هجوم بالمولوتوف على مسيرة مؤيدة لإسرائيل في كولورادو.. وإصابة 5 أشخاص    الانتخابات الرئاسية في بولندا: المرشح القومي كارول ناوروتسكي يفوز على منافسه المؤيد للاتحاد الأوروبي    طلاب الشهادة الإعدادية بالمنيا يؤدون امتحان مادتى الدراسات الاجتماعيه والتربية الفنية    الابن العاق يقتل والده بزجاجة في شبرا الخيمة بسبب «توك توك»    كيف يتم التقدم وتسكين التلاميذ بفصول رياض الأطفال للعام الدراسي 2026؟    الجيش الروسى يسيطر على بلدة جديدة بسومى    ارتفاع أسعار النفط بعد قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج    مقتل 12 جراء حريق اندلع بمنشأة لإعادة تأهيل مدمني المخدرات في المكسيك    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 2-6-2025 مع بداية التعاملات    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة الإخوان المسلمين
نشر في الوطن يوم 13 - 02 - 2013

«المحنة» فى اللغة، هى البلية أو البلاء الذى يمتحن به الإنسان، و«البلية» التى يُمتحن بها الإخوان اليوم امتحاناً عصيباً هى أنهم يحكمون مصر ويتولون الأمور فيها، وهذا البلاء الذى يصيب الإخوان لم يقع فوق رؤوسهم مصادفة، وإنما سعوا هم إليه سعياً حثيثاً، وتحايلوا وناوروا (من المناورة) حتى وصلوا إلى مبتغاهم.. .فماذا هم فاعلون؟ وكيف يكون أداؤهم؟.. .وما درجة النجاح أو الفشل، بعد أن حمَلوا أنفسهم -بلا شك- بما لا طاقة لهم به!
المدهش فى ذلك الأمر -ابتداء- هو أن بعضاً من أفضل عناصر الإخوان المسلمين، والمتعاطفين معهم، حذروا منه بكل وضوح، وبعضهم فعل ذلك مبكراً للغاية، وفى هذا السياق لا بد أن أشير بوجه خاص إلى التحليل الثاقب الذى تضمنه مقال للأستاذ فهمى هويدى فى جريدة «الشروق» يوم 2 أبريل العام الماضى(2012) بعنوان: «وقعوا فى الفخ»، وذلك عقب إعلان الإخوان المسلمين فى ذلك الوقت عن نيتهم تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية! فى هذا المقال تساءل هويدى: «كيف مر على الإخوان أن الجماعة الوطنية المصرية، بل والمجتمع المصرى بأسره، يمكن أن يحتملوا فى وقت واحد رئاستهم لمجلسى الشعب والشورى والجمعية التأسيسية للدستور ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية أيضاً؟ كيف يقتنع الرأى العام بحديثهم عن المشاركة أو عن زهدهم فى السلطة؟» وبعد هذا التقديم، طرح هويدى عدة أسئلة جوهرية: هل الإخوان جاهزون لحمل المسئولية التى يتقدمون نحوها؟ هل بإمكانهم وحدهم مواجهة تحديات الداخل، وعلى رأسها الأمن والاقتصاد والعدل الاجتماعى؟.. .إلخ.
وفى تصريح ل«المصرى اليوم» فى 3 أبريل 2012، أعرب د.محمد البلتاجى، وهو القيادى فى «الحرية والعدالة»، وعضو مجلس الشعب، عن اتفاقه الكامل مع ما جاء فى مقال هويدى المشار إليه، منوهاً إلى أنه صوّت بالرفض على قرار «الجماعة» بترشيح المهندس خيرت الشاطر لمنصب الرئاسة، على أساس أنه من الظلم للوطن وللإخوان المسلمين أن يتحملوا وحدهم مسئولية الوطن كاملة فى تلك الظروف الحرجة، وتحدث د.كمال الهلباوى فى أكثر من مناسبة عن «أخطاء الإخوان المسلمين»، وذكر مؤخراً فى أحد البرامج التليفزيونية أن جماعة الإخوان «لم تتخيل وجود رئيس إخوانى»، وأن الرئيس محمد مرسى «اختار مستشارين، بعضهم رحل وبعضهم ليسوا من ذوى الخبرة». وفى نفس هذا الاتجاه وفى مقال بعنوان «خطاب مفتوح إلى الإخوان» ب«المصرى اليوم» صباح السبت الماضى (9 فبراير) كتب د.محمد حبيب، القيادى الإخوانى السابق، مقالاً هاماً جاء فيه: «فى رأيى أن إدارة د.مرسى دون المستوى، أصاب وأخطأ فى أمور كثيرة، أعطى وعوداً وحنث فيها، خسر الكثير وخسرت معه الجماعة أكثر»، وأنهى د.حبيب مقاله بالقول: «يجب أن نقر ونعترف بأن العبء أكبر بكثير جداً من الإخوان، ومن التيار الإسلامى بكل فصائله».
