سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شركات البترول الأجنبية تهدد: المستحقات المتأخرة وعدم وضع قيود على الدولار.. وإلا سحب الاستثمارات من مصر 8 شركات تطالب برفع القيود على سحب «الكاش» بالدولار.. وقيادات مصرفية تتساءل: «هم عاوزينه فى إيه؟»
كشفت مصادر مسئولة ب«البترول» عن تهديد أكثر من 8 شركات أجنبية تعمل فى مجال الاستكشاف والبحث فى قطاع البترول المصرى، ومنها (خالدة، وكويت إنرجى، وأباتشى، ودانة غاز) بوقف عملياتها فى الحقول النفطية بمصر، على خلفية ما وصفته بتضييق الخناق على أعمالها عبر وضع قيود على السَحب اليومى للدولار «كاش» من البنوك، بالإضافة إلى تأخُّر الدولة عن سداد التزاماتها لتلك الشركات، فيما قامت الشركة الألمانية «آر دبليو آى» بالانضمام إلى تلك الشركات للحصول على مستحقاتها المتأخرة لدى الهيئة العامة للبترول. وقالت قيادات مصرفية فى تصريحات خاصة ل«الوطن» إن البنوك لم تعرقل تحويلات شركات البترول للخارج أو لحسابات عملائها فى الداخل، مؤكدين أن قرارات «المركزى» وضع حد أقصى لسحب الكاش يومياً تأتى فى إطار ضبط سوق النقد الأجنبى فى ظل الأزمة الراهنة، لا للتضييق عليها، فهى قرارات تطبّقها المصارف على جميع الشركات العاملة فى السوق المحلية. وقامت الهيئة العامة المصرية للبترول بسداد مليار دولار خلال الأشهر الستة الماضية للموردين الأجانب والشركاء كمستحقات، مقابل توريد المواد البترولية للسوق المحلية، بجانب سداد 23 مليار جنيه من إجمالى الديون المستحقة عليها للبنوك منذ يناير العام الماضى منها 10 مليارات تسهيلات ائتمانية لبنوك محلية. وأوضح مصدر بشركة «دانة غاز» فى تصريحات خاصة ل«الوطن» أن الشركات الأجنبية تنوى التقدُّم بمذكرة إلى «الرئاسة» تطالب بتسديد جميع ديون الهيئة المستحقّة لها مرة واحد، والتى تبلغ 9 مليارات دولار، وذلك بعد فشل نظام الجدولة الذى قدّمته وزارة البترول مع توقُّف الهيئة عن سداد مستحقات الشركات الأجنبية خلال الأشهر الثلاثة الماضية نظراً لعجز فى السيولة المالية. وأضاف أن الشركات لجأت إلى التصعيد عقب الحصول على الكثير من الوعود من حكومة قنديل بخصوص عمليات جدولة المستحقات المالية المتأخرة، إلا أنها لم تنفّذ حتى الآن، وذلك إلى جانب رفض البنوك تحويل مستحقاتها المالية التى حصلت عليها من هيئة البترول إلى مقراتها الرئيسية الأم بالدولار بحجة نقص العملة الأمريكية فى السوق المحلية. وقال إن السبب الرئيسى فى تهديد الشركات الأجنبية هو القيود التى وضعها البنك المركزى على صرف الدولار «كاش» من البنوك، التى تقتضى وضع حد أقصى «30 ألف دولار» للصرف اليومى، وهو ما رفضته الشركات، واتهمت «المركزى» و«الحكومة» بالتعسُّف وتضييق الخناق عليها، وهدّدت بسحب ووقف ضخ استثمارات جديدة فى مصر خلال الفترة المقبلة. وأضاف: «نرفض الحصول على مستحقاتنا بالجنيه أو المستحقات من خلال شيكات مؤجّلة الصرف لحين حل أزمة نقص الدولار فى مصر»، لافتاً إلى أنه لا يمكن تحويل المستحقات إلى الشركة الأم بالجنيه، وأنه فى حالة استمرار الوضع على ما هو عليه فمن المؤكد أننا سنفكر جيداً قبل ضخ استثمارات جديدة فى مصر العام المقبل (2014). وقال إن هيئة البترول بدورها تقوم بتحويل مستحقات الشركات الأجنبية إلى البنوك بالدولار بعد الحصول على كميات الإنتاج من الزيت الخام. وطالبت شركات البترول الأجنبية هيئة البترول بتسديد الديون المستحقّة عليها خلال الأعوام الماضية كاملة، متراجعة عن اتفاق سابق بجدولة تلك الديون، وهو الاتفاق الذى التزمت به الهيئة، وسدّدت الأقساط المستحقّة فى مواعيدها، وفقاً لمصدر مسئول فى وزارة البترول. وأكد الدكتور إبراهيم زهران الخبير البترولى، أن تأخُّر تسديد المستحقّات المالية للشركاء الأجانب جاء نتيجة