يشهد اليوم الجمعة بداية ثورة الجياع. وفى نفس الوقت تحركات 24 حزباً وحركة سياسية للمطالبة بمحاكمة النظام. وصباح الأحد يصل العصيان المدنى للإسماعيلية والقاهرة والجيزة والإسكندرية والمحلة الكبرى بعد اكتمال أسبوعه الأول فى بورسعيد. وثورة الجياع طالما حذر منها المراقبون. ولكنها أوشكت أن تصبح حقيقة. اليوم يخرج لميدان التحرير سكان العشوائيات الذين يشكلون أحزمة البؤس المحيطة بالقاهرة إحاطة السوار بالمعصم. يطلع الفقراء الذين نسيتهم النخبة وتجاهلهم الإخوان المسلمين واعتبروهم كأنهم غير موجودين. تخرج المظاهرات من الخصوص وعزبة النخل والمرج ومؤسسة الزكاة وغيرها تحت شعار: يا واكل قوتى. يا ناوى على موتى. فى نفس اليوم يتحرك ممثلو 24 حزباً وجماعة سياسية. تحت شعار: محاكمة النظام. قالوا فى بيانهم الذى دعا للتظاهر: إن جماعة الإخوان لا تمتلك رؤية لمستقبل الوطن ولم تحترم القانون، ما أفقد النظام السياسى شرعيته عندما تعدى على القانون. العصيان المدنى من ذكريات ثورة 1919 ضد المحتل الإنجليزى. يعد تطويراً للمقاومة السلمية التى أرساها فى الهند المهاتما غاندى. بدأ فى بورسعيد وأكمل أسبوعه الأول. وسينتقل إلى القاهرة والجيزة صباح الأحد القادم. وفى الإسكندرية تفكير فى اللجوء إليه. والإسماعيلية والمحلة أعلنتا انضمامها للعصيان المدنى. إن كان يمكن فض المظاهرات بالخسة والغازات السامة والرصاص الحى وميليشيات الجماعة وقوات الأمن بعد أن تم تسليحها وإعطاؤها الرصاص الحى. فكيف يواجهون العصيان المدنى القائم على المقاومة بالسلب؟ أقصى ما يحدث رفع الرايات السوداء على البيوت والمصانع والمصالح الحكومية من قبل دعاة العصيان المدنى. وإرسال بالونات الاستغاثة للعالم كله فى مدن القناة. هكذا وقع الانفصال التام بين الجماعة والشعب المصرى العظيم. لم يستوعبوا سؤال أحمد أمين لهم فى 1954: لماذا تأكلون تفاحكم أخضر؟ بعد الخيلاء والغرور أصبحوا يتوارون عن الأنظار. خسروا أقرب حلفائهم أهم التيارات السلفية: حزب النور. والداعم الأمريكى الأول لهم يعيد النظر فى موقفه منهم. القوات المسلحة تعيش حالة من التذمر لم تحدث من قبل. بعد خبر جس النبض الخاص بإقالة السيسى. وكان رد جيش مصر العظيم مخيفاً. مؤسسة الرئاسة أوشكت أن تتهاوى تحت الاستقالات والإقالات غير القانونية والفضائح التى بدون حدود. والتذمر الشعبى شمل كل أنحاء بر مصر من الإسكندرية إلى أسوان. ومن حدودنا مع العدو الإسرائيلى إلى حدودنا مع الشقيق الليبى. فجر الأمس كانت وكالات الأنباء تتناقل هذا الخبر الحزين: الرئيس المصرى محمد مرسى يدعو لانتخابات البرلمان التى لم يصدر القانون الذى ينظمها بعد. سألت نفسى: ماذا جرى لأقدم دولة فى التاريخ؟. قال ابن إياس المصرى الحنفى فى تاريخه العظيم الذى انتهى باحتلال العثمانيين لمصر: - اشتدى يا أزمة تنفرجى. والأزمة وصلت لآخر مدى. ولا انفراج إلا بانتصار الشعب المصرى البطل.