تجرى اللغة الدارجة فى المجتمع المصرى على استعمال لفظ «العربية» للدلالة على المركبة أو السيارة. ولا ندرى ما هو السبب وراء هذه التسمية. وربما يكون ذلك نوعاً من الاستعمال المحرف للفظ «العربة». وعلى كل حال، فإن استخدام اللفظ «عربية» يستدعى إلى الأذهان ما هو منسوب إلى الأمة العربية. ويثير هذا الأمر الشجون فيما يتعلق بحلم تصنيع سيارة مصرية من إنتاج شركة النصر لصناعة السيارات، أو سيارة عربية من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع. ولعل ما يثير الأسى أن يكون العالم العربى حتى تاريخه غير قادر على إنتاج سيارة محلية الصنع. ونعتقد من المناسب فى هذا الصدد التذكير بالسيارة «رمسيس»، ذلك الحلم المصرى الذى انتهى بالفشل. ففى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان شعار المرحلة هو «من الإبرة إلى الصاروخ»، أى تشجيع الصناعة وتطويرها والاعتماد على المنتج المصرى وتحقيق فكرة الاكتفاء الذاتى. ومن أهم المشروعات التى انطلقت فى عهده، هو إنتاج أول سيارة مصرية، أطلق عليها اسم «رمسيس». وبالفعل بدأ إنتاجها عام 1959م، بمعدل إنتاج قليل لا يتعدى ثمانى سيارات يومياً، وتم الإعلان عنها فى عام 1960م، وقدر سعرها فى هذا الوقت بمائتى جنيه مصرى فقط، أى ما يعادل ثلث ثمن أى سيارة أخرى فى نفس الفئة. وقد استطاعت السيارة رمسيس تحقيق نجاح مبهر، ليس لجودة السيارة، وإنما لسعرها الزهيد واستهلاكها القليل للوقود، وأيضاً لتشجيع المنتج المحلى، حيث جسدت هذه السيارة أولى محاولات «صنع فى مصر» ومثلت لجموع المصريين الحلم الذى راودهم فى فترة الستينات. ورغم أن الإعلان الأهم لهذه السيارة فى تلك الفترة هى أنها سيارة مصرية 100%، إلا أن الواقع كان مختلفاً، حيث كان محرك السيارة مصنوعاً فى ألمانيا فضلاً عن أن 70% من مكوناتها مستوردة من الخارج. وقد دعا ذلك البعض إلى الحديث عن الغش والتضليل أو التضليل فى الحلم. إلا أن السيارة «رمسيس» كانت وستظل رمزاً وحلماً لم يكتمل وستظل حلماً انهار سريعاً. فقد تعرضت السيارة «رمسيس» لمنافسة شرسة من العملاق الإيطالى «فيات»، وذلك بعد أن قامت الحكومة المصرية بإجراء يتسم بالغرابة، وهو التوقيع على اتفاقية بينها وبين شركة فيات عام 1963م لتجميع سياراتها فى مصر، بشرط وضع رمز شركة النصر لصناعة السيارات (نصر) على السيارات الإيطالية التى يتم تجميعها فى مصر بأيدٍ مصرية بدلاً من رمز شركة فيات. ونظراً لأنها لم تكن على استعداد كافٍ لمنافسة شركة ضخمة كفيات، فقد دخلت السيارة «رمسيس» فى دوامة الخسائر الاقتصادية، حتى صدر قرار بوقف إنتاجها فى عام 1972م. وهكذا، وعلى الرغم من انخفاض جودتها مقارنة بمثيلاتها من السيارات الأجنبية، ورغم قلة معدل الإنتاج الذى لم يتجاوز ثمانى سيارات يومياً، وبالرغم من أن أكثر من نصف مكوناتها كانت مستوردة من الخارج، إلا أن السيارة «رمسيس» شكلت بداية الحلم نحو إنتاج سيارة مصرية، وكان يمكن لهذا الحلم أن يكتمل إذا تحلت الدولة المصرية بالصبر والعزيمة والإصرار على الاستمرار فى هذا المشروع الوطنى المهم. ويبقى الأمل قائماً فى تكرار التجربة مع تفادى أوجه القصور التى اكتنفت تجربة السيارة «رمسيس».