استمرار سوء الأوضاع داخل وزارة البترول التى لم تصل إليها الثورة حتى الآن، حيث إنها تصرف على المستشارين فقط 6 ملايين جنيه شهرياً، مشيراً إلى خطورة الوضع فى السنوات المقبلة إذا استمر الحال على ما هو عليه، حيث من المؤكد أن تلك الشركات ستقوم بالبحث عن أسواق أخرى فى منطقة الخليج لضخ استثماراتها بعيداً عن السوق المحلية التى لا تحترم تعاقداتها البترولية، حسب تعبيره. وأشار «زهران» فى تصريح ل«الوطن» أن استمرار الأزمة يهدّد قطاع البترول بهروب جماعى للاستثمارات الأجنبية من مصر، حيث يجب على الوزارة أن تجد حلولاً سريعة لأزمة المستحقّات المالية المتأخرة، خصوصاً فى ظل الحصول على حصة الشريك الأجنبى دون مقابل، مشيراً إلى أن بنود الاتفاقيات تنص على حصول الشريك الأجنبى على مستحقّاته بعملة الدولار طبقاً لأسعاره فى السوق العالمية. وقال إن الهيئة لم تف بوعودها بعد اتفاقها مع الشركات الأجنبية العام الماضى فى الحصول على حصتها البترولية من الزيت الخام والغاز الطبيعى لتصديرها إلى الخارج لتحصيل مستحقاتها المتأخرة بدلاً من قيامها بشراء حصة الشريك الأجنبى وعدم تسديدها للأموال المستحقة، خصوصاً أن الشركات لديها التزامات مع المقاولين وشركات الحفر تسدِّدها يومياً لزيادة عجلة الإنتاج. وكانت «البترول» قد اتفقت مع شركات «بريتش بتروليوم»، و«بريتش غاز» البريطانيتين، و«بتروناس»، وهى شركات بترول عالمية، على جدولة مليارى دولار مستحقات لها على الهيئة العامة للبترول. من جهته، قال هشام عكاشة نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إن وضع حد أقصى للسحب اليومى الكاش بالعملات الأجنبية بواقع 10 آلاف دولار للأفراد، و30 ألفاً للشركات، ضوابط أقرّها البنك المركزى المصرى فى وقت سابق لضبط تداول النقد الأجنبى فى ظل الظروف الصعبة التى تعيشها البلاد. وأوضح أن البنوك لم توقف تعاملات شركات البترول على أرصدتها الدولارية، خصوصاً فيما يتعلق بالعملية الإنتاجية والتجارية، سواء محلياً أو مع العالم الخارجى، طالما أرصدتها تسمح بذلك، إلا أنه لا يمكن صرف مبلغ أكبر من 30 ألف دولار للشركة الواحدة فى صورة كاش يومياً. وأضاف: نريد أن نعلم لماذا يحتاجون الكاش؟، فيما يمكنهم التعامُل بشيكات أو تحويل الأموال إلى أرصدة عملائهم من خلال القطاع المصرفى، لافتاً إلى أهمية التحوّل من المعاملات النقدية إلى وسائل الدفع الإلكترونى والشيكات والبطاقات، مشيراً إلى أن البنوك لم تمنع شركات البترول من إجراء أى تحويلات أو إصدار شيكات لحسابات عملائها الداخلية فى إطار حساباتهم. وفى سياق موازٍ قال «عكاشة» إن القطاع المصرفى المصرى لا يستطيع توفير القرض الذى طلبته الهيئة العامة للبترول بقيمة مليارى دولار، منفرداً دون مساهمة مؤسسات تمويل أجنبية فى الوقت الحالى، مشيراً إلى أنه لا يمكن منح جهة واحدة ذلك المبلغ الدولارى الضخم نظراً لأن هناك قائمة أولويات للتمويل بالنقد الأجنبى لدى البنوك، ومنها تغطية واردات استراتيجية مثل السلع الغذائية والأدوية وخامات المصانع وقطع الغيار وخلافه. وتابع أن عدم قدرة البنوك المحلية، سواء منفردة أو مجتمعة، على توفير ذلك التمويل الضخم يرجع إلى أسباب، منها أن المبلغ يتخطى سقف التمويل لأى بنك، بالإضافة إلى ارتفاع مديونية الهيئة لدى البنوك. وقال «عكاشة» إن الوضع الحالى داخل الجهاز المصرفى اختلف عما سبق، وتحديداً فيما يخص القروض المقوّمة بالدولار، وذلك نتيجة انخفاض موارد الدولة من النقد الأجنبى، وتحديداً فى القطاعات الرئيسية مثل السياحة، فى حين أن موارد العملة الصعبة من الصادرات لا تكفى تلبية احتياجات السوق، فضلاً عن خروج استثمارات الأجانب من أدوات الدين الحكومية وسوق الأوراق المالية بمبالغ ضخمة خلال الفترة الماضية إلى جانب