علينا إذن أن نعترف بأن عبء إدارة الدولة المصرية، خاصة فى ظل ظروف ما بعد الثورة، لم يكن سهلاً على الإطلاق، وإذا كان هذا العبء قد تحمله الإخوان وحزب «الحرية والعدالة»، باعتبارهم من فاز بالأغلبية فى الانتخابات، فالأغلب أن أداء أى حزب من الأحزاب الأخرى لم يكن سيختلف كثيراً،لو أصر على أن يحمل تلك المسئولية منفرداً، طالما أنه لم يمارس الحكم من قبل! إن الحزب الوحيد الذى كانت له كوادره التى أدار بها البلاد كان هو فقط «الحزب الوطنى» الذى غطت عضويته، شبه الإجبارية، لعدة عقود، الغالبية العظمى من كوادر الدولة المصرية! بصرف النظر عن السياق السياسى لعملهم أو ملامح الفساد التى شابت ممارساتهم، فشئون الحكم -فى النهاية- لا تدار بالسياسة فقط، ولكنها تعتمد على الكفاءات والخبرات المهنية والمتخصصة، نظرياً وعملياً، لذلك فإن المشاركة والائتلاف بين الأحزاب، هى الحل المنطقى الأسلم لذلك المأزق.
غير أن القصور -فى الواقع- لم ينصرف فقط إلى الافتقاد للقيادات والكوادر الفنية والمتخصصة الكافية، فى كافة المجالات(وأقصد بالطبع القيادات من المستوى العالى ذات الأهلية لتولى مناصب وزارية أو إدارية عليا) ، وإنما أيضاً على مستوى وجود «سياسات عامة» ذات ملامح وأولويات واضحة.. . حقاً، إن لحزب «الحرية والعدالة» برنامجه السياسى والانتخابى، ولكنه يظل برنامجاً نظرياً لن يختلف كثيراً عن برامج معظم الأحزاب، التى تدرج جميعها كافة المطالب والقضايا المثارة اجتماعياً، ولكننا لا نجد أبداً «سياسات عامة» محددة (فى التعليم أو الصحة أو الإسكان أو البيئة.. .إلخ) تنطوى على نقلات أو قفزات نوعية تحتاجها مصر بالضرورة!
