب المملكة ودول الخليج ببناء الكنائس والمعابد الهندوسية، احتراماً لحق العبادة للعمالة الوافدة إليهم.