توقُّف العالم الخارجى عن ضخ استثمارات جديدة فى السوق المصرية، وهو ما خلق ضغوطاً على الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى من ناحية وضغط على تداول العملة الأمريكية فى السوق المحلية من ناحية أخرى. وأوضح أن نحو 30% فقط من تحويلات المصريين العاملين بالخارج يتم التنازل عنها لصالح البنوك وصرف قيمتها بالجنيه، فيما تفضل النسبة المتبقية صرف الحوالات بنفس العملات التى جرى التحويل بها من الخارج، قائلاً: «إيرادات قناة السويس هى المصدر الوحيد اللى معيشنا حتى الآن». وأضاف أن هناك مساعى عديدة وخططاً من البنوك بالتنسيق مع الوكلاء الخارجيين لتعظيم حصيلة المبالغ المتنازَل عنها من عملاء التحويلات بالعملات الأجنبية، لافتاً إلى أن النسبة ارتفعت لدى البنك الأهلى إلى 33% من الحوالات المتنازل عن عملاتها الأجنبية وصرف قيمتها بالجنيه خلال الأسبوع الماضى. وأشار نائب رئيس البنك الأهلى إلى أنه مع تحقيق الاستقرار على مستوى المشهد السياسى والأمنى، فإن البنوك ستتمكّن، بالتنسيق مع الجهات الخارجية، من توفير التمويل الدولارى اللازم لهيئة البترول وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى. قال محمد عباس فايد نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، فى تصريحات خاصة ل«الوطن» إن البنوك لم تدخر أى جهد فى تلبية متطلبات عملائها من الشركات من النقد الأجنبى لتغطية عملياتها مع العالم الخارجى، سواء كانت بفتح اعتمادات مستندية لاستيراد مواد خام أو تحويل أرباحها إلى مؤسساتها الأم فى الخارج، إذا كانت شركات أجنبية تعمل فى السوق المحلية. وأضاف «فايد» أن البنوك لم تقدم على تقييد عمليات تحويل النقد الأجنبى للشركات إلى الخارج، لافتاً إلى أنه إذا كانت حسابات شركات البترول يتم تغذيتها بالدولار، فإنها تستطيع التعامل عليها والتحويل منها، سواء إلى الخارج أو الداخل أو إجراء عمليات استيراد، إلا أن البنك المركزى وضع حداً أقصى للسحب الكاش اليومى بنحو 50 ألف دولار. وحول تضرُّر شركات البترول من وضع حد أقصى للسحب بالنقد الأجنبى اليومى، تساءل «فايد»: «همّ عاوزين الدولار كاش فى إيه؟»، طالما أن البنوك لم تمنع تحويل أى أرصدة داخلياً أو خارجياً لحسابات الشركات المرتبطة أو حسابات عملائها، لإجراء تعاملاتها التجارية أو الإنتاجية. وحول فشل مفاوضات تدبير تمويل دولارى بقيمة مليارى دولار لصالح الهيئة العامة للبترول، قال «فايد» إن توقُّف المفاوضات يرجع إلى طلب البنوك الأجنبية، التى كان من المفترض أنها ستشارك فى توفير القرض، تأجيل المفاوضات على خلفية حالة عدم الاستقرار السياسى التى تفاقمت مؤخراً. وكان تحالف مصرفى مصرى بقيادة بنكى «الأهلى» و«مصر» يسعى لتدبير تمويل دولارى بقيمة مليارى دولار لصالح هيئة البترول، بالتحالف مع عدد من المؤسسات المالية الأجنبية، ومنها «جى بى مورجان» و«مورجان ستانلى». وأشار نائب رئيس ثانى أكبر بنك فى السوق المحلية إلى أن حجم التمويل المطلوب للهيئة ضخم، ولا تستطيع البنوك المحلية منفردة، توفيره بالكامل فى ظل الأزمة التى تعيشها البلاد من نقص حاد فى الموارد النقدية بالعملات الأجنبية. وأضاف: «كنا ضمن البنوك المرتّبة للتمويل، وحاولنا إنجاح الصفقة مع البنوك الأجنبية حتى آخر لحظة»، لافتاً إلى أن المؤسسات الأجنبية كان لديها استعداد للمشاركة فى القرض قبل نحو شهر، إلا أن ما يحدث على المشهد السياسى أدى إلى تغيير نظرتها إلى السوق، خصوصاً مع انخفاض التصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية. وأشار إلى أن توقُّف مفاوضات القرض ليست له أى اعتبارات اقتصادية على الإطلاق، ولم تبدِ المؤسسات الأجنبية أى قلق تجاه التعامل مع البنوك المصرية، إلا أن أسبابها تتعلق بالأزمة السياسية الراهنة.