سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«جلال»: لا داعى للتوسع فى الاقتراض الداخلى.. والوقت الحالى غير مناسب للتقشف رئيس منتدى البحوث الاقتصادية بالقاهرة ل«الوطن»: حل أزمة الاقتصاد مرتبط بحسم الخلاف السياسى
قال الدكتور أحمد جلال، كبير الاقتصاديين بالبنك الدولى سابقا الرئيس الحالى لمنتدى البحوث الاقتصادية بالقاهرة: إن فرص نجاح الاقتصاد المصرى محدودة للغاية فى ظل عدم وجود توافق بين القوى السياسية بطرفيها المؤيد والمعارض. وأكد «جلال»، فى حوار مع «الوطن»، أن خروج مصر من أزمتها الاقتصادية مرتبط بحل الخلافات السياسية القائمة بين طرفى الصراع، موضحاً أن الحديث عن الاقتصاد لا بد أن يسبقه حوار حقيقى بين السلطة السياسية الحاكمة فى مصر والمعارضة الحقيقية.. وإلى تفاصيل الحوار.. * هل تأخذ الحكومة رأى الخبراء الاقتصاديين فى خطواتها التى تتخذها؟ وهل ترى أن الحوار بين أطراف المعادلة السياسية يمكن أن يحل أزمة الاقتصاد؟ - أى حوار حتى يكون حقيقيا لا بد أن يحضره الطرفان المختلفان، وللأسف لا يجتمع كل الأطراف على مائدة واحدة، ووضع مصر الاقتصادى فى الفترة الحالية «حرج»، ويحتاج إلى الإصلاح فى أسرع وقت ممكن، والحكومات التى أعقبت ثورة 25 يناير كان من المفترض أن تقوم بالكثير من الإصلاحات قصيرة الأجل لتخفيف العبء عن كاهل الاقتصاد المصرى. * ما الحلول التى يقترحها الخبراء إذَن فى ضوء عدم تحقيق نتائج جيدة للحكومات السابقة؟ - الإجراءات والنقاط الأساسية التى تدخل ضمن إطار الإصلاحات قصيرة الأجل كان لا بد من تطبيقها منذ نحو عام ونصف العام، من بينها: استهداف عجز الموازنة وخلق سياسة نقدية أكثر مرونة، فضلا عن استراتيجية موحدة للتعامل مع الإضرابات العمالية، وهو ما لم يحدث طوال الفترة الماضية. * كخبير دولى ومراقب اقتصادى، هل ترى أن الصراع السياسى الدائر حاليا وتراجع التصنيف المصرى أثّرا سلبياً على قرض الصندوق؟ - الظروف التى تمر بها الساحة المصرية ستنعكس بالسلب على المفاوضات الخاصة باقتراض 4٫8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى، وبالتالى على قروض أخرى مرتبطة بإتمام المفاوضات. ومؤسسة «ستاندرد آند بورز» خفضت التصنيف الائتمانى للسندات المصرية قبل شهر تقريبا، بينما خفضت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى تصنيف مصر من الدرجة «+B» إلى «B» بسبب الاضطرابات السياسية القائمة، فيما وضعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى السندات المصرية محل مراجعة. * تدور أحاديث مطوّلة عن وجود اشتراطات سياسية من الصندوق للموافقة على القرض، هل حدث توافق مع هذه الاشتراطات، أم مازالت المشكلة قائمة؟ - ما يتردد من أن صندوق النقد يرهن الموافقة على قروضه بمواءمات سياسية وليست اقتصادية مع الدول المقترضة، لا يعنى أن الصندوق سيغامر بأمواله فى تلك الظروف الصعبة التى تمر بها مصر حاليا، خاصة فى ظل تراجع التصنيف الائتمانى لمصر. مصر تواجه مأزقا اقتصاديا يتمثل فى عجز الموازنة المتفاقم الذى قد يصل إلى 200 مليار جنيه وفقا لتوقعات حكومية، وانخفاض سعر الجنيه المصرى أمام الدولار بشكل غير مسبوق مسجلا 6٫8 جنيه، وتراجع احتياطى البلاد من النقد الأجنبى إلى 15 مليار دولار بعد أن سجل 36 مليار دولار قبيل ثورة يناير، وسعى مصر لإتمام قرض الصندوق الدولى هدفه الأكبر الحصول على ثقة المقرضين الدوليين. * ما درجة قبول صندوق النقد لبرنامج الإصلاح الاقتصادى؟ - برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى قدمته الحكومة فى وقت سابق إلى صندوق النقد الدولى «جيد فى ملامحه العامة»، خاصة أنه برنامج «غير تقشفى»، فالوقت الحالى ليس هو الأنسب لاتباع سياسات تقشفية، وأعتقد أن البرنامج به جوانب اجتماعية؛ ففى الماضى كان يتم الحديث عن محدودى الدخل دون تنفيذ ذلك على أرض الواقع. * فى ضوء توقعات ارتفاع العجز واتساع الفجوة التمويلية، هل ترى أن القروض من مصادر أخرى هى الحل؟ - أنا أرفض أولاً اتجاه الدولة إلى المزيد من الاقتراض الداخلى، وتنشيط الاقتصاد لن يأتى بمزيد من الاقتراض من الداخل، لكن عن طريق الأموال من الخارج، سواء من صندوق النقد الدولى، إذا كان بالشروط المصرية، أو عن طريق الاستثمارات الأجنبية أو الاقتراض من الدول العربية دون المطالبة ب«ثمن سياسى». والاقتصاد المصرى يحتاج إلى ضخ أموال بأقصى سرعة؛ لأن مصر لا بد أن تتبع توازنا بين السياسة النقدية والمالية بما يحقق الأهداف الاجتماعية وليس الأهداف الاقتصادية وحدها. * هل ترى أن إسقاط الدستور أو النظام هو حل سريع للأزمة الاقتصادية؟ - على الرغم من مطالب المعارضة بإسقاط الدستور المصرى الذى تم إقراره ديسمبر الماضى، فإننى أرى أن وجود الدستور يعد فى ذاته أمرا غاية فى الأهمية لما سيحدده من فصل السلطات وتبادل السلطة سلمياً واحترام الأقليات، ولست ضد ما تفرزه الانتخابات سواء كان تياراً إسلامياً أو غيره ما دام الشعب يريد ذلك، لكن الأهم من ذلك هو تأكيد الحريات وتعزيزها.