ذلك -فى تقديرى- عنصر إضافى خفى كامن وراء المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات العديدة التى شهدتها مصر طوال الأشهر الماضية، وبعبارة أخرى، هل إذا كانت حكومة «الحرية والعدالة» قدمت إلى المواطنين سياسات وبرامج طموحة للتغيير، فى أى من مجالات حياتهم، أو إرهاصات بإنجازات ملموسة فى تلك المجالات، أو حتى أى قدرة على إيقاف التدهور فيها، كنا سنرى هذا الخروج الاحتجاجى السهل وراء المطالب السياسية؟
غير أن هذا «القصور الإخوانى» فى إدارة الدولة المصرية بشكل منفرد، الذى اعتبره هويدى «فخاً للإخوان»، ورآه الهلباوى «عدم تهيؤ»، وقدر محمد حبيب أنه -بحق- عبء ثقيل عليهم.. .يستدعى إلى الذهن مفارقة لا تخلو من دلالة، وتعكس -فى الواقع- البعد الثانى الذى أرصده فى «محنة الإخوان»! فالجماعة التى يفترض أنها لا تعترف ب«الدولة» فى سياق أيديولوجيتها الشمولية التى تؤمن فقط ب«الأمة الإسلامية»، والتى ارتبطت بالتعبير الشهير لمرشد الجماعة الأسبق الأستاذ مهدى عاكف (فى حديثه الشهير للصحفى سعيد شعيب فى روزاليوسف فى أبريل 2006): «طظ فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر»!! هذه الجماعة يقدر لها الآن حكم مصر «الدولة» من خلال حزب «الحرية والعدالة»، الذى يفترض أنه -عكس الجماعة- كيان سياسى رسمى ووطنى يمارس نشاطه وفقاً للقوانين المصرية، وعلى الأرض المصرية فقط، وواقع الأمر، أن التداخل بين «أممية» أو «عالمية» الجماعة، وبين «وطنية» الحزب إنما تبدى فى أكثر من مشهد طغى فيه منطق «الجماعة» على منطق «الحزب»، وعلى سبيل المثال، فإن حصار «المحكمة الدستورية»، الذى استمر أياماً طويلة ، على مرأى ومسمع من العالم كله، بلا أى محاولة من الحزب لإنهائه، يعكس، ليس فقط المشاعر العدائية الدفينة لدى الإخوان إزاء المحكمة، وإنما يعكس أيضاً -ضمنياً- استهتاراً بمفهوم الدولة وهيبة الدولة، فالمحكمة الدستورية هى أحد أعمدة السلطة القضائية، والحفاظ على كرامتها وحمايتها هو جزء لا يتجزأ من الحفاظ على كرامة الدولة، والأمر نفسه ينطبق على محاصرة أنصار الشيخ «حازم صلاح أبوإسماعيل» لمدينة الإنتاج الإعلامى، التى أضحت- فى الواقع- رمزاً بل وتجسيداً لتفوق الرصيد الإعلامى ، بكافة عناصره، لدى مصر، بما تضمه من «استوديوهات» وإمكانات هائلة، ومكاتب وفروع للعديد من القنوات الإعلامية التى تغطى المنطقة العربية ، بل والعالم كله، فى كلتا الحالتين أظهر الحزب تبعيته الكاملة للجماعة، وقصوره الفادح عن رؤية مصلحة الدولة والوطن!
أما البعد الثالث المفترض لمحنة الإخوان، فهو ذلك المتعلق بالصراع الذى يجرى فى داخلهم -والذى لم يفلحوا فى الفكاك منه- بين الأجيال، والذى يترتب بالضرورة على الاختلافات والتباين فى الرؤى ومناهج التفكير بين الكبار والشباب، فلا شك أن «السيطرة» على الشباب، وإدماجهم فى الجماعة ، ثم فى الحزب، هى من أبرز ملامح «الإخوان» ، كتنظيم شمولى صارم، ومع ذلك فإنهم لم يسلموا من تأثير الانقسام أو المواجهه الجيلية، والذى تبدى فى خروج شباب من الجماعة، أسهموا بشكل أساسى فى تشكيل حزب «التيار المصرى»، الذى بدأت بعض عناصره تلمع فى الإعلام، والذى بدا أنه -من حيث الجوهر- يمثل النسخة «الشبابية» من حزب «مصر القوية» برئاسة د.عبدالمنعم أبوالفتوح -الذى سبق «إخراجه» من الإخوان- والذى عبر عن اتجاه أكثر انفتاحاً واعتدالاً فى داخل الإخوان، ولا شك أنهم -أى الإخوان- لم يكونوا سعداء بهذا التصدع، ولن يكونوا بالطبع، وعلى أية حال، لم يكن غريباً أن يسعى «التيار المصرى» للتحالف والتنسيق مع قوى «وسطية» أخرى، ليس مصادفة أن أهمها بالطبع حزب مصر القوية.
الخلاصة، هى أن الإخوان المسلمين يواجهون تحديات هى الأهم والأخطر فى تاريخهم كله، بلا أدنى شك، فهل سوف يصمد الإخوان ويستمر صعودهم، أم هم وصلوا إلى القمة التى بدأ الهبوط بعدها بالفعل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.