أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن بالغ أسفها لما شهدته البلاد من موجات عنف تجاه المتظاهرين في عدة محافظات، أيام الجمعة والسبت والأحد الماضية، واستمرار سياسة وزارة الداخلية في استخدام العنف المفرط وغير المبرر، واستمرارها في خرق المعايير الدولية لحقوق الإنسان ومخالفة كافة القوانين الوطنية، في ظل حماية الدستور لأبسط حقوق المواطن المصري في التظاهر. وشهدت محافظات الدقهلية وبورسعيد والقاهرة ارتفاع وتيرة العنف المضاد ومحاولات إجهاض النظام للاحتجاجات بالقوة والعنف خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي أسفر عن سقوط ضحايا جدد ينضمون إلى قافلة الضحايا منذ ثورة 25 يناير وإلى الآن، فضلا عن عدم التحقيق الجدي في سقوط هؤلاء الضحايا وانتهاء التحقيقات في الغالب الأعم بأن الفاعل ما زال مجهولا، ما يؤدي إلى عدم توفير العدالة الناجزة للمواطنين. واشارت المنظمة، في بيان لها، إلى استمرار وزارة الداخلية في اتخاذ ذات الموقف المتشدد تجاه المتظاهرين باعتبارهم ضد النظام، وتناست أن دورها حماية المواطنين وليس عقابهم، واستخدمت القوة المفرطة غير المتكافئة تجاة المواطنين المتظاهرين، ولم تحرك الحكومة ساكنا واكتفت بنفي استخدام العنف، وهو الأمر الذي تنافيه الحقائق المذاعة والمنتشرة عبر وسائل الإعلام، من استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والأسلحة المختلفة، وما أكدته وزارة الصحة حول وفاة خمسة مواطنين جراء الأحداث وإصابة أكثر من 586 مواطنا، من بينهم 16 مصابا بطلق ناري في بورسعيد والقاهرة أمس فقط، بخلاف من سبقهم في أحداث المنصورة. وأوضح البيان أن الأمور تفاقمت إلى حد كبير في الفترة الأخيرة، فأصبحت العديد من المناطق خارجة عن السيطرة، ومحافظات تعلن العصيان ولا تقبل بغير الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية؛ اقتصادية واجتماعية وسياسية ومدنية، وهو ما نبهت عليه المنظمة منذ بداية الفترة الانتقالية التي تلت اندلاع ثورة يناير، بضرورة احترام كرامة الإنسان وعدم الحيد عن طريق الديمقراطية وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن. وأكد بيان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن الإدارات الحاكمة المتعاقبة أبت أن تعترف للمواطنين بحقوقهم المتعارف عليها دوليا، وانساقت نحو المنافسة على الحكم وتجنيب المشاركة الفاعلة لأطياف المجتمع، والتضييق على الإعلام وإهدار سيادة القانون، وأغفلت احتياجات المواطن البسيط وترفَّعت عن تحقيق العدالة الناجزة، وهو ما خلق موجة جديدة للثورة ولكن في ثوب جديد من احتجاجات جماعية وإقليمية، أشهرها محاولات الاستقلال لمناطق عدة ومحافظات مختلفة، وإصرار البعض على تحقيق العدالة بالقوة أو التهديد، فالأحداث واضحة والنتيجة ظاهرة لا خلاف عليها، وهي ازدياد الفجوة بين الشعب والحكومة ممثلة في الشرطة، وارتفاع وتيرة العنف، والعودة إلى ما قبل ثورة 25 يناير، في ظل ظروف حرجة اقتصاديا وسياسيا تشهدها البلاد، وازدياد الانقسام حول الحكومة الحالية والنظام الحاكم. ومن جانبه، أعرب حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة، عن أسفه وتعازيه لأرواح الضحايا الجدد نتيجة العنف المفرط من قبل الشرطة، وطالب بضرورة تحكيم القانون وتغليب مصلحة الوطن والمواطنين على المصالح السياسية، مشددا على ضرورة تحقيق مبادئ حقوق الإنسان وتوفير حماية للمتظاهرين سلميا، وليس محاولات تفريقهم بالقوة، والعمل الفعلي لتغيير سياسات وزارة الداخلية وإعادة الهيكلة الفعلية داخل جهاز الشرطة. وطالب أبوسعدة مؤسسة الرئاسة بالتحرك السريع والفوري لحقن دماء المصريين، وإلزام وزارة الداخلية بضوابط التعامل مع المتظاهرين والعمل على حمايتهم بكافة السبل، كما طالب بفتح تحقيق عاجل في تلك الوقائع ومحاسبة المسؤولين قانونا عن إراقة الدماء وإزهاق الأرواح دون مبرر، في مخالفة صارخة للقانون والدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.