سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محللون: قطر تستخدم «الإخوان» لإعادة هيكلة الشرق الأوسط «رويترز»: قوة قطر المتزايدة تثير قلق جيرانها فى الشرق الأوسط.. وعلاقتها بالإخوان «رهان خطر».. ومع ذلك تحرص على فتح أبوابها الدبلوماسية
لم يكن إشعال المتظاهرين فى ميدان التحرير للعلم القطرى، تعبيرا عن غضبهم من دولة تتدخل فى شئون بلادهم والشرق الأوسط، ليمر دون متابعة لهذه الظاهرة الجديدة؛ فالعلم المشتعل هذه المرة ليس العلم الأمريكى أو الإسرائيلى، بل علم قطر التى تستخدم ملياراتها لنشر نفوذها فى الشرق الأوسط فى أعقاب الربيع العربى. وفى الوقت الذى تعتبر فيه الحكومات الغربية ومسئولوها نفوذ حكومة أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، أمرا إيجابيا على وجه العموم، فإن جيران قطر لا يشعرون بالارتياح لهذا التحول فى سياساتها وتدخلها فى شئون الشرق الأوسط. وقالت وكالة أنباء «رويترز»: «فى مصر وليبيا وسوريا، حاولت قطر أن تجد لها دورا بعد الربيع العربى، لكنها وجدت نفسها حاليا ملومة على كثير من الأمور التى جانبها الصواب على المستوى المحلى، خاصة بعد أن أثارت علاقاتها الوثيقة مع الإخوان، باعتبارهم حكام مصر الجدد، قلق دول عديدة مثل الإمارات؛ حيث ما زالت الجماعة محظورة هناك، وأحبطت السلطات محاولة انقلاب مرتبطة بالجماعة هناك». وفى الإمارات، يرى مسئولون أن قطر لديها استراتيجية طويلة الأمد، لاستخدام الإخوان فى إعادة رسم المنطقة؛ حيث قال توفيق رحيم، المدير التنفيذى لمؤسسة «جلوب سايت» الاستشارية، التى تتخذ من دبى مقرا لها: إنه يوجد مزيد من القلق بشأن قطر، والتقدير لها بعد عامين من الربيع العربى. وأضاف: «قبل الثورات، كانت تغلب علىَّ النظرة إلى قطر على أنها وسيط، لكن سياستها الخارجية أضحت فى الآونة الأخيرة أكثر مبادرة، وفى بعض الحالات أكثر انحيازا». ويعتقد محللون ودبلوماسيون غربيون أن زعماء قطر يتلمسون طريقهم وسط الأوضاع الجديدة، ويجربون ليروا ما يمكنهم تحقيقه بالثروة الضخمة التى تجمعت من احتياطات الغاز الطبيعى على مدى الأعوام ال15 الأخيرة، فى حين أن آخرين يرون أنهم يتبعون استراتيجية مدروسة. وقال دبلوماسى غربى، رفض ذكر اسمه: إن ما نراه الآن هو مقامرة كبيرة على مستقبل الشرق الأوسط، رغم أن المؤيدين لقطر نفسها يشعرون بقلق من احتمال أن تتجاوز حدودها، وباتت تُعرف بأنها تفضل أطرافا بعينها على غيرها. وقال آرى راتنر، مستشار سابق لشئون الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية: هناك تقدير واسع للدور الإيجابى لقطر فى المنطقة، لكن فى الوقت نفسه هناك إجماع على أن الطريقة الأفضل لخدمة مصالح القطريين هى الوفاء الكامل بتعهدات المساعدة، والعمل من خلال الحكومات القائمة لا من خلال الأطراف المفضلة لديهم. وأضافت «رويترز»: تعد قطر منذ فترة طويلة بلدا يحوى تناقضات محيّرة؛ فهى من نواح عدة من أكثر دول الخليج محافظة، لكنها أبدت حماساً بشأن التغييرات التى أتى بها الربيع العربى. ومع اشتهار الشيخ حمد وزوجته الثانية الشيخة موزة، بأنها من دعاة الحداثة، فقد رفعا من مكانة قطر بشكل كبير، من خلال إطلاق شبكة