هناك تكتيكات قتالية يوصى بها تشى جيفارا رجل حرب العصابات، قاصدا بها تحديد الأهداف الثانوية فى ضوء الظروف الحربية الكلية والوسائل الشاملة الموصلة لمثل هذه الأهداف، وهذا يتطلب تفصيلا: 1- معرفة كل شىء عن العدو، عدده وتسليحه وطريقته فى القتال، وطبيعة قيادته، وأهدافه، والمصادر التى يعتمد عليها لبلوغ تلك الأهداف. 2- التركيز دوما على اغتنام ذخيرة من جيش العدو، لسد النقص المزمن فى الذخيرة لدى رجال العصابات. 3- يطلق رجال العصابات النار بحساب، حتى لا تنفد الذخيرة سريعا، وذلك إلى الدرجة التى يستطيع فيها أى مراقب لميدان المعركة التفرقة بين الجيش النظامى ورجال العصابات، فالأول يطلق النار بكثافة. 3- التحلى بمرونة شديدة فى أساليب القتال وأهدافه، حسب تطورات المعركة، والاستعداد لمواجهة أى ظروف لم تكن معروفة أو منظورة، واستنباط تكتيكات قتال متجددة حسب ما يطرأ، ومفاجأة العدو بها، والقدرة على تحويل جميع الوقائع التى تظهر فجأة إلى صالح رجال العصابات. 4- تقسيم المعركة على مراحل، أولاها هى عدم تمكين العدو من القيام بهجوم كاسح، ثم إضعافه رويدا رويدا، فإن تم إنهاكه تقوم العصابات بهجوم مضاد، وتتوغل فى أراضى العدو، لتهاجم مصادر تموينه وطرق مواصلاته، ونقاط مراقبته، وتسعى قدر المستطاع إلى تأخير مراكز عملياته، والوصول إليه من جميع الأطراف، حسب ظروف وقوة هذه العصابات، حتى يتم الوصول إلى «الضربة الشاملة»، التى يتم خلالها الاقتراب من المناطق والمواقع التى يدافع عنها العدو بقسوة وقوة، بعد أن تتحول الحرب إلى حرب مواقع، ويتصاعد معها التحول إلى مستوى العمل الجماهيرى العام وعلى مستوى الدولة بأسرها، الذى يمهد لنصر ساحق. يبدأ هجوم العصابات بالمفاجأة وإلقاء الروع فى نفس العدو، وبشكل لا يسمح له بأن يلتقط أنفاسه، أو تكون لديه القدرة على المقاومة، ثم يتبع ذلك فترة هدوء خادع، يظن معها من تبقى من جيش العدو أن رجال العصابات قد رحلوا، فيخلدون إلى الراحة، ويمارسون روتينهم اليومى فى معسكراتهم، وعلى حين غرة يجدون أنفسهم أمام هجوم جديد مباغت من العصابات، بينما تركز القوة الرئيسية للعصابات على قطع الطريق على الإمدادات والتعزيزات. 5- عدم السماح لجنود العدو بالخلود إلى الراحة، بحيث يشعر أنه محاصر فى كل لحظة من جميع الجهات. 6- فى المناطق الوعرة جغرافيا، والسهلة عسكريا، يجب أن يتواصل الهجوم على العدو ليل نهار، أما فى الأماكن المنبسطة، فيجب أن يكون الهجوم تحت جنح الظلام. 7- الاستعانة بجماعات متعاطفة مع رجال العصابات، أو ثبت قدرتها على المشاركة فى مهام أقل خطورة من عمليات القتال، للقيام بتخريب منظم يرمى أساسا إلى شل حركة جيش العدو، ويثير حالة من السخط العام بين المواطنين ضد النظام الحاكم. 7- الحذر من أى توسيع غير مدروس لجبهة القتال، والاحتفاظ بتحصينات معينة للعمليات، والعمل دوما على تقويتها طوال مدة الحرب، والاهتمام بجميع التدابير الدفاعية كالخنادق والمتاريس وزرع الألغام، وقطع طرق المواصلات. 8- العمل بدأب ووعى كامل على تجنيد ثوار ومقاتلين جدد. 9- حين يتضخم عدد المقاتلين المنضمين إلى رجال العصابات فيجب تقسيمهم إلى فرق، بما يشبه ما تقوم به خلايا النحل أحيانا، حين ترسل بملكة جديدة إلى منطقة جديدة ومعها قسم من الخلية، على أن تبقى الخلية الرئيسية تحت أجدر قائد عصابات، وفى أقل الأماكن خطورة. وتتكرر هذه العملية مع كل خلية جديدة يتضخم عددها. 10- تكوين عصابات صغيرة منفصلة تهاجم الخطوط الخلفية للعدو، وتعمل بنفس الأساليب التى قامت بها الجماعات الأصلية. 11- سرعة الحركة وخفتها، بما يجعل العصابات قادرة على تغيير مواقعها، والانسحاب من مسرح القتال، إذا كان هذا ضروريا، الأمر الذى يجعلها قادرة على تغيير طبيعة القتال، وتجنب أى نوع من أنواع التطويق، الذى يعد الوسيلة الوحيدة لدى القوات النظامية لإرغام العصابات على الدخول فى قتال شرس فى وقت لا تكون فيه مستعدة لذلك. 12- فى حال قتل أحد أفراد العصابة يجب استرداد ما يحمله من أسلحة وعتاد. يجب ألا يعتاد العدو وقتا معينا تقوم فيه العصابات بتنفيذ هجومها، ولا أماكن محددة تستهدفها، بل من الضرورى تنويع ساعات الهجوم والأماكن التى يتم فيها، حتى لا يتمكن العدو من تنظيم دفاعه، أو صنع كمائن لرجال العصابات، كما أن التغيير فى زمان الهجمات وأماكنها يصيب العدو بارتباك، ويؤثر كثيرا على معنوياته. 13- يجب عدم اصطحاب أى أسرى، إن لم تكن هناك تحصينات قوية، ولذا يترك كل من تخلف من جنود العدو فى أرض المعركة، كما يجب العناية بالجرحى. 14- تنقسم المناطق بالنسبة لمقاتل العصابات إلى ثلاثة أقسام، مناطق مرنة، ومناطق خاصة لا يقدر العدو على الوصول إليها، ومناطق يسهل فيها تضليل العدو. ولابد أن تتخير العصابات الأراضى المناسبة التى تقاتل عليها، فإن كانت المنطقة صعبة المسالك لا يقدر الجيش النظامى على التوغل فيها، يجب على العصابات أن تتقدم إلى أماكن يمكن للجيش بلوغها، حتى تستدرجه إلى الاشتباك. أما فى الأراضى غير المناسبة، وهى الأراضى المفتوحة المنبسطة، فيجب أن تنفذ العصابات عملياتها خلال الليل وفى سرعة خاطفة، وتتحرك بعدها إلى مخابئ آمنة. (نكمل غدا إن شاء الله تعالى)