من خلف ثقب صغير تطل عيناها العسليتان، تتحدث بثقة وبصوت هادئ ورقيق، يخفي خلفه شخصية ثورية لا تقتنع بالرئيس الإخواني ولا حكم الإسلاميين، لذلك انتخبت الفريق أحمد شفيق لمنصب رئاسة الجمهورية. اختارت نادية عمر أن ترتدي النقاب منذ ثماني سنوات، بالرغم من معارضة أسرتها وزوجها، إلا أنها أصرت وعارضت الجميع، وظلت تبتهل طوال الليل إلى الله وهي تبكي، لتسأله أن يقربها إليه ويزيد من إيمانها، وعندما استيقظت في الصباح أهداها زوجها النقاب الأول. رغم هيئتها التي توحي بالالتزام الشديد، فإنها غير متشددة فكريا، تسمح لابنتها البكرية أن تظل دون حجاب حتى الآن وهي في المرحلة النهائية من الثانوية العامة، لكنها نصحتها "قلت لها ربنا بيقول إيه ورسوله عن الحجاب لكن فى الآخر هي حرة". حاولت نادية، 41 عاما، الخروج أكثر من مرة لمشاركة الناشطات الحقوقيات وقفتهن الاحتجاجية للمطالبة بحقوق النساء من مساواة ومناصب وزارية وزيادة المقاعد البرلمانية، بخاصة وإنها تعيش في شارع 26 يوليو بوسط البلد، ما يجعلها قريبة من الأحداث، إلا أنها دائما ما تصطدم برفض زوجها. نادية كانت تطمح في أن تصبح مرأة عاملة لتحقق ذاتها في المجتمع، ذات مرة وجدت فرصة عمل كسكرتيرة ومرة أخرى مدرسة بحضانة، لكن أحلامها لم تتوافق مع أهواء زوجها الشرقي، الذي رفض نقابها يوما ما ورفض أن تعمل أيضا. السيدة المصرية في رأيها تعاني من القهر والقمع، "الست المصرية مقهورة ومش بس في الشارع ده كمان في البيت، الراجل متحكم ولازم رأيه هو اللي يمشي"، فهي تعيش من أجل تربية أبنائها الثلاثة نزولا على رغبة زوجها. القهر بالنسبة للسيدة نادية وهي أم لثلاث أبناء، فتاة وولدين، تمثل في البداية من أسرتها التي سخرت منها بعد ارتداء النقاب، "كل ما أروح عندهم يقولوا الصندوق الأسود وصل"، ثم رفض زوجها لعملها، هذا بخلاف قهر الشارع من تحرش لفظي يلقيه المارة على مسامعها "فاكرين إنى علشان منتقبة أبقى إخوان". لا أحد يعرف شخصية نادية الحقيقية، كونها منتقبة للتقرب من الله لا يجعلها تنتمي لحزب أو فكر أو طائفة، في الانتخابات الرئاسية اختارت ضمن الجولة الأولى المرشح المستقل حمدين صباحي، ثم في الجولة الثانية قررت أن تنتخب الفريق أحمد شفيق، لعدم ثقتها في مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، "كفاية إنهم أسوأ جماعة بتتكلم باسم الدين". زوجها رجل معتدل غير ملتح، يعمل في مجال الإعلام، ولكن هذا لا يمنعه كرجل شرقي من رفض عملها ومشاركتها في الثورة، قائلا "الحاجات دي للرجالة مش للستات". تتمني نادية أن يعاودها شعور الأمان، الميزة الوحيدة في عصر المخلوع مبارك، من وجهة نظرها، افتقدتها الآن في ظل الحكم الإسلامي، وتعيش مخاوف حقيقية عند خروجها أو أحد أبنائها إلى الشارع، بخاصة بعد تعرض ابنتها للسرقة على يد مسلحين في شبرا، "عشان كده الناس بقت تقول ولا يوم من أيامك يا مبارك". أخبار متعلقة: في اليوم العالمي للمرأة.. 5 وجوه من مصر رجل و8 فتيات في "ثورة البنات": نطالب بتجنيد النساء.. والرجال أيضا يتعرضون للتحرش بالصور| الحاجة تحية "بائعة المشلتت": كنت "متستتة".. ونزلت الشارع أساعد جوزي لما طلع معاش بالفيديو| أم كريم "بائعة الخرشوف": نفسي أسدد ديوني.. ويبقى البلد فيها "أمان" و"فلوس" بالصور| قمر "ماسحة الأحذية": أعرف إن "يوم المرأة" بتطالب فيه "العاملات" بزيادة المرتب