الجزيرة واستضافة دورات الألعاب الأسيوية، وطلب استضافة كأس العالم؛ فهى تحرص دائما على إبقاء كل ما تستطيع إبقاءه من الأبواب الدبلوماسية مفتوحا، وتنعم بدورها فى محور العمل الدبلوماسى بالمنطقة. وتابعت: «من بين كل دول مجلس التعاون الخليجى، كانت قطر منذ فترة طويلة الأقرب لإيران، على الرغم من تقربها من واشنطن واستضافتها لقوات أمريكية، وهى تحاول بث روح جديدة فى جهود السلام بين السودان وجماعات التمرد فى دارفور بعرضها تقديم مساعدات للتنمية. وعلى نفس النحو قد تكون علاقتها بالإخوان عملية ومرنة، لكن البعض يعتقد أن قطر أقدمت على رهان خطر بوضع الجماعة فى قلب استراتيجيتها فى المنطقة». ويقول دبلوماسيون: إنه يُنظر إلى الشيخ حمد على أنه متعاطف مع تنظيم الإخوان، فى حين يُعتقد على نطاق واسع أن ولى عهده، تميم بن حمد آل ثانى، أكثر قربا منها. وأبلغ مسئولون كبار من الإمارات نظراءهم الأمريكان بأنهم يعتقدون أن حكام الدوحة يستخدمون الجماعة فى زعزعة استقرار الدول المجاورة. وذكرت برقية دبلوماسية نشرها موقع «ويكيليكس» أن ولى عهد أبوظبى، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أبلغ المسئولين الأمريكان بأن قطر «جزء من الإخوان المسلمين». ورغم نفى رئيس الوزراء القطرى تدخل بلاده فى الشئون الداخلية لأى دولة، فإنه لا أحد يصدق مثل هذه التصريحات؛ حيث كان لتمويل قطر ودعمها المباشر دور أساسى فى بناء قدرة مقاتلى المعارضة فى ليبيا، كما أنها عززت موقفها كداعم مالى لمصر بعد الأزمة الاقتصادية التى واجهها الرئيس مرسى. وتشير «رويترز» إلى أن قطر بدأت تعانى بالفعل نتيجة تصرفاتها؛ فهى تلام فى ليبيا على تنامى التعصب والعنف المنسوبين إلى الإسلاميين إلى حد يزعزع الاستقرار بشكل متزايد، فى حين أنها تجد نفسها فى مصر محصورة بين الاستياء الشعبى من مرسى واتهامها بالإمبريالية الاقتصادية؛ حيث وصف المحتجون اتفاقية لاستثمار مليارات الدولارات فى منطقة قناة السويس، بأنها محاولة للسيطرة على الأصول الوطنية المهمة. ويقول دبلوماسيون: إن المسئولين القطريين فوجئوا بردود الفعل المعادية لقناة الجزيرة، واتهامها بالانحياز للإخوان. وقال محلل مقيم فى الدوحة، اشترط عدم ذكر اسمه: إن القطريين ببساطة لا يفسرون ما يفعلونه بشكل ملائم، ونظريات المؤامرة منتشرة. وأضاف: «من يطرحون أسئلة يقابلون بجدران من الصمت، وهذا لا يقنع مصريا أُصيب لتوه برصاصة فى ساقه فى ميدان التحرير». فى سياق منفصل، ذكرت وكالة أنباء «فرانس برس» أن الائتلاف الوطنى السورى المعارض أعلن أن قطر قررت تسليم سفيره المعين حديثا فى الدوحة مبنى السفارة السورية. وجاء فى بيان الائتلاف: «قررت قطر تسليم مبنى السفارة فى الدوحة إلى نزار الحركى بعد تعيينه سفيرا للائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية فى الدوحة». وأشار البيان إلى أن الحركى واثنين من كوادر السفارة سيعتبرون «شخصيات دبلوماسية رسمية»، وأن المقر «سيرفع فوقه علم الثورة السورية». واعتبر الائتلاف هذه الخطوة «على درجة كبيرة من الأهمية، وسابقة إيجابية جدا تضع دولة قطر فى مقدمة الدول التى اعترفت بالائتلاف الوطنى من حيث الوضع